بقلم - عبدالجليل العويناتي:

يوم الإثنين الماضي لم تكن حرارة الشمس واشتعال صهدها ليمنع صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة من تفقد أطلال السوق الشعبي وما تعرض له من أضرار بسبب الحريق المؤسف، وتلك، في الواقع، ليست سوى لقطة أخرى وصورة متجددة من صور نهج المتابعة الحثيثة وعلى أرض الواقع لكل تفصيل من تفاصيل الشأن البحريني. هذا النهج الذي لطالما عرفناه لصاحب السمو، وطالما كان علامة بارزة لرجل الدولة والأمير الإنسان في جميع اللحظات الصعبة وفي الملمات والمواقف التي تتطلب تحركاً مسؤولاً وإشرافاً مباشراً من لدن قائد فذ ورجل دولة لا يحول حائل بينه وبين الاهتمام بشؤون أبناء شعبه.

فحين يكون إيمان القائد بمسؤوليته أمام وطنه وأبناء شعبه هو الدافع الرئيس له على التحرك والإنجاز، فإن كل تحرك يبادر إليه، يصبح بحد ذاته إضافة جديدة لمكتسبات الوطن، وكل نشاط يؤديه إضافة عميقة لصورة الوطن الحنون والمزدهر الذي يستوعب جميع أبنائه ويفتح ذراعيه لهم بمحبة وتسامح.

ويوم الثلاثاء، كان سموه يتحدى حرارة الطقس مرة أخرى ولا يكاد يحفل بقسوة شمس الظهيرة، وهو يتفقد سيراً على الأقدام، مرافق حديقة خليفة الكبرى في الرفاع، مدشناً سموه هذه الحديقة كأكبر متنزه في المنطقة الوسطى، وواحدة من أكبر الحدائق والمتنزهات العامة الموجهة بجميع مرافقها لخدمة المواطنين وتوفير أجواء الرفاهية لهم.

والواقع أن هذا النهج القويم الذي عرفناه جميعاً لسمو الأمير خليفة، ورغم ما فيه من مصاعب وتجشم للعناء الكبير، شكل وعلى الدوام مُحركاً وطنياً هائلاً، لقيمة حب الوطن كما تعبر عنها مسيرة خليفة بن سلمان، والإخلاص لأبناء شعبه والاهتمام بمواطنيه. وسموه تصرف على هذا الأساس في كل مرحلة من مراحل هذه المسيرة الحافلة بالإنجازات وبالحب العميق للبحرين الوطن، والبحرين الرسالة، فأثبت سموه دائماً من خلالها أنه رجل وطن قبل أن يكون رجل دولة، وأخضع حكمته ووقته واهتمامه وجهوده كلها لتكون في خدمة الوطن أولاً، ومن أجل زرع المسؤولية عن الوطن في ضمير كل مواطن ومسؤول.

وهذا ما ظهر من جديد يوم أمس في حديقة خليفة الكبرى بالرفاع، وقبله في السوق الشعبي، وقبل هذه وتلك في كل تحرك لسمو الأمير الإنسان، وهو يعبر عن الانتماء للوطن بصفته جهاداً لا يتوقف، ولا تحول دونه قسوة الظروف أو سوء الأحوال، أو شح المقدرات والموارد. وبصفته قرارات مسؤولة يجب أن تخدم الكبير والصغير والغني والفقير والتاجر والمستهلك والمرأة والطفل والطالب والعامل، تماماً كما إنها يجب أن تخدم الحاضر والمستقبل، وتحافظ دائماً على عزة البحرين وتنميتها وثوابتها التاريخية، ورفاهية المواطن وكرامته واعتزازه بوطنه وواجبه نحو هذا الوطن.

ومن المشهور عن صاحب السمو ترديده دائماً أن على القائد الحقيقي أن يعرف عن شعبه ومواطنيه أكثر مما يعرفه مستشاروه ومساعدوه مجتمعين. وهذا ما ظهر يوم أمس أثناء الاحتفال بافتتاح حديقة المحرق، حين كان سموه يلتقي مواطنين يعرفهم سموه بأسمائهم وأسماء آبائهم وأقاربهم ويعرف عن مهنهم ووظائفهم، وكأنه يعيش معهم.. وهو فعلاً يعيش معهم ، في قلوبهم المملوءة بالمحبة للأمير الإنسان وفي ضمائرهم التي تمتلئ بالولاء للقائد الذي يرى في كل إنجاز جديد من إنجازات الوطن إضافة جديدة إلى قوة هذه العروة الوثقى التي كانت دائماً ولاتزال هي رأس مالنا جميعاً في البحرين. إنها العروة التي ربطت ولاتزال بين شعب البحرين وقيادته، وبين أبناء البحرين وعائلاتها، في نسيج واحد، لم تنجح جميع المؤامرات في فسخها أو المساس بها.

والمواطنون في البحرين يدركون تماماً قوة هذه العروة المقدسة، ويشعرون أنها الركن الأساس في ازدهار البحرين وقوتها وعزتها وقدرتها الدائمة على تحدي الظروف والفوز في سباق الحضارة. وهكذا هي حديقة خليفة بن سلمان التي افتتحها سموه يوم أمس. فهي باتساعها وشموخها رمز من رموز العلاقة الوثيقة بين شعب البحرين وقيادتها، وهي بمرافقها العصرية والحديثة رمز على تنمية البحرين ونهضتها، وهي بقصة إنشائها وما تقدمه من خدمات رمز على أن خدمة المواطن وتحقيق رفاهه هما الهدف الأول للقيادة. وهي بحملها اسم الأمير خليفة بن سلمان، رمز على مكانة صاحب السمو في قلوب أبناء شعبه، وفي قلب كل إنجاز وطني بحريني، وتعبير عن محبة أبناء البحرين للأمير الإنسان.

وكانت سيرة سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة ومسيرته، في جميع مراحل حياته تركيزاً حثيثاً على تنمية بلده، وعملاً مستداماً من أجل أبناء شعبه ومواطنيه، وإخلاصاً منقطع النظير من أجل كل مواطن وكل أُسرة بحرينية، بل وكل قيمة بحرينية سامية، وهي مثال حي على حقيقة القائد الذي يجسد الحب الأبوي لأبنائه المواطنين، والقائد الذي يفكر بشعبه ويعمل ليل ونهار من أجل راحتهم ورفعتهم وأمنهم واستقرارهم.

لذلك كان حديث صاحب السمو، يوم أمس، عن حب الوطن، بصفته مقياساً لجودة القرار، وحكمة المبادرة، وحصافة الرأي والدراسة، وتكافل الجميع. حب الوطن بما هو اهتمام بكل مواطن، وبما هو إيمان بكل فرد وبكل إبداع بحريني، وبكل مبادرة وطنية من أجل أن تبقى البحرين، قلباً يحتضن الجميع، وجبهة تبقى مرفوعة على الدوام.

عضو مجلس الشورى