كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله «صلى الله عليه وسلم» والتابعين لهم بإحسان يدعون الله أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه أن يتقبله منهم، كانوا يصومون أيامه ويحفظون صيامهم عما يبطله أو ينقصه من اللغو واللهو واللعب والغيبة والنميمة والكذب. كانوا يحيون لياليه بالقيام وتلاوة القرآن، ويتعاهدون فيه الفقراء والمساكين بالصدقة والإحسان وإطعام الطعام وتفطير الصوام، كانوا يجاهدون فيه أنفسهم بطاعة الله، ويجاهدون أعداء الإسلام في سبيل الله ليكون الدين كله لله. فقد كانت غزوة بدر الكبرى في رمضان، وكان فتح مكة في رمضان، فليس شهرُ رمضان شهرَ خمول ونوم كما يظنه البعض لكنه شهرُ جهاد. لذا ينبغي علينا أن نستقبل الشهر الكريم بالإخلاص والعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه إيماناً واحتساباً لا تقليداً وتبعية للآخرين، وأن تصوم جوارحنا عن الآثام من الكلام والنظر المحرم والأكل والشرب لنفوز بالمغفرة والعتق من النار. كما يجب علينا أن نجدد التوبة الصادقة من جميع الذنوب والسيئات لنكون من الفائزين «يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» [الشعراء:88-89] ويكون هذا الاستعداد منذ شهر شعبان. قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف: «لما كان شهر شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما شرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاضَ النفوس بذلك على طاعة الرحمن. وكان المسلمون إذا دخل شعبان انكبوا على المصاحف وأخرجوا زكاة أموالهم تقويةً للضعيف والمسكين على صيام رمضان». وقال سلمة بن كهيل: كان يقال: شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء. وينبغي للمسلم أن يحافظ على قيام رمضان اقتداءً بالنبي «صلى الله عليه وسلم» وأصحابه وخلفائه الراشدين واحتساباً للأجر والثواب المرتب عليها قال صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه. وعلى المسلم أن يحيي ليالي العشر الأواخر من رمضان بالصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والاستغفار. وأن يسعى في طلب ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر وهي الليلة المباركة التي شرفها الله بإنزال القرآن فيها والتي من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، [وهي محصورة في العشر الأواخر من رمضان فينبغي للمسلم أن يجتهد في طلبها]. كما ينبغي للمسلم أن يلح على الله بالدعاء والاستغفار بالليل والنهار حال صيامه فمن الدعوات المستجابة دعوة الصائم حتى يفطر أو حين يفطر.