^   في كتابي الجديد (أمريكا وشتاء البحرين) أثرت مسألة مدى تورط تل أبيب في أحداث المنامة التي شهدتها مطلع العام الماضي. ولم أقدم تفصيلاً واسعاً في هذه المسألة، وأعتقد أن الوقت الآن مناسب للغاية لوضع بعض النقاط على الحروف. البحرين ليست لديها علاقات دبلوماسية مع تل أبيب، وهو أمر واضح ومعلن، ولكن يبدو أن واشنطن لديها وجهة نظر أخرى، فهي لم تكتف فقط بالتدخل في الشأن السياسي البحريني منذ سنوات طويلة، وإنما حرصت على إقامة علاقات دبلوماسية بين المنامة وتل أبيب من خلال وساطة أمريكية، كيف تم ذلك؟ العلاقات الدبلوماسية التي سعت إليها واشنطن بين المنامة وتل أبيب تمت عبر تعيين السفير الأمريكي السابق في البحرين آدم إيرلي، والذي اختفى فجأة في خضم الأحداث التي شهدتها البلاد في فبراير 2011، دون أن تكون له مراسم وداع تقليدية كالتي تتم في مثل هذه المناسبات عادة. الأمر الذي يفتح المجال أمام تساؤلات عديدة، هل الدعم والتدخلات الذي قامت به الإدارة الأمريكية من خلال سفارتها في المنامة تم بجهود ورغبة إسرائيلية؟ أم بجهود ورغبة أمريكية؟ من الصعب الحسم والإجابة على هذا التساؤل، ولكن هناك العديد من التصورات التي يمكن الاستفادة منها في فهم طبيعة دور السفير الأمريكي السابق، وبالتالي فهم دوافع السفير الأمريكي الحالي توماس جراكيسكي. أكثر الأمور إثارة في السيرة الذاتية للسفير الأمريكي السابق آدم إيرلي أنه يحمل جنسية مزدوجة إسرائيلية وأخرى أمريكية. وهو ينتمي لأسرة إسرائيلية ترعرت في تل أبيب. والأخطر أن والده كان عضواً فاعلاً في منظمة الهاجاناه الصهيونية، وهي المنظمة التي تأسست في العام 1921 بالقدس الشريف، والهدف منها الدفاع عن المصالح اليهودية في فلسطين في مرحلة ما قبل إعلان تأسيس دولة إسرائيل. ولاحقاً كانت النواة الأساس لإنشاء الجيش الإسرائيلي بالشكل الحالي. وساهمت في تنظيم الهجرات اليهودية السرية غير المشروعة إلى فلسطين، كما قامت بالعديد من العمليات الإرهابية ضد الفلسطينيين. ولم تكتف المنظمة بذلك بل واجهت القوات البريطانية التي كانت تسيطر على الأراضي المقدسة ونفذت ضدها أيضاً عمليات إرهابية وتفجيرات منظمة. ومن أبرز رموز هذه المنظمة الإرهابية إسحاق رابين، وآرييل شارون وغيرهم. السفير الأمريكي السابق آدم إيرلي من النادر أن يعلن عن أسماء والديه، لأنها سهلة المصدر والتعقب، فوالده اسمه (أليعازر كابلان) ولد في إسرائيل وانتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في أكتوبر 1949، ومرة أخرى في مارس 1956. وفي المرة الأولى عندما كان قادماً من باريس إلى نيويورك لاحظت السلطات الأمريكية أن اسمه كان أليعازر كابلان قبل أن يتحول اسمه إلى السيد إيرلي. واسم مثل أليعازر كابلان مشهور للغاية لأنه أحد أسماء مؤسسي دولة إسرائيل ومن أبرز الشخصيات الإسرائيلية التي جمعت الأموال لتأسيس الكيان الصهيوني. ولذلك تتردد شبهات حول صلة قرابة بين الشخصيتين اللتين تحملان الاسم نفسه. السفير الأمريكي السابق آدم إيرلي مصنف لدى بعض الباحثين والإعلاميين في الولايات المتحدة الأمريكية بأنه أحد رجال إسرائيل في وزارة الخارجية الأمريكية، ويلاحظ أن سيرته الذاتية حافلة بالخبرات في منطقة الشرق الأوسط، ولكن دائماً ما يتم تجاهل إجادته للغة العبرية ويتم التركيز على إجادته للعربية فقط، والسبب طبعاً معروف. في مثل هذه الأيام - خلال شهر أبريل - من العام 2007 أعلن الرئيس جورج بوش الابن ترشيح إيرلي ليكون سفيراً لبلاده في المنامة. ومن القضايا المهمة التي تثبت نقاط الشبه بين السفير الأمريكي السابق والحالي هي خبرتهما السابقة والعمل في سفارة واشنطن في بغداد، وهو ما يثير المزيد من التساؤلات فيما إذا كانت بغداد محطة تدريب لرجال واشنطن في المنامة بسبب تشابه الظروف الإثنو-طائفية والسياسية بين البلدين؟ قد يكون المشهد في البحرين مشهداً مصغراً لما هو عليه الواقع في منطقة الشرق الأوسط، والبلدان العربية تحديداً التي يمكن أن يتم التحكم بها عبر السفارات الأمريكية التي تهيمن عليها شخصيات إسرائيلية مجهولة التاريخ. وللحديث صلة..