كتب- حسين التتان
الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن في هذه الفترة، تستدعي أعضاء مجلس النواب مضاعفة جهودهم، وعدم الانحياز والارتكان إلى لوائح من الممكن تعديلها وتغييرها في أي فترة. خصوصاً أعمال اللجان والعطلة النيابية التي تستغرق الكثير من عمر المجلس، وتفوت على المواطنين الكثير من المشاريع التي تصب في مصلحتهم.
والمواطن البحريني، يريد أن يقول للنواب، إن: الراحة اليوم حرام، فما يتعرض له الوطن يجب أن يقابل بالصبر والمزيد من الجهد والتعب والتضحيات، ويتساءل: لماذا تتجمد أنشطة وأعمال المجلس لمدة أشهر كبيرة؟.
بعد استعراض مسألة إجازة النواب الطويلة، التي تمتد لخمسة أشهر كاملة، نحن اليوم بصدد مناقشة تعطيل لجان المجلس لمدة شهرين كاملين، والذي تتعطل بسببها توقفها مصالح البحرينيين كافة.
البحريني وحتى المقيم بل وكل من له مصالح معلقة في هذا الوطن، يطالبون النواب بعدم تعطيل لجانه، لأن على طاولة تلك اللجان، مجموعة هائلة من القضايا والملفات التي لم تعالج حتى اليوم، بينما ينتظر الناس انقضاء فترة الإجازة النيابية من أجل النظر في مصالحهم.
تعطل لجان النواب، هذا هو الذي لا يجب أن يكون، على الرغم من وقوف اللائحة الداخلية للمجلس إلى صف النواب.
لا بد من مخرج
رغبة جامحة لدى المواطنين، أن يروا كافة قضاياهم تسير بانسياب، دون معوقات، فهناك عدة شرائح خدمية تنتظر أن تَبُث اللجان في ملفاتهم المتراكمة على مكاتبها، فما عسى أن يقول المواطن هنا؟
المواطنة مريم محمد سالم الكندي تصر على أن لا تتوقف اللجان ولا أي شيء في الدولة، فالبحرين تمر بمرحلة حرجة للغاية، يجب أن ينتبه إليها كل من لديه صوت أو فعل مؤثر نحو البناء.
وتقول الكندي: من المؤكد حين تتعطل لجان المجلس، فإن مصالح المواطنين تتعطل على إثر تعطلها. في هذه المرحلة تحديدا، يجب على الأقل أن لا يكون هنالك توقف كامل للجان النيابية، بل يجب أن تعمل ولو بشكل جزئي، لكن أن يتوقف عملها بالمطلق فهذا أمر غير مقبول.
وترى الكندي أن على الدولة مضاعفة جهودها في العمل على تحسين أوضاع المواطنين في البحرين، فالمسؤولين والنواب لا يعملون بكامل طاقاتهم لصالح الناس، وتقول: نحن في البحرين نطالب أن تتضاعف الجهود المبذولة لرفاهية المواطنين، لا أن تقل، فالبحرين تمر بظرف استثنائي، يحتم على الجميع أن يعمل، وأن لا يعطوا النواب أنفسهم إجازة طويلة الأمد، تتعطل فيها كل المصالح الخاصة بنا كمواطنين، فنحن اليوم أكثر وعيا، ولن نسكت عن أي تقصير يمس حياة المواطن، سواء من الحكومة أو حتى من الجهات التشريعية، فهم كلهم يتحملون تبعات تقصيرهم.
الشاب فيصل الرفاعي، مواطن بحريني وناشط سياسي، يرى أن الحل يكمن في المرونة التي يتمتع بها النواب والدستور. يقول: من الممكن لنا جدا أن نعالج إشكالية تعطل مصالح المجتمع، وتقاطع ذلك مع الإجازة الطويلة للجان مجلس النواب، والتي تمنع مناقشة وتمرير الملفات المهمة، ذات المصلحة الوطنية، فكل شيء باللطف واللين يعالج، وكل شيء بهما يمكن أن يُعدل، كما من الممكن جدا أيضا أن يقوم النواب أنفسهم بتعديل هذا البند من اللائحة الداخلية.
يعتقد الرفاعي أنه يجب إيجاد مخرج أو طريقة، حتى لا تتوقف انعقادات لجان المجلس، خصوصا حين تقتضي الضرورة ذلك، ويؤكد هنا قائلا: إنني لا أرَ أن اللائحة الداخلية للمجلس أو حتى الدستور، فيهما من الجمود ما يمنع مناقشة أو حتى تعديل هذا البند أو ذاك، أو ما يمنع انعقاد لجان المجلس، فاللائحة مرنة وكذلك الدستور، بل كل ما في الأمر حسب ما أراه، أن المسألة تحتاج إلى توافق نيابي، حول ترتيب سلم أولويات القضايا والملفات، وتحديد الحالات الطارئة التي يجب أن يُتفق على أهميتها واستعجالها، وبذلك يحصل التراضي بين النواب أنفسهم، وبينهم وبين اللائحة الداخلية حين يتعلل بعضهم بصلابتها وجمودها، وهذا ما لا أراه.
بين الرغبة والدستور
ولاستيضاح النظام الذي يحكم هذه الإشكالية، ولمعرفة مدى إمكانية عدم تعطّل حركة اللجان بعد فض انعقاد الدور، اتجهنا صوب النواب، للوقوف على هذه الإشكاليات.
النائب خميس الرميحي يقول: يجب على الجميع أن يُدرك، بأنه دور الانعقاد يفض بمرسوم ملكي، في آخر عمر جلسات المجلس، أما بخصوص اللجان فإنها تعمل حتى مع فض انعقاد الأدوار الثلاثة الأولى للمجلس، ولكنها تتوقف لمدة شهرين متتاليين فقط، لكن في حال حدوث طارئ معين، وأراد النواب أن يعقدوا اجتماع لأحدى اللجان، فما عليهم سوى مخاطبة رئيس المجلس بذلك، وبعد موافقته على هذا الأمر، تعقد اللجنة عملها.
ويضيف: أما بعد انتهاء انعقاد الدور الرابع والأخير، فإن أعمال المجلس ولجانه أيضا تتوقف بالكامل، ولا يحق للمجلس مناقشة القوانين والمقترحات، على اعتبار أن هنالك مجلس قادم سوف يُنتخب، وهذا الأمر محسوماً، حسب ما جاء به الدستور وما تضمنته اللائحة الداخلية للمجلس، وهنا تسقط كل المقترحات التي لم تذهب إلى الحكومة أو المقترحات بقوانين، تلك التي لم تأت بعدُ إلى المجلس، وبالرغم من الحديث عن الدستور واللائحة الداخلية، فإنه إذا طرأ أي طارئ يتعلق بمصالح الوطن والمواطنين، فإن أعضاء المجلس لن يتهاونوا في السعي لأجل انعقاد جلسات للجان، بعنوان الصفة المستعجلة، وهذا الأمر حدث سابقاً، ونحن بحكم معرفتنا بمرونة رئيس المجلس، فإنه من المستحيل أن لا يوافق بطلب انعقاد لجنة من اللجان حين يتوقف على ذلك مصلحة الوطن والمواطنين.
ويؤكد الرميحي، أن هذا الأمر ممكن التحقق، ويستشهد الرميحي بالأحداث الأخيرة المتعلقة بالعالم العربي وبسوريا على وجه التحديد، عندما طلب النواب بانعقاد اجتماع طارئ على إثر هذا الأمر، أما اللجان فإنها تعقد إذا اقتضت الضرورة لذلك.
ويقول الرميحي، إن: انعقاد المجلس وفض انعقاده وإعادة انعقاده من جديد بعض الفض، يحتاج حسب الدستور إلى إصدار مرسوم ملكي، ولو اقتضت الضرورة القصوى أن ينعقد، فكل ما سنحتاجه حينذاك، هو في صدور مرسوم ملكي مستعجل لأجل الانعقاد، وهذا أيضا يدخل في دائرة الممكن لا المستحيل.
إجازتنا طويلة لماذا؟
لا يختلف النائب عدنان المالكي كثيرا عن سابقه، لكنه يصر على أن المطلوب حاليا من النواب، هو سعيهم الحثيث لتغيير اللائحة الداخلية غير المنزهة فيما يخص عمل اللجان، وذلك من أجل المزيد من العمل لصالح الوطن.
ويؤكد المالكي أن فض انعقاد المجلس الحالي جاء بمرسوم ملكي، وذلك في تاريخ الخامس والعشرون من شهر يونيو، ويستمر حتى شهر أكتوبر المقبل، لكن اللجان، يتوقف عملها لمدة شهرين كاملين، بدءاً من شهر يوليو الحالي حتى شهر سبتمبر المقبل، وهي كما يراها فترة طويلة للغاية.
ويقول المالكي: في الواقع نحن اليوم في أمس الحاجة إلى إعادة النظر في أمر التوقف الطويل، سواء لجلسات المجلس أو للجانهِ بعد فض الانعقاد، وأطالب شخصيا بتقليص فترة الإجازات، لأنها تعطل مصالح الناس ومصالح البلد.
ويضيف” اليوم لدى مجلس النواب وبالخصوص على طاولة لجانه، الكثير من القوانين والمقترحات المهمة التي لم تناقش بل إن من الضروري مناقشتها.
ويؤكد أن المجلس في فترة عدم انعقادهِ يصاب بالشلل الكامل، وبالتالي يؤدي ذلك إلى شلل حركة الناس وتعطل مصالحهم. وما يجب القيام به من قِبلنا، هو أن نقوم بإعادة المحاولة لإحياء اللجان، حتى مع توقف انعقاد المجلس، على الأقل، في القضايا المهمة والملحة المستعجلة، تلك التي هي موضع حاجات المواطنين.
ويشير المالكي إلى أن اللائحة الداخلية ليست كتاباً مقدساً لا تتغير، وعليه يطالب بتغيير المادة المتعلقة بالإجازات وتوقف انعقاد لجان المجلس، وأن مدة فترة خمسة أشهر، وهي عمر توقف الانعقاد تعتبر طويلة جداً، مقترحاً أن تكون شهرين فقط، ليستطيع فيهما النائب أن يخلد للراحة والاستجمام والسفر، لكن أن تتعطل مصالح المواطنين، فهذا أمر غير مقبول.
ويؤكد المالكي أنه حين تتوقف جلسات المجلس ويتوقف العمل للجانه، فإن مصالح الناس ومشاكلهم لم تتوقف، والدليل على هذا الأمر، كما يقول المالكي، إن الناس ما زالت تتوافد على مجلسه حاملين معهم مشاكلهم المكدسة فوق طاولة لجان المجلس، والتي لم يناقش بعضها أصلاً، وهنا يتساءل قائلاً: هل يعتقد البعض، بأنه حين تتوقف الجلسات، سوف تتوقف حياة الناس وتتوقف مشاكلهم؟.
ويضيف المالكي، أن هنالك الكثير من القضايا الخطيرة ظهرت بعد فض الانعقاد، كان يجب مناقشتها ومحاسبة المقصرين فيها الآن وليس غداً، كقضية اللحوم الفاسدة وزيادة رسوم تجديد رخص العمل وغيرها من القضايا المهمة، فهناك جهات تستفيد وتستغل توقف عمل المجلس، من أجل تمرير مشاريعها وإصدار قوانينها المخالفة للدستور، بالرغم من وجوب عرضها على مجلس النواب!!.
45 يوماً تكفيكم
ليس من حق النواب أن يتحركوا حسب مقاس اللائحة الداخلية للمجلس، ضاربين بعرض الحائط الملفات والقضايا والمصلحة الوطنية عرض الحائط، كما إن إجازة النواب حتى وإن كانت قانونية لكنها غير شرعية. هذا ما يذهب إليه الناشط السياسي بدر الحمادي.
ويقول الحمادي: نحن نؤمن بأن لكل موظف أو عامل في أية دولة من دول العالم وفي أية مهنة كانت، إجازة سنوية، هذا الأمر من المسلمات الطبيعية، لكن حين نأتي نحن كمواطنين إلى إجازة النواب والتي تقدر بخمسة أشهر، فهي في اعتقادنا مدة مبالغ فيها جداً، وهي إجازة غير منصفة ولا عادلة لهذا البلد أو لاستحقاقاته، ففي غضون الأربعة أعوام من عمر المجلس يكون مجموع الإجازات عشرون شهراً، بمعنى أنك تستقطع من عمل النواب ما يقارب العامين، وهذه إجازة كبيرة في ظل دورة انتخابية تقدر بأربعة أعوام.
ويؤكد الحمادي، أهمية إعادة النظر في اللائحة الداخلية للمجلس، وذلك عبر ضبط فترات الإجازات النيابية، بأن لا تتعدى 45 يوماً فقط، أما اللجان فلا بد من وجود ضوابط لمستوى ودرجة أهمية النظر في المشاريع في كل ما يطرح أو يستجد من ظرف طارئ على كل الأصعدة المحلية، وعليه فعلى اللجان أن لا يتوقف عملها، وأن تجتمع على وجه السرعة القصوى، أو حتى يمكن لها أن تستمر، حسب أهمية ومستوى الموضوع المطروح، خصوصا فيما يتعلق بالقضايا ذات الصالح العام، وهذا الأمر يجب أن يكون من صلب قوانين اللائحة الداخلية للمجلس، من أجل النظر في شؤون الناس وحاجاتهم وهمومهم وقضاياهم الملحة.
ويضيف الحمادي أنه ضد كل إجازة نيابية تتعدى الـ 45 يوماً، كما يرفع صوته عالياً ضد تعطل اللجان، خصوصاً لحظة تكدس الملفات المعيشية وغيرها من الملفات الوطنية الساخنة على طاولة اللجان، في الوقت الذي تحتاج جميعها للمعالجة والتداول.
ويقول الحمادي: يجب علينا تعديل اللائحة الداخلية للمجلس، من أجل أن تكون متسقة والمشروع الإصلاحي لجلالة الملك، ذلك أن الكسل واللامبالاة من قبل الأدوات الرقابية التي تحتاج إلى التعديل والتطوير، يعتبر ضد المسيرة الإصلاحية التي نحاول اللحاق بها وتطويرها، كما هو الحاصل في الدول المتقدمة.
لم نحصل مع غلق هذا الملف، من يؤيد تعطيل لجان المجلس النيابي، لأن اللجان هي الروح الحقيقية لأداء المجلس، وهي المطبخ الخلفي لكل القرارات التي تصب في مصلحة المواطنين، فتعطيل هذا المطبخ يعني تعطيل الوجبات المهمة للذين يحتاجون إلى الأكل، فإما أن يتم المطبخ النيابي مفتوحاً طوال العام، أو أن يغلق المجلس لأنْ لا فائدة منه، حين تغلق مطابخ اللجان.