كتب – هشام الشيخ:

السحور والصيام والقرآن والذكر.. ثم مدفع الإفطار والتمر والهريس والثريد والكباب واللقيمات تليها التراويح.. أخيراً قد أظلنا شهر رمضان، بأجوائه المميزة ومذاقه الخاص المفعم بالخشوع والإيمان والألفة والدفء الاجتماعي الذي يجد طريقه تلقائياً إلى الأرواح والقلوب.

وبعد أن كانت الأفئدة تلهج بالدعاء “اللهم بلغنا رمضان”.. انطلقت التهاني برؤية الهلال مؤذنة بانطلاق شهر الصيام الذي يستقبله كل شعب بطريقته الخاصة ويكون له طابعه المميز في الجوانب الشكلية والاحتفالية التي تتطور وتختلف بمرور الزمن، إلا أن القاسم المشترك بين جميع البلدان في رمضان أنه يبقى شهر القرآن والصيام والعبادة والتوبة، ومناسبة لاستحضار الأمجاد والانتصارات، وفرصة للحفاظ على العادات والتقاليد والقيم.

أجواء اجتماعية

يتميز رمضان في مملكة البحرين بالمجالس الرمضانية والزيارات العائلية لتوثيق الروابط وتبادل النقاشات، وتكون فرصة لمزيد من التقارب في الآراء وتقريب وجهات النظر وترسيخ معاني الوحدة الوطنية والتلاحم المجتمعي لاسيما أن هناك العديد من المسؤولين يحرصون على ارتياد مجالس العائلات إضافة إلى مجالسهم الخاصة.

في رمضان يتنافس فاعلو الخير في بذل الصدقات ومساعدة المحتاجين وإقامة موائد الإفطار الجماعية، وتنشط الجمعيات والصناديق الخيرية في جمع التبرعات والصدقات إضافة إلى استعدادات خاصة لزكاة الفطر، وتتبارى تلك الجهات في إقامة أكشاك ومواقع في بعض الشوارع ذات تصاميم إسلامية تراثية ولوحات إعلانية تلفت المارة لتشجيعهم على الإنفاق وتذكرهم بإخراج زكاة الفطر.

عادات تختفي

ومن مظاهر رمضان الأصيلة في البحرين المسحر وهو العادة الرمضانية التي توشك على الاختفاء حيث يطوف الشوارع والطرق لإيقاظ النائمين لإحياء سنة السحور، كما إنه لا يمكن إغفال الغبقات الرمضانية وهي الوجبة التقليدية الليلية، التي ارتبط اسمها باعتبارها فعالية احتفالية رمضانية خالصة.

الأطفال أيضاً لهم نصيبهم في الأجواء الرمضانية، التي تتجلى في الاحتفال بليلة “القرقاعون” التي توافق ليلة انتصاف الشهر الفضيل، يطوفون بين بيوت الجيران بزينتهم وأهازيجهم الشعبية التي تعيد تذكر بكل تأكيد بالعادات والتقاليد الأصيلة.

آلام وآمال

ووسط أجواء البهجة التي تزخر بها هذه الأيام الرمضانية المباركة في مملكة البحرين، وفي ظل وجود العديد من المقيمين من مختلف الأصول العربية والإسلامية التي تحملهم أرض البحرين الطيبة، يصعب تجاهل حقيقة أن شهر الصيام يأتي هذا العام وسط آلام وجراح تئن منها كثير من بقاع العالم العربي والإسلامي، رغم أنه الشهر الذي شهد أعظم الانتصارات قديماً وحديثاً. تصوم فلسطين هذا العام رمضانها الرابع والستين تقريباً وهي مازالت قيد الاحتلال الصهيوني، وسوريا تفطر على قصف مدافع القتل، وعراق عاث فيه الاحتلال الأمريكي تمزيقاً وفتناً، وسودان مقسم ومضطرب، ويمن مثخن بالجراح، وتهديدات إيرانية متربصة بدول الخليج لا تكاد تنقطع، و«بورما” المنسية التي لم يلتفت إليها أحد حيث يذبح فيها الأطفال قبل الرجال، في واحدة من أبشع المجازر التي يتعرض لها المسلمون اليوم، فهل يكون شهر الإيمان والانتصارات هذا العام مناسبة ليراجع المسلمون حساباتهم؟