الصوم من العبادات التي فرضت على الأمم السابقة وقد تدرج الشرع بالأمة في فرضية الصوم رحمةً بها وتخفيفاً وتدرجاً بها وذلك من حكم النسخ في الشريعة.

أخرج أحمد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وأحيل الصيام ثلاثة أحوال....قال وأما أحوال الصيام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة، فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وصام عاشوراء، ثم إن الله فرض عليه الصيام، وأنزل الله “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ” [البقرة:183] إلى قوله “وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ” [البقرة:184] فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكينا فأجزأ ذلك عنه، ثم إن الله أنزل الآية الأخرى “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاس” [البقرة: 185] إلى قوله “فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ” فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح، ورخص فيه للمريض والمسافر، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام.

وقال أيضاً : وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا امتنعوا، ثم إن رجلاً من الأنصار يقال له قيس بن صرمة كان يعمل صائماً حتى إذا أمسى، فجاء إلى أهله فصلى العشاء ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فأصبح صائماً، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم وقد جهد جهداً شديداً فقال: (ما لي أراك قد جهدت جهداً شديدا؟) قال: يا رسول الله عملت أمس، فجئت حين جئت فألقيت نفسي فنمت، فأصبحت حين أصبحت صائماً وقال: وكان عمر قد أصاب النساء بعد ما نام، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأنزل الله “أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ” [البقرة: 187] إلى قوله “ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ”.