^  في دولة الإمارات العربية المتحدة، وجه سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بصفته حاكم دبي توجيهاً إلى مؤسسة دبي للإعلام بإيقاف برنامج ديني يعدّه ويقدِّمه الدكتور أحمد الكبيسي، ويُبث عبر قناة دبي الفضائية بسبب قيام الأخير بالتهجّم على شخصية الخليفة الأموي الأول، ومؤسس الدولة الأموية «معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه» إذ حمّل «الكبيسي» هذه الشخصية الإسلامية وفترة حكمه بلاء الأمة العربية في الوقت الراهن. ما يهم في هذا الموضوع وما نودّ التطرّق إليه ليس مناقشة ما أشار إليه «الكبيسي» في برنامجه ورأيه في شخصية معاوية، فهذه مسألة دينية نتركها لعلماء الأمة ومشايخها الذين لديهم العلم في مناقشة هذه المسائل وبحثها، ولهم القول الفصل فيها والرد عليه. لذا فنحن لا نعطي لأنفسنا حق الإفتاء حول جواز أو عدم جواز الخوض في سيرة الصحابة رضوان الله عليهم، فهذا ليس من اختصاصنا. لكن ما نود الإشارة إليه هو خارج نطاق هذا الموضوع الذي بسببه تم إيقاف البرنامج الديني. فحديثنا يتعلّق بمسألة سرعة اتخاذ القرار في مثل هذه القضايا والأمور. وفي هذا السياق يمكن القول إن دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام، وإمارة دبي بشكل خاص تتفرّد في هذه السمة وهي مثال حي لهذا التفرّد والتميّز كتفرّدها وتميّزها في جوانب عديدة يشهد لها القاصي والداني، وأنا أقول هذا الكلام من واقع عايشته بنفسي حيث كان لي الشرف أن أعمل مستشاراً ثقافياً بسفارة البحرين في أبوظبي، وقد لمست خلال تواجدي على أرض الإمارات كيف أن هذه الدولة لا تتردد في سرعة اتخاذ القرار إزاء أي قضية أو مشكلة تشعر بأن التأخر أو البطء أو التردد في اتخاذ القرار بشأنها قد يجلب الأضرار على البلاد والعباد، لذلك أستطيع القول إن اتخاذ القرارات السريعة من مميزات هذه الدولة وسر نجاحها فهي تطرق الحديد وهو ساخن، ونتيجة لهذا المبدأ الذي تسير على نهجه جنبت البلاد الكثير من المشكلات التي قد يترتب عليها عواقب وخيمة إذا لم يتخذ بشأنها القرار الحاسم في حينه والأمثلة على ذلك كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر إغلاق دبي «المعهد الديمقراطي الأمريكي» فهذا المعهد الذي تحوم حوله الكثير من الشبهات والشكوك ودوره في التحريض ضد الأنظمة السياسية في المنطقة ونحن في البحرين نعرف الأهداف والغايات التي يسعى إلى تحقيقها في المنطقة. ولذا فإننا نرى أن قرار إغلاقه يصبّ في مصلحة دولة الإمارات، ومن يقول عكس ذلك فهو لا يعرف أهداف هذا المعهد ولا غاياته ولا يحب الخير لدولة الإمارات. كذلك موقفها الشجاع من الكشف عن جريمة اغتيال القيادي في حركة حماس على أراضيها من قبل «الموساد الإسرائيلي، وموقفها الأخير من زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى جزيرة «أبو موسى» التي تحتلها إيران منذ عهد الشاه والتي على إثرها استدعت سفيرها لدى إيران احتجاجاً على هذه الزيارة. في ظني، أن سرعة اتخاذ القرار من الصفات التي يتميّز بها قادة دولة الإمارات وهي سمة تعكس النظرة الثاقبة لحكام الإمارات وثقتهم في أنفسهم، وهي من ضمن السمات التي يتمتعون بها وهي صفة ساعدتهم كثيراً في الارتقاء ببلادهم وهي التي قادتهم كذلك نحو التميّز في مجالات التنمية المختلفة وجعلتهم نموذجاً مشرِّفاً في الساحة العربية. فيكفي دبي هذه الإمارة الصغيرة الآمنة فخراً أنها أصبحت قبلة للسائحين ورجال الأعمال ولكل الذين يريدون رمي همومهم وراء ظهورهم؛ فإنهم يجدون ضالتهم في هذه الإمارة الوادعة التي تحتضن أكثر من 140 جنسية جاؤوا من بقاع الدنيا ليعيشوا على هذه الأرض ليمارسوا أعمالهم ويستمتعوا بهواياتهم. ومع ذلك فالكل يحترم القانون ولا يتجاوزه ومن تسول له نفسه بكسر القانون فسيلقى العقاب الرادع له ولأمثاله. لذا أصبح للقانون في هذا البلد هيبة. وفي اعتقادي أننا لو بحثنا عن السر وراء تميّز دبي، فإننا سنجد أن أحد أسرار تفوقها وتميزها، هو سرعة اتخاذ القرار. فهذه المسألة لفتت انتباهنا أكثر من مرة، وفي مواقف عديدة. فسرعة اتخاذ القرار في المسائل الحساسة وخصوصاً تلك المرتبطة بالأمن والسلم الأهلي والسلامة الاجتماعية لا يتردد أصحاب القرار في البت فيها وإصدار قراراتهم الشجاعة حولها لأنهم؛ يعلمون ويعون جيداً أن التأخير في اتخاذ القرار بشأنها ليس في صالح البلاد والعباد، وسيترتب عليها عواقب وخيمة على أمن وسلامة المجتمع. أخيراً نقول علينا ألا نستغرب إذا تفوّقت دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة وأصبحت نموذجاً يحتذى مادامت لا تتردد في اتخاذ القرار