«التفاعلات السياسية بين دول الخليج وكل من الولايات المتحدة وبريطانيا تؤكد حاجة هذه الدول إلى البحث عن أطراف دولية أخرى ومتنوعة» رؤية عبّر عنها الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي خلال زيارته البحرين والكويت وعُمان 2009. ويبدو أنها رؤية تقوم على عوامل واقعية وقراءة عقلانية لمنطقة يتفاعل فيها أمن المنطقة مع مصالح الكبار.

هواجس المنطقة ومصالح شعوبها حرّكت المياه الراكدة في استراتيجياتها. تنويع التحالفات بات ركناً أساسياً لا تكتيكياً. وفرنسا، التي مشت في نهر العلاقات معها مياه كثيرة منذ زيارة فرانسوا ميتران للبحرين 1990، صارت وجهة أكيدة لتعاون جديد بعد مواقفها الموضوعية في أحداث البحرين 2011. فرنسا، ثاني قوة اقتصادية في أوروبا، تعرف ماذا جرى حقيقةً في البحرين، وتدرك قيمة المملكة الصغيرة على ضفاف الخليج ومدى استقرارها الاقتصادي، لذلك لم يتردد «بي إن بي باريبا» في تمويل توسعة خط ألبا بـ2.5 مليار دولار، ولهذا معناه في طبيعة التصور الفرنسي لمستقبل البحرين.

باريس صاحبة أعرق تجربة ديمقراطية تعرف ماهية إصلاحات المملكة والمعنى الحقيقي لتعديلاتها الدستورية، وتتقارب في رؤاها للمنطقة مع رؤية المنامة في أحداثها وملفاتها بدءاً بالنووي الإيراني وليس انتهاء بالموضوع السوري، ولهذا تتصافحان بحرارة.

زيارة جلالة الملك المفدى لفرنسا أمس تفتح أبواباً جديدة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وتقنياً، وإذ تتجاوز أهميتها البعد البروتوكولي وتهنئة أولاند بانتخابه، فإنها تضع البلدين على مسار جدي وجديد ينطلق ربما من حاجة فرنسا لتعزيز علاقاتها في الخليج وحاجة البحرين لتنويع تحالفاتها والإفادة من التجربة الفرنسية القديمة في الديمقراطية وحقوق الإنسان والإعلام، استفادة تؤكد بشكل حاسم مضي البحرين على هذه الطريق وتعزيز روافعها دائماً.

تنتظر البحرين زيارة اولاند وعين الشعبين على أمن المنطقة وسلام العالم، وعلى هذا الدرب تعانق المنامة باريس.