كتب- أحمد عبدالله:

يستقبل الشعب الموريتاني كغيره من الشعوب المسلمة شهر رمضان بالفرح والابتهاج. ويتبادل الموريتانيون التبريكات والتهنئة مثل: (مبارك عليكم رمضان) وغيرها من عبارات التهنئة والترحيب بالقادم الجديد. ويحرص الموريتانيون على أن يكون التمر أول ما يتناولونه عند الإفطار، ثم يتناولون بعده حساءً ساخناً، وبعد ذلك يشربون من “الزريغ” (خليط اللبن والماء مع السكر)، إضافة إلى تناول كأس من “أتاي” (الشاي الأخضر على الطريقة الموريتانية) قبل أن يذهبوا لتأدية صلاة المغرب. وتعتمد المائدة الرمضانية الموريتانية الأصيلة على 3 ركائز، لا تخلو منها مائدة في بيت من البيوت في رمضان، هي ’’الزَّريغْ’’ و’’أطاجين’’، و ‘’أتاي’’ (الشاي الأخضر).

«الزريــــــــغْ»

«الزريغْ» هو خليط اللبن الرائب أو الحليب مع الماء يضاف له السكر، وهو المشروب الأكثر شيوعاً في كل بيت موريتاني ، ويحظى “الزريغ” بمكانة كبيرة لدى المجتمع الموريتاني خاصة في رمضان، وتقديمه للضيف عادة لا يخل بها الموريتانيون مهما كانت الظروف. ويفضل تقديم “الزريغ” المعروف في اللغة العربية قديماً بـ«المذق” في آنية خاصة به هي أقداح من خشب. كما إن أقداح الخشب هي الأنسب أيضاً لتقديم الحليب الطازج. وإلى جانب “الزريغ” يتناول الموريتانيون في مائدتهم الرمضانية بشكل أساس مادة “النشا” وهي عبارة عن شوربة محلية تتكون من دقيق القمح المخلوط بالسكر والذي يتم طهيه على نار هادئة قبل أن تضاف إليه كمية من الزيت والحليب ليقدم عند وقت الإفطار، باعتباره يساعد على عملية الهضم وله فوائد صحية كثيرة. ولمشروب البيصام (ذي اللون الأحمر القاني) هو الآخر مكانته، ويستخلص “بيصام” من نبتة يتم وضع كمية منها في الماء البارد ليصفى بعد مدة زمنية محددة ويقدم كعصير يفتح شهية الصائم كما إنه مسهل للهضم.

«أطاجـــــــــين»

أما ‘’أطاجين’’ فيتكون من اللحم أساساً والخضروات، وقد يكون من لحم الظهر ـ المفضل لدى الموريتانيين والمعروف محلياً بـ’’الفلكة’’ ـ والبصل، و يحضر بطريقة خاصة تمنحه نكهة لا يجدها الإنسان في وجبات بنفس المكونات، على ما يبدو، خارج موريتانيا. ويؤكل ‘’أطاجين’’ بالخبز ، أما الخضروات المكونة أساساً لـ’’أطاجين’’ عند الموريتانيين، فهي البصل والبطاطس والطماطم، ولكل أسرة أن تضيف بعد ذلك إلى الوجبة ما تفضل من التوابل الأخرى.

«البهارات ممنوعـــــة»

تمتاز الوجبات الموريتانية عموماً بأنها خالية في الغالب من البهارات والتوابل، ولذلك فإن كثيراً من الموريتانيين لا يستسيغون مذاق بعض الأكلات خارج بلادهم، نظراً لاختلاف نكهاتها عن النكهات التي تعودوا عليها. ويكثر الموريتانيون من أكل اللحوم الحمراء في رمضان وحتى في غيره بحكم توافر لحوم الغنم؛ الضأن والماعز ومعها البقر بأسعار غير مرتفعة، إضافة إلى الوفرة الكبيرة في لحوم الإبل والتي تتميز بها موريتانيا عن أغلب البلدان العربية الأخرى.

عـــادات مختلفـــــــة

تختلف عادات الناس في توقيت تناول هذه الوجبة؛ فمنهم من يتناولها مباشرة بعد الفراغ من صلاة المغرب، ومنهم من يُؤخرها إلى ما بعد صلاة العشاء والتراويح، ثم يشربون بعدها “أتاي”. ويحضر غالبية الناس صلاة التراويح التي تقام في كافة مساجد البلاد. ومن خصائص التراويح هنالك أن جميع المساجد تختم القرآن الكريم فيها خلال شهر رمضان.

وفي ليلة السابع والعشرين يختم القرآن الكريم في صلاة التراويح بأكثر المساجد، بينما ينتظر البعض الآخر ليلة الثلاثين من رمضان للختم. وبعد انقضاء صلاة العشاء والتراويح، يعود الموريتانيون إلى المنازل وفي حدود منتصف الليل يتناولون وجبة العشاء، التي غالباً ما تكون وجبة ‘’الكسكس’’، بينما تختلف العادات حول السحور. وفي شهر رمضان المبارك تزدهر مجالس العلم والشعر وتنشط حركة التزاور بين الأسر والعوائل والأصدقاء وصلة الرحم في موريتانيا، وهو أكثر شهور السنة نبضاً بالحياة وحضوراً للمعاني الروحانية لدى الجميع.

السحــــــــــور

في الوقت الذي يفضل فيه البعض عدم تناول وجبة أكل لدى السحور والاكتفاء بشوربة خفيفة التماساً للبركة، يخصص آخرون وجبة للسحور تتكون تارة من الأرز والحليب، ويسميه البعض “كوسي”، أو من الأكلة المعروفة محلياً بـ(العيش) وهي عصيدة من أحد أنواع الحبوب المتوفرة؛ الذرة أو الدخن أو غيرهما.

أطبــــــاق إضافيــــــــة

هذه هي أهم الوجبات التي كان الموريتانيون يعدونها ويتناولونها خلال شهر رمضان ولا تزال كلها أساسية إلى اليوم. وخلال الفترات الأخيرة ومع التحولات التي شهدتها البلاد والتطور الذي حصل في المجتمع بدأت ألوان جديدة من المواد والوجبات والأطعمة المختلفة تغزو السفرة الرمضانية الموريتانية، لم تكن معروفة في السابق مثل السمك (وهو متوفر بكثرة في الشواطئ الموريتانية وأحد المواد المعتمدة خارج شهر رمضان)، وبدأت الأسر الموريتانية ولا سيما تلك الميسورة تضيف أطباقاً متنوعة على موائدها الرمضانية مثل “ الشباكية “ وشوربة “ الحريرة”، إضافة إلى أنواع أخرى لم تكن معروفة لدى السكان من قبل.