كتبت - إيمان الخاجة:
بدأت حياتها كأيِّ طفلة، لكنها لم تكن سوى لحظات قلبت حياتها رأساً على عقب. إذ لم تعلم ابتسام علي (21 سنة) أنَّ ذلك الألم والتعب الذي حلَّ بها فجأة، سيجعلها عاجزة عن المشي لأكثر من10سنوات. لقد كانت كعادتها كل صباح تمارس يومها المدرسي بشكل طبيعي، وهي للتو تخطو أولى أيامها في المرحلة الإعدادية، حين شعرت بتعب وألم برجلها فجأة، الأمر الذي استدعى تحويلها إلى المركز الصحي، والذي بدوره حولها إلى مستشفى السلمانية لعمل الفحوصات ومعرفة سبب الألم. ولم تعلم ابتسام أنَّ المرض سيتم تشخصيه بشكل خاطئ، ليعلن لها عن تدهور وضعها الصحي.
«الوطن” التقت ابتسام لتخبرنا عن سنوات الألم التي مرت بها، حيث استقبلتنا بابتسامة جميلة وملامح راضية بقضاء الله وقدره.
فتحة في العنق
تقول والدة ابتسام: بعد أنْ تعبت ابنتي في المدرسة، وتمَّ تحويلها إلى مستشفى السلمانية، شخَّص الطبيب حالتها بتجمع الدم في الرجل مما سبب لها الألم، ومنذ تلك اللحظة بقيت سنة كاملة على سرير المستشفى، ولم تتحسن الحالة، بل ازدادت سوءاً وأدت إلى التهابات ومضاعفات أخرى أودت بها إلى عمل فتحة في العنق، لتتمكن من التنفس عن طريقها، وهذه الفتحة حرمت ابتسام من مواصلة مشوارها الدراسي بسبب جهاز وضع على عنقها مع الفتحة، وحتى الآن بعد إزالة الفتحة لم تتم إعادتها إلى مقاعد الدراسة، إلى جانب ذلك أصبحت تتعرض في الصباح إلى نوبات هزة عندما تصحو باكراً أو تتعرض إلى أصوات عالية جداً، وما هي إلا لحظات وتعود إلى طبيعتها.
شقة صغيرة
تعيش ابتسام في شقة صغيرة مع أخوات أربع وولدين، وأبناء أخوها وزوجته ووالدتها ووالدها، يصرف أخوها الكبير على عائلته وعليهم، فوالدها اضطره وضعه الصحي إلى التقاعد، ولا يمكنه مزاولة العمل، ولا يملك راتباً تقاعدياً، إذ لابد من العمل سنتين أخريتين للحصول على الراتب. وها هم يعيشون على مصروف أخوهم الكبير ومساعدات أهل الخير، أما علاج ابتسام فتم أخذ قرض لها منذ 6 سنوات والسفر بها إلى الأردن، حيث أكد لها الأطباء أن التشخيص خاطئ وتمت إعادة الفحوصات اللازمة، عندها تقرر لها العلاج بعدد من الإبر تكلفة الواحدة 1500 دينار، فتدبرت والدتها المبلغ من أهل الخير والمساعدات وحصلت على 3 جرعات من الإبر فقط لضيق الحال، والحمدلله تمكنت من فتح يديها المغلقتين والحركة زحفاً وهي قعيدة.
ابتسامة حزينة
رغم الحزن الذي يكسو قلب ابتسام تحاول أن تخفيه، إلا أنَّ نظراتها الهادئة ونبرات صوتها تفضحها أحياناً. ورغم كل ذلك فهي لم تيأس من الشفاء والعودة كما كانت، إذ مازالت تواصل الفحوصات في البحرين، وتقوم بعمل العلاج الطبيعي الذي أقره لها أحد الأطباء ورفضه آخر لعدم تحمل وضعها الصحي له. إنها تمارس هواياتها في الخياطة والرسم، وتحب الطبخ وصناعة الآيسكريم وقراءة القرآن، تمشي مستخدمة يديها لتتعكز عليهما وتحرك جسدها بهما، وتحبو للوصول إلى المكان الذي تريده متنقلة بين غرف المنزل، وحتى في الخروج من المنزل تقوم بالنزول حبواً بنفسها على الدرج ليحملها أهلها لاحقاً لإخراجها من العمارة.
علاقة أسرية متميزة
علاقة ابتسام بإخوانها علاقة طيبة، كما تشير- أنها تحب أبناء أخيها وتلعب معهم وتهتم بهم غير آبهة لمرضها ووضعها الصحي، فقط من أجل رسم البسمة على شفاه الصغار، حاولت والدتها أخذها إلى مراكز تحفيظ القرآن في عدد من المساجد لتتعلم، لكن الصفوف غالباً ما تكون في الطابق العلوي، مما يصعب عليها الالتحاق.
ابتسام ستمشي
تقول أم ابتسام: يمكن لابتسام أنْ تقف مرة أخرى على رجليها وتعاود حياتها بشكل طبيعي، لكن علاجها يوجد في ألمانيا وبريطانيا، ويحتاج إلى مبلغ كبير من المال لا يمكن لوالدها المريض توفيره ولا لأخيها الذي يصرف عليهم جميعاً. وكل ما تتمناه وتحلم به هذه النفس الراضية هو الوقوف على رجليها مرة أخرى وعودتها إلى مقاعد الدراسة، فكفاها أنها حرمت من المشي10سنوات بسبب تشخيص خاطئ.