^ صوم القلب

وهذا الصيام في رمضان وغيره، وهو مؤكد في رمضان لعظيم حرمته، فعلى كل من أراد الله والدار الآخرة، وطلب نجاة نفسه، وسعادة الدارين، أن يصون القلب عن الشركيات المهلكة، والاعتقاد الباطل، والوساوس السيئة، والنوايا الخبيثة، والخطرات الموحشة، كما جاء في الحديث المتفق عليه: (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).

^ صوم اللسان

صيام اللسان كصيام القلب، يجب أن يدوم في رمضان، وفي غير رمضان، ويتأكد ذلك في رمضان، ولنتذكر قوله تعالى: “ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد”.

^ قال يونس بن عبدالله: ما من أحد يكون لسانه على بال إلا رأيت صلاح ذلك في سائر عمله، فكيف يصوم بعد ذلك من أطلق للسانه العنان؟! وكيف يصوم من كذب واغتاب، وأكثر الشتم والسباب، ونسي يوم الحساب؟! وكيف يصوم من شهد الزور؟! فليس الصيام من الجوع والعطش، وإنما الصيام عن اللغو والرفث، وعن الكلام فيما لا يغني، والخوض في الباطل، والمراء والجدال بغير حق، والخصومة، واللعن، والغناء، والمزاح، والسخرية، والاستهزاء، والغيبة، وإفشاء السر، والوعود الكاذبة.

^ صوم العين

يكون ذلك بغضها عن الحرام، وإذا رأيت خيراً أعلنته، وإذا رأيت شراً سترته، قال تعالى: “قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم…” والعين منفذ القلب، فإذا خربت العين خرب القلب، والعين رائد، إذا أرسل صاد، وإذا قيد انقاد، وإذا أطلق وقع القلب في فساد، والعين تزني وزناها النظر، والنظرة بريد الزنا، وهي سهم من سهام إبليس.

قال شاه الكرماني: من غض البصر عن الحرام، وعمر باطنه بالتقوى، وظاهره باتباع السُنة، لم تخطئ له فراسة، وتلا قوله تعالى: “إن في ذلك لآيات للمتوسمين”. وقبل أن تنظر اعلم أن نظر الله إليك أسرع وأسبق من نظرك إلى من تنظره، فإذا دخل رمضان طلب من العين أن تصوم، طاعة للحي القيوم.

^ صوم الأذن

قال تعالى: “إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً”، والأذن تصوم عن سماع الخنا والغناء وعن الفحش والبذاء، وللأبرار صيام عظيم عن سماع ما يغضب الله -عز وجل- في رمضان، وغيره.

^ صوم البطن

وصيام البطن عبارة عن: اجتنابه للحرام، زيادة عن اجتناب الطعام والشراب، وكل ما يفطر في نهار رمضان، فيجتنب العبد الربا، والسحت، وأكل مال اليتيم، والرشوة، وبيع المحرمات كالخمر، وينتهي عن القمار وكل صور الباطل، وإلا فكيف يصوم البطن وقد أفطر على الحرام: طعامه الغش والغصب، وأنى يستجاب لمن مطعمه حرام، ومشربه حرام، غذي بالحرام، فهل من صائم عن الحرام ليدخل دار السلام؟