محمد لوري

الابتسامة هي العملة الأندر في عالمنا الحالي فهي عملة يزيد وزنها على وزن الكثير من المقومات الأخرى لدى الشخص، فالابتسامة مرتبطة بديننا أولاً كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام “تبسمك في وجه أخيك صدقة” ومرتبطة بنا كأشخاص نعيش في مجتمع قائم على العلاقات العامة ومتانتها ، فالملايين تصرف من قبل الشركات لإرسال موظفيها لدورات الإقناع و كيف تكون مقبولاً في حياتك و عملك، ولكن الحقيقة أن الدورات لن تؤثر في ظل وجود هذا العبوس الدائم من قبل أبناء الحاضر لسبب لا يعلمه إلا الله.

فالمعايير تبدلت و اختلت والأصح أن نقول أن الابتسامة كانت تعني الرزانة والليونة والقبول في الماضي و لكنها أصبحت “هبال” و مجاملات في هذا العصر .. فمن يبتسم لك يتدارك سريعاً إلى عقلك الباطني “ أكيد يريد مصلحة أو أنه مجرد خبل يتبسم للكل”، بينما كان أجدادنا يصفون صاحب الابتسامة بصاحب القلب الكبير الذي منذ أن تراه يبتسم لك و يبعث الراحة النفسية لك مما يجعله مقبولاً في المجتمع.

وأذكر لكم في هذا السياق هذه القصة:

فتاة صغيرة لا يتجاوز عمرها السنوات الست بائعة مناديل ورقية تسير حاملة بضاعتها على ذراعها الصغير، فمرت على سيدة تبكي توقفت أمامها لحظة تتأملها فرفعت السيدة بصرها للفتاة والدموع تغرق وجهها، فما كان من هذه الطفلة إلا أن أعطت للسيدة مناديل من بضاعتها ومعها ابتسامة من أعماق قلبها المفعم بالبراءة وانصرفت عنها حتى قبل أن تتمكن السيدة من إعطائها ثمن علبة المناديل.

وبعد خطوات استدارت الصغيرة ملوحة للسيدة بيدها الصغيرة وما زالت ابتسامتها الرائعة تتجلى على محياها .

عادت السيدة الباكية إلى إطراقها ثم أخرجت هاتفها الجوال وأرسلت رسالة “آسفة ... حقك علي” ، وصلت هذه الرسالة إلى زوجها الجالس في المطعم مهموم حزين.

فلما قرأها ابتسم وما كان منه إلا أن أعطى ( الجرسون ) 50 جنيهاً مع أن حساب فاتورته 5 جنيهات فقط !!!

حينها فرح هذا العامل البسيط بهذا الرزق الذي لم يكن ينتظره فخرج من المطعم وذهب إلى سيدة فقيرة تفترش ناصية الشارع تبيع حلوى فاشترى منها بجنيه وترك لها 10 جنيهات صدقة وانصرف عنها سعيداً مبتسماً ، تجمدت نظرات العجوز على الجنيهات فقامت بوجه مشرق وقلب يرقص فرحاً ولملمت فرشتها وبضاعتها المتواضعة، وذهبت للجزار تشتري منه قطعاً من اللحم ورجعت إلى بيتها لكي تطبخ طعاماً شهياً وتنتظر عودة حفيدتها فهي دنيتها.

جهزت الطعام و على وجهها نفس الابتسامة التي كانت السبب في أنها ستتناول بعض اللحم، لحظات وانفتح الباب ودلفت الصغيرة بائعة المناديل متهللة الوجه وابتسامة رائعة تنير وجهها الجميل الطفو لي البريء.

همسة ...

تصنّعك للابتسامة لن يكسبك شيئاً .. اجعلها جزءاً من شخصيتك وسيدمن الناس مواجهتك و الحديث معك .. فهي السحر الحلال.