عواصم - وكالات: تمركزت أمس آليات مصفحة وناقلات جند بالقرب من دمشق وذلك للمرة الأولى، فيما تواصلت الاشتباكات بين قوات النظام السوري والجيش الحر لليوم الثاني على التوالي في بعض الأحياء متخذة طابعاً هو الأعنف منذ بدء الاضطرابات، في وقت قال وزير الخارجية الروسي فلاديمير لافروف أن الرئيس بشار الأسد لن يرحل لأنه يحظى بدعم شعبه وعرقلت بلاده مشروع بيان حول مذبحة قرية التريمسة في مجلس الأمن. وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس أن أعمال العنف في سوريا باتت تنطبق عليها تسمية الحرب الأهلية. وقالت “في كل مرة، تحصل فيها أعمال عدائية، يمكن تبين ظروف ينطبق عليها تحديد النزاع المسلح غير الدولي”، وهي تسمية دبلوماسية للإشارة إلى حرب أهلية. وأضاف الناطق في جنيف انه في هذا الإطار “يأخذ القانون الدولي الإنساني أولوية في كل مرة تحصل فيها أعمال حربية”. وهذا القانون يحدد ظروف حماية السكان المدنيين لكن أيضا “حماية أشخاص أوقفوا القتال، على سبيل المثال الجرحى وكذلك الظروف التي يمكن أن يكونوا معتقلين فيها”، على حد قوله. وبعد أن تركزت الاشتباكات يوم الأحد الماضي في الأحياء الواقعة في أطراف دمشق من جهة الغرب والشرق والجنوب، امتدت أمس إلى حي الميدان القريب من وسط العاصمة. وقال المرصد السوري في بيان صدر بعد الظهر “تدور اشتباكات الآن في حي الميدان، وحي الزاهرة، بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة”. وكانت الهيئة العامة للثورة السورية ذكرت في وقت سابق أن “حشودا أمنية وعسكرية اتجهت بعيد السادسة صباحا إلى حي الميدان في دمشق عبر طريق المتحلق الجنوبي” وتضم شاحنات عسكرية مليئة بالجنود و«ثلاثة مدافع مسحوبة مع العربات ومغطاة بشادر أبيض”. وبحسب المرصد وناشطين، شملت الاشتباكات فجرا وصباحا حي التضامن (جنوب دمشق) وحي جوبر (شرق) والمتحلق الجنوبي في حي كفر سوسة (غرب). وترافقت الاشتباكات مع “قصف مدفعي عنيف” على حي التضامن، بحسب ناشطين. وقال الناشط أبو مصعب من دمشق لفرانس برس في اتصال عبر سكايب “لم تحصل اشتباكات مشابهة في دمشق من قبل. 15 يوليو يسجل منعطفاً في تاريخ الثورة السورية”. ومنذ بدء الاضطرابات في منتصف مارس 2011، تعتبر دمشق المنطقة الأكثر تحصيناً من الناحية الأمنية، ولم تحصل فيها إلا مناوشات محدودة، في وقت اتخذ النزاع العسكري طابعاً تصعيدياً ودموياً في مناطق أخرى كثيرة في البلاد. وتشرف الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري، بشكل أساس على أمن العاصمة ومحيطها. وذكرت صحيفة “الوطن” الخاصة المقربة من السلطة من جهتها أن “الأجهزة الأمنية دأبت بالتعاون مع وحدات الجيش خلال الـ 48 ساعة الماضية على ضرب مجموعات إرهابية سعت للتمركز والتحصن في عدد من الأحياء الملاصقة لمدينة دمشق مثل التضامن والحجر الأسود ودف الشوك ونهر عيشة والقدم وكفر سوسة استعداداً لما سموها بمعركة دمشق الكبرى”. وأضافت أن قوات الأمن والجيش اشتبكت مع عناصر هذه المجموعات “وأوقعت بينهم خسائر فادحة ودمرت عددا من أوكارهم واستسلم العشرات منهم لقوات حفظ النظام”. وروى أحد سكان مدينة جرمانا الواقعة على طريق مطار دمشق الدولي للوكالة ذاتها انه “لم ينم طيلة الليلة قبل الماضية”. وقال “كانت هناك ساحة حرب حقيقية، وكانت أصوات القذائف وإطلاق النار تسمع في البلدات الواقعة على طريق المطار حتى ساعات الفجر الأولى”. كما أشار أبو مصعب إلى أن “عدداً كبيراً من سكان حي التضامن نزحوا منه بحثاً عن ملجأ لدى أقارب لهم” في مناطق مجاورة. وذكرت الهيئة العامة للثورة في بيان أن قوات الأمن أغلقت جميع الطرق المؤدية من الغوطة الشرقية في ريف دمشق إلى العاصمة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مدينة قطنا في ريف دمشق تتعرض للقصف من القوات النظامية. ووصف المجلس الوطني السوري المعارض معارك دمشق وحمص بأنها “معارك المصير”. وحمل “الجامعة العربية ومجلس الأمن النتائج الكارثية المترتبة على ما يجري هذه الساعات” في هاتين المدينتين. ولا تزال أحياء في مدينة حمص تشهد قصفا من قوات النظام التي تحاول اقتحامها والسيطرة عليها، يترافق مع اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والجيش السوري الحر، بحسب المرصد وناشطين. وفي أنحاء سوريا الأخرى، قتل 4 مقاتلين معارضين في اشتباكات فجر أمس مع القوات النظامية في مدينة جرابلس في محافظة حلب (شمال). كما قتل شاب برصاص قناص في مدينة دير الزور (شرق). وأوقعت أعمال العنف الأحد 105 قتلى هم 48 مدنياً و41 جندياً و16 مقاتلاً معارضاً وجنوداً منشقين. في موسكو، أكد لافروف قبل محادثات مقررة مع الموفد الدولي كوفي عنان بأن الأسد “لن يرحل ليس لأننا ندعمه بل بكل بساطة لأن قسماً كبيراً من الشعب السوري يدعمه”. واتهم الوزير الدول الغربية بممارسة “ابتزاز” على روسيا لحملها على تأييد عقوبات في مجلس الأمن الدولي ضد النظام السوري. وفي تطور متصل، أصدرت الحكومة السورية قراراً يقضي برفع سعر ليتر المازوت بنسبة 15 بالمئة، بحسب ما ذكرت الصحف الصادرة أمس، وذلك في زيادة هي الثانية على هذه المادة الحيوية خلال شهرين. وفي غضون ذلك، طلب المغرب أمس من السفير السوري المعتمد لديه مغادرة المملكة بـ«اعتباره شخصاً غير مرغوب فيه”. وأكدت وزارة الخارجية والتعاون المغربية أن “الوضع في سورية لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه”. وردت دمشق من جهتها، بخطوة مماثلة وأعلنت السفير المغربي المعتمد لديها “شخصا غير مرغوب فيه”.