كتب - حذيفة يوسف : أتى حريق ضخم اندلع عند الساعة الـ5:10 من مساء أمس في السوق الشعبي بمدينة عيسى على حوالي 90% من المحلات الموجودة فيه، إذ التهمت ألسنة اللهب، حسب شهود عيان ما يقارب 650 محلاً في السوق من بين 745 محلاً. وقالت مصادر فضلت عدم الكشف عن اسمها إن: “هناك شبهة جنائية”، مؤكدين وجود “خلاف بين تجار في سوق المفروشات “أصحاب الفرشات”“. واشتعلت ألسنة اللهب بداية في محل للعطور لتنتقل إلى المحلات المجاورة في وتيرة متسارعة لم تستطع آليات الدفاع المدني التي تواجدت في الموقع السيطرة عليها، إضافة إلى احتواء السوق على الأماكن الموجود بها المواد القابلة للاشتعال. وألقت مصادر من التجار اللوم في اشتعال السوق إلى بعض المسؤولين في البلديات وأحد التجار الآخرين وذلك في محاولة منهم لإخفاء أدلة تثبت تورطهم بالفساد حسب زعم التجار. وحضر إلى مكان الحريق وزير البلديات جمعة الكعبي ووزير الصناعة والتجارة حسن فخرو ورئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن الذي أمر آليات الدفاع المدني بعدم مغادرة الموقع لحين السيطرة على الحريق، واستدعى خبراء الأدلة الجنائية لمعرفة ملابسات اندلاعه. وتواجدت آليات الدفاع المدني في الحريق إلا أن سرعة انتشاره نتيجة لوجود مختلف المواد الكيمائية والعضوية القابلة للاشتعال، أدى إلى وصوله إلى السوق كاملاً، وفشلت محاولات الدفاع المدني في السيطرة عليه مبكراً. وساعد في زيادة الانتشار وجود بعض إسطوانات الغاز في الموقع والتي انفجرت بعد فشل محاولات إخراجها، ما زاد الوضع سوءاً خلال بداية اشتعال ألسنة اللهب. وأكد بعض العمال الأسيويين لـ “الوطن” وجود أشخاص افتعلوا الحريق، حيث أوضح أحدهم أنه وبعد اشتعال الحريق في محل العطور، حاول الذهاب إلى حمامات السوق المجاورة لمحل العطور، إلا أن أشخاصاً كانوا متواجدين “رفضوا المساعدة”، وقالوا له إن كل شيء على ما يرام. من جانبهم قال أصحاب محلات في السوق الشعبي إن أحد المسؤولين عن السوق وجه تهديدات بإلحاق الضرر بهم في حال إزالته من منصبه، وذلك إثر كشفهم لبعض حالات الفساد في السوق. وطالبوا بالتحقيق في ملابسات الحادث وسرعة تعويضهم، مؤكدين أن وقوعه مع قدوم الشهر الفضيل يزيد من حجم الكارثة التي تسببت لهم بخسائر جمة. وقال وزير شؤون البلديات والتخطيط العمراني جمعة الكعبي إن الوزارة بانتظار نتائج التحقيق حول ملابسات الحريق وذلك لاتخاذ الإجراءات اللازمة فيما بعد، مؤكداً أن الوزارة ماضية في خطة تطوير السوق وستعيد ترميمه بعد انتهاء التحقيقات. وأعرب الوزير الكعبي، عن أسفه للحادثة التي أجهزت على السوق بشكل كامل، والذي كان من المقرر إعادة تطويره وفق خطة شاملة للوزارة. ووجه إلى سرعة استخدام شاحنات المياه التابعة لوزارة البلديات في مساعدة آليات الدفاع المدني المتواجدة في الموقع من خلال إعادة نقل المياه اللازمة لإعادة تعبئتها في الموقع. من جانبه أعرب وزير الصناعة والتجارة حسن فخرو، عن أسفه لالتهام الحريق السوق كاملاً مما أدى إلى خسائر تجارية فادحة للمواطنين والمستفيدين منه. ورصدت “الوطن” التي تواجدت في الموقع منذ بدء شرارة الحريق “ربكة” في الموقع من قبل الأجهزة المتواجدة، وذلك لعظم الكارثة وسرعة انتشار النيران، ونقص المياه لإطفاء الحريق. وأوضحت الجهات التنفيذية في السوق أن انعدام إجراءات الأمن والسلامة وعدم تفعيل عمل خراطيم الحريق، والتي لم توصل بأي مصدر للمياه حال دون مكافحة الحريق قبل انتشاره، مما يؤكد وجود خلل لم يعالج منذ البداية. وأشاروا إلى أن السوق لا يحتوي على أي طفايات حريق أو رمال أو غيرها أو غرفة للإسعافات الأولية، على الرغم من المطالبات السابقة للتجار بتوفير تلك المواد المهمة، إلا أن البعض تعمد إهمال السوق. وأوضح مسؤولون آخرون أن السوق يعاني الإهمال منذ زمن طويل، ولا توجد ضوابط للمواد المسموح ببيعها أو طريقة تخزين المواد الخطرة، إضافة إلى تجاوز العديد من الباعة وأصحاب الفرشات، ساعد في زيادة انتشار الحريق. وأغلقت السلطات الأمنية الموقع كاملاً باعتباره “ مسرح جريمة” وذلك بالتزامن مع إغلاق الشوارع المحيطة بالسوق والقريبة منه، مما تسبب باختناقات مرورية. وأعاق تجمهر المواطنين عمل السلطات الأمنية، والتي طالبتهم مراراً خلال عمليات الإنقاذ بالابتعاد عن الموقع، الأمر الذي أدى إلى عرقلة وصول بعض آليات الدفاع المدني والشرطة إلى السوق. وأغلقت أسواق رامز أبوابها في وجه المتسوقين على الرغم من عدم امتداد الحريق لها، وذلك لإخلاء الموقع لآليات الدفاع المدني. وشوهدت أعمدة الدخان من مختلف المواقع في المملكة شمالاً وجنوباً، حيث أكد أهالي المحرق مشاهدتهم له، إضافة إلى أهالي الزلاق والرفاعين وجو وعسكر والقادمين من جسر الملك فهد. وتواجد في الموقع العديد من المسؤولين الأمنيين ووزيري البلديات والتجارة والصناعة، والنواب وأعضاء المجلس البلدي ومسؤولين بلديون في موقع الحريق، إضافة إلى المسؤولين السابقين عن السوق. جدير بالذكر أن وزير شؤون البلديات والتخطيط العمراني، أمر بتشكيل لجنة من أصحاب المحلات في السوق الشعبي والمدراء بالبلدية وذلك لمراجعة عقود الإيجارات وبعض القوانين وإعادة تنظيمه وذلك تمهيداً لتنفيذ الخطة الشاملة للتطوير. وأتت تلك القرارات بعد زيارته للسوق الشعبي يوم الإثنين الماضي، إثر شكاوى من بعض أصحاب السوق حول وجود فساد بين بعض التجار والمسؤولين عن السوق، وذلك للتغاضي عن المخالفات وتسهيل “أمورهم” في السوق.