كتب – جعفر الديري:

فوائد الشهر الفضيل، كثيرة، وهي لا تتعلق بصحة الجسم وحسب، بل تتعدى ذلك، إلى الصحة النفسية، والهدوء الذي يشمل الروح، ويشجعها على العمل والابتكار. ومن ملامح ذلك، بدء الشباب في تعلم الطبخ، رغبة في تذوق أصناف من الأكلات الرمضانية، يجدونها ملح الشهر وفاكهته، التي لا يمكن الاستغناء عنها.

يرجع هؤلاء الشباب رغبتهم في تعلم الطبخ، لأسباب عدّة، وإن كان السبب الرئيس أنهم يفضلون تناول طعام الإفطار والسحور بصحبة الأصدقاء، كما إن ارتفاع أسعار وجبات المطاعم، دافع آخر.

مقادير البهارات

يقول ميرزا محمد: إن طبيعة عملي، لا تترك لي فرصة للإفطار مع الأهل. وحتى لو توفر ذلك، فبعد وفاة أمي رحمها الله، لم أعد راغباً في الإفطار في البيت. لذلك رحبت باقتراح أحد الأصدقاء بتناول الإفطار معه، شرط أن نجهّز الطعام بأنفسنا.

ميرزا لم تصادفه مشاكل بخصوص تعلم الطبخ، إذ سبق له أن طهى وطبخ، لكنه يعترف أنه لم يضبط حتى الآن مقدار البهارات والحراريات اللازمة لكل طبخة. كما إن مقدار الملح بالتحديد، يضعه في حيرة من أمره، فهو يتعرض كثيراً لمشاكسات أصدقائه، حتى أن بعضهم ألقى ذات مرة بطبخة في سلّة المهملات.

يضيف ميرزا والابتسامة لا تزال مرتسمة على فمه: قد أقبل ذلك من الأصدقاء الحميمين، أما من المعارف والزملاء فلا.

أكلات شعبية

إن شباب البحرين، يعرفون ليس على المستوى العربي وحسب، بل على المستوى العالمي، بقدرتهم على التجديد والإبداع. وهذه مسألة يشاركهم فيها الشباب حول العالم، غير أنّ تميّز الشباب البحريني بحفاظه على تراثه وأصالته، يحقق له احتراماً مضاعفاً. نجد خير مثال على ذلك في عادل أحمد.

عادل الذي، قطع شوطاً طويلاً، يرجع السبب الرئيس لرغبته في تعلم الطبخ، إلى إحساسه بأهمية الحفاظ على الأكلات الشعبية، مشيراً إلى أنه ومنذ أن كان طفلاً، تعلم كيف يصنع الهريس، والخبز الرقاق، واللوبا والنخي، وجميع الأكلات البحرينية ذات التاريخ الحافل، لذلك يتضاعف اهتمامه بالطبخ، مع مقدم شهر رمضان المبارك، إذ يحرص على مساعدته والدته، في طهي الكثير من الأكلات.

أمهات نموذجيات

يضيف عادل: أنا معجب جداً بأمهاتنا كبار السن، وبالجدات، فهن لا يزلن يحرصن على تزيين مائدة الإفطار، بكل طعام شعبي لذيذ. بل تجدهم لا يشتكين تعباً أو إرهاقاً، فتجدهم يستيقظون قبل أذان الفجر ليعدوا السحور، ويجهزوا لوازم الطبيخ لليوم الثاني. بل إنهن يكن في غاية السعادة لو طلبت منهم، إعداد وجبات تنقلها إلى (شلتك). ويزددن سعادة عندما لا يتبقى شيء من الطعام. هذا مع ملاحظة أن ما يعددنه من طعام، أكثر صحة وبركة، فهن لا يستعجلن الطبيخ، كما هو شأن الطباخين في المطاعم. كما إن أيديهم تظل نظيفة عطرة بركة الله تعالى.

ويتابع عادل: عندما أتناول طعام الأمهات والجدات ـ وهن كثر في عائلتنا والحمد لله ـ أكل كثيراً، لإحساسي بأنه طعام تصنعه أياد طيبة مؤمنة. وقد دفعتني لذته، لتعلم طريقة الطبخ.

لم يعد للفتيات

لكن.. أليست الرغبة في تعلم الطهي، أقوى عند الفتاة من الشباب؟ أم أن للشباب رأي آخر؟. يجيب الشاب ... مفضلاً عدم ذكر اسمه، رغبة في تجنب غضب الفتيات: ما ألمسه أن كثيرا من الأمور التي تميزت بها النساء، بالأمس واحداها الرغبة والنجاح في الطهي، لم تعد للنساء رغبة فيها، ففتاة اليوم، لا ترغب في الطبخ كثيراً، ولا تجد حرجا في أكل زوجها من المطاعم، بل هناك منهن من يدفعن أزواجهم، دفعاً لطلب الطعام من أمهاتهم، لأنهن يفضلن الراحة، خصوصاً في هذا الطقس المزعج، وارتباطهن بوظائف كما هو شأننا نحن الشباب.