بالأمس احتار قلبي قبل قلمي عن أي شيء أكتب.!!! هل أكتب عن همومي وهموم الناس من حولي.!! أم أكتب عن مشاكلنا الأخلاقية.!! أم أكتب عن قضية اليمن السعيد.!! أم أكتب عن فرحتي بما آلت إليه أم الدنيا مصر الحبيبة.!! أم أكتب عن الانتخابات الليبية.!! أم أكتب عن الاضطرابات الحاصلة في السودان والكويت والبحرين والأردن.!! أم أكتب عن كشمير وبورما المنسية.!! أم أكتب عن مصيبة العالم العربي والإسلامي في المذابح في سوريا..
تهتُ بين هذا وذاك، وهممتُ أقلِّب مفاتيح الحاسوب، وأدغدغ حروفي أكتبُ حرفاً ثم أشطبُ آخر، مترددة هي أفكاري، فكل موضوع عزيز على قلبي، وكل بلد هو جزء من جسدي..
لكن بلد العلم والعلماء سوريا الأبية، هي التي لم تفارقني طول ليلي وساعات نهاري، فجأة استيقظت من نومي وأخذت قلمي وسمّرتُ عيني على صفحة الورد البيضاء، وشرعتُ أكتبُ، وأكتبُ وماأزالُ غير مصدِّق والدهشة تحيرني، وماأزالُ أحاول تحليل الوضع وربطه بخيوط من هنا وهناك، علني أجد تفسيراً منطقياً لما يحصل في سوريا..
أين هي حقوق الإنسان؟؟.. أين هي المنظمات الدولية؟؟.. أين مجلس الأمن الدولي؟؟.. أين هو حلف الناتو؟؟
الكل يشاهد عبر الشاشات واليوتيوب وعبر مواقع التواصل الاجتماعي لما يحصل لشعب أراد الحرية.. أراد الكرام.. أراد العزة.. أراد الكرامة..
هي تلك المجازر التي يرتكبها نظام الأسد الدكتاتوري الدموي، لا يراعي ديناً، ولا مذهباً، ولا ملة، ولا حقوق إنسان، ولا أعراف دولية، والعالم يتفرج حتى أصبحت المجازر شيئاً عادياً، وتحولت الدماء إلى أرقام، فذهب نومي وأرق مضجعي..
أحاولُ أن استجمع قوى عقلي وما تبقى من قوة في جفوني التي بدأت تنعس تعباً وإرهاقاً، لأتجه مرة أخرى إلى الشاشة لأرى صور الجثث والأشلاء المتناثرة في الطرقات، الدماء التي أسدلت ستارها على الوجوه، الدموع التي سترحل بعيداً عن ضفاف جفافها، الصراخ والويلات والعويل من الرجال قبل النساء، غضب عارم يعتمل القلوب العربية والإسلامية، ولم يحرك حكامنا أي منهم شعرة من رأسه.. لكن يبدو أني لن أجد لا خيوطاً ولا تفسيراً، فهذه واقعة لا يمكن إلغاؤها جزافاً على حكامنا، فهي تمس كل مليار مسلم ولا أقول إلا “حسبنا الله ونعم الوكيل..”
أمس البارحة اكتشفت مقبرة مكشوفة، وما أقبحه من إجرام بحق شعب يقول لا إله إلا الله، هذه الصفعة دوت على وجه الضمير العربي علّه يفيق من سباته!!! إلى متى سيظل السوريون السنة قرابين على مذبح التهدئة وضبط النفس وطاولة المفاوضات؟ لا النظام ولا شبيحته تعبوا من ذبحهم ولا العرب سمعوا نداء وامعتصماه..!!
ومضة:
لك الله يا شعب لايزال يقاوم، ولك الله يا جيش سوريا الحر، لكم الصبر ولنا البكاء والتنديد والاستنكار..