المقصد الأعظم الَّذي من أجله شرع الله الصِّيام تحقيقُ تقوى الله عزَّ وجلَّ كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}، والتَّقوى أن يجعل المرء بينه وبين عذاب الله وقاية؛ وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وأعظم أوامر الله تعالى توحيده وهو إفراده بالعبادة، فهو المعبود الحقُّ، المستحقُّ للعبادة وحده سبحانه، وتقوى الله عزَّ وجلَّ في كلِّ آن ولا تختصُّ برمضان، وقد قال بعض السَّلف: بئس القوم الَّذين لا يعرفون الله إلا في رمضان، وإنَّ مما يجب على الإنسان دائماً الاستغفار والتَّوبة، وقد أمر الله في كتابه بالاستغفار والتَّوبة في غير ما آية، وكان النَّبيُّ عليه الصلاة والسلام يستغفر ويتوب في اليوم سبعين مرَّة، وفي رواية مائة مرَّة، ويحافظ الصَّائم في حال صيامه كما هو الحال عند فطره على أعظم الأركان بعد الشهادتين، ألا وهي الصَّلاة، فيؤديها في وقتها مع الجماعة في المساجد؛ وتضييع الصَّلاة مناف للتَّقوى الَّتي شرع من أجلها الصِّيام، وموجب للعقوبة، وإنَّ من أقبح الأعمال، وأشنع المنكرات تضييع كثير من الصَّائمين للصَّلوات، وتأخيرها عن وقتها، والنَّوم عنها، ويجتنب الصَّائم جميع ما حرَّم الله من الأقوال والأعمال، فيجتنب الكذب والغشَّ، ويجتنب الغيبة، وهي: ذكرك أخاك بما يكره في غيبته، سواء ذكرته بما يكره في خلْقه أو خلقه، ويجتنب الصَّائم قول الزُّور والعمل به قال النَّبيُّ عليه الصلاة والسلام: (من لم يدع قول الزُّور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)، هذا شيء ممَّا ينبَّه عليه الصَّائم ليتمَّ له صومه، وجماع الأمر أن يمتثل العبد أوامر الله، ويجتنب نواهيه، وليكن حاله في صيامه كما قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك من الكذب والمحارم، ودع عنك أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة، ولا يكن يوم صومك ويوم فطرك سواء.