فيتو روسي صيني ضد قرار عقوبات نظام الأسد وسط تنديد غربي

عواصم - (وكالات): تسارعت وتيرة التطورات السياسية والعسكرية في سوريا أمس غداة مقتل 3 من أركان النظام، مع استخدام قوات النظام الدبابات لاقتحام أحياء في العاصمة وسيطرة مقاتلي المعارضة على الحدود مع العراق ومعبر حدودي مع تركيا، في حين منع فيتو روسي صيني مزدوج مجدداً صدور قرار دولي يهدد بفرض عقوبات على دمشق وسط تنديد غربي للقرار، بينما قتل المئات برصاص قوات الرئيس بشار الأسد خلال الـ24 ساعة الماضية.

وعشية انتهاء مهمة بعثة المراقبين الدوليين في حال لم يجدد لها مجلس الأمن الدولي، وهو ما لم يحصل أمس، برزت شكوك حول استمرار مهمة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية المشترك إلى سوريا كوفي عنان، لاسيما وأن البيت الأبيض حذر من أن الفيتو يعني أن مهمة عنان “لا يمكن أن تستمر”.

وغداة مقتل وزير الدفاع داوود راجحة ونائبه صهر الرئيس السوري آصف شوكت ورئيس خلية إدارة الأزمة حسن توركماني في تفجير استهدف مبنى الأمن القومي في دمشق، بث التلفزيون الرسمي السوري لقطات للرئيس بشار الأسد وهو يستقبل وزير الدفاع الجديد العماد فهد الجاسم الفريج، الذي أدى اليمين الدستورية أمامه.

وصرح مصدر أمني في دمشق أن “جنازة وطنية” ستنظم اليوم للمسؤولين الأمنيين الثلاثة الذين قتلوا أمس الأول.

وغداة تبنيه العملية النوعية غير المسبوقة في دمشق، حقق الجيش السوري الحر إنجازاً نوعياً بتمكن مقاتليه، للمرة الأولى منذ اندلاع الانتفاضة في منتصف مارس 2011، من السيطرة على معابر حدودية مع كل من تركيا والعراق. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مقاتلي الجيش الحر، المكون من جنود منشقين ومدنيين يقاتلون إلى جانبهم، سيطروا على معبر تل الهوى الحدودي مع تركيا.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن “مقاتلين من الكتائب الثائرة سيطروا على معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية في محافظة إدلب وحطموا صوراً لبشار الأسد بعد انسحاب القوات النظامية من هذا المعبر”. من جانبه أكد الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية العراقية عدنان الأسدي أن الجيش السوري الحر بات يسيطر على كل المنافذ الحدودية بين العراق وسوريا. وكان ضابط برتبة مقدم في قوات حرس الحدود العراقية قال “رأينا العلم السوري يستبدل بعلم الجيش السوري الحر، ورأينا مسلحين بلباس مدني يجوبون معبر البوكمال”، فيما قال مصدر أمني حدودي “وصلتنا معلومات أن معبر البوكمال أصبح تحت سيطرة الجيش السوري الحر”. بالمقابل حاول النظام إحكام قبضته على الأحياء الثائرة ضده في دمشق، واستخدم لهذه الغاية للمرة الأولى في العاصمة، الدبابات لاقتحام حي دمشقي، بحسب المرصد. وقال عبدالرحمن إن “القوات النظامية اقتحمت بأكثر من 15 دبابة الشارع الرئيسي في حي القابون الدمشقي”، مضيفاً أن ناقلات الجند المدرعة استخدمت في الاقتحام أيضاً. ولفت إلى أنها “المرة الأولى التي تستخدم فيها القوات النظامية الدبابات في اقتحام أحياء في العاصمة”، مضيفاً أن هناك “مخاوف من عمليات قتل جماعي في الحي”.

وكان مصدر أمني في دمشق وصف المعارك التي تدور بين الجيش النظامي والمقاتلين المعارضين في القابون والميدان بأنها “عنيفة”، مشيراً إلى أن هذه المعارك “ستستمر خلال الساعات الـ48 المقبلة لتنظيف دمشق من الإرهابيين مع بداية شهر رمضان”. وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أنه بعد تفجير مبنى الأمن القومي أصبح الجيش النظامي “مصمماً على استخدام كل أنواع الأسلحة المتوفرة لديه للقضاء على المسلحين في دمشق”، مشيراً إلى أن الجيش “طلب من السكان الابتعاد عن مناطق القتال في حين أن الإرهابيين يحاولون استخدامهم كدروع بشرية”.

من جهته أفاد الناشط أحمد الميداني من حي الميدان الدمشقي أن “أكثر من 75 قذيفة هاون ودبابات سقطت على الحي أمس”، مشيراً إلى أن “العديد من البنايات تهاوت على الأرض مع وجود جثث تحت الأنقاض”. وقال إن “الشبيحة نزلوا بالسكاكين متوعدين أياً من سكان الحي ممن يفكر بالنزوح”، مضيفاً أن العائلات “تحتمي في أقبية الجوامع من القصف العنيف”، في حين أن “المياه مقطوعة منذ نحو 4 أيام والنفايات تملأ الشوارع”.

وذكر المرصد أن عدداً من أحياء دمشق يشهد حركة هروب لمئات من سكانها وخصوصاً من المزة والميدان إلى مناطق أكثر أماناً، مشيراً إلى أن حي التضامن ومخيم اليرموك ومنطقة السيدة زينب شهدت حركة نزوح للأهالي. وبلغت خسائر القوات النظامية 47 قتيلاً خلال اشتباكات في محافظات حلب ودمشق وريف دمشق ودرعا وإدلب وحمص ودير الزور، بينهم 15 في حي القابون، بحسب المرصد.

في غضون ذلك، ظهر الرئيس السوري بشار الأسد في لقطات بثها التلفزيون الرسمي السوري وهو يستقبل وزير الدفاع الجديد العماد فهد الجاسم الفريج، الذي كان عين في منصبه بمرسوم جمهوري.

وفي نيويورك استخدمت كل من روسيا والصين حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار يهدد بفرض عقوبات على النظام السوري إذا لم يتوقف عن استخدام الأسلحة الثقيلة ضد مناهضيه. وهذه ثالث مرة خلال 9 أشهر تستخدم فيها روسيا والصين صلاحياتهما كدولتين دائمتي العضوية في مجلس الأمن الذي يضم 15 عضواً، لمنع صدور قرار يدين سوريا. وقد صوتت 11 دولة لصالح مشروع القرار وامتنعت دولتان عن التصويت.

واعتبر البيت الأبيض أن الفيتو الروسي الصيني “مؤسف للغاية” ويعني أن مهمة عنان “لا يمكن أن تستمر”.

أما المندوب الفرنسي في الأمم المتحدة جيرار آرو فقال إن الفيتو الروسي الصيني “يعرض للخطر” مهمة عنان.

وأعرب عنان نفسه عن “خيبة أمله” لفشل مجلس الأمن الدولي في اتخاذ قرار بشأن سوريا. وكان رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال روبرت مود في مؤتمر صحافي في دمشق أن سوريا “ليست على طريق السلام”، مشدداً على أنه من أجل تحقيق مصلحة الشعب السوري “نحن بحاجة إلى قيادة فاعلة من مجلس الأمن ووحدة حقيقية حول خطة سياسية تتجاوب مع طموحات الشعب السوري وتكون مقبولة من كل الأطراف”. من جهته، يعتزم الاتحاد الأوروبي تشديد عقوباته على سوريا وكذلك حظر الأسلحة الذي سبق له وأن فرضه على هذا البلد، وذلك عبر السماح بتفتيش السفن والطائرات المشتبه بانتهاكها هذا الحظر، بحسب ما أفاد دبلوماسي.

وأفادت المصادر أن المفاوضات تتواصل في بروكسل تمهيداً لإقرار العقوبات الجديدة خلال اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد المقرر الاثنين المقبل، مشيراً إلى أن تشديد العقوبات يتضمن إدراج 26 شخصاً إضافياً على القائمة السوداء الأوروبية، للاشتباه في تورطهم في قمع الانتفاضة في سوريا.

ومن روما أكد رئيس المجلس الوطني السوري المعارض عبد الباسط سيدا أن نظام الأسد “يعيش أيامه الأخيرة”، محذراً في تصريح للصحافيين إثر لقائه وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرزي من أن الفيتو الروسي الصيني قد تكون له “تداعيات كارثية” على سوريا.

وصرح الناطق باسم المجلس الوطني السوري جورج صبرا أن الانفجار الذي استهدف مقر الأمن القومي في دمشق يشكل “بداية النهاية لهذا النظام”.

وقد أفاد مصدر أمني لبناني أن أكثر من 18 ألفاً و600 سوري لجؤوا إلى لبنان خلال 48 ساعة هرباً من تصاعد المواجهات وأعمال العنف في بلادهم وخصوصاً في دمشق.

من جانبه، وصف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الهجوم الذي وقع في دمشق بأنه “ضربة هائلة للنظام”.

لكن الملك حذر، من أنه “لا يعتقد أن الهجوم يعني أن نظام الأسد على وشك أن ينهار فوراً”.