أعتقد أن على أعضاء المجلس الوطني مهمة كبيرة؛ وهي شرح التعديلات الدستورية من خلال عقد مؤتمر صحافي حال إقرارها من مجلس الشورى، وأن يدعوا لها وسائل الإعلام الأجنبية للرد على استفساراتهم. ومن ثم على وزارة الخارجية أن توجه الدعوة للسفراء وأعضاء الهيئات والمنظمات الدولية في البحرين، وتدعو لها أعضاء من المجلسين ليشرحوا لهم مضمون وفحوى تلك التعديلات، وضروري أن يتم ذلك بسرعة قبل أن يصدق أحد ما جاء في «بيان الوفاق الهستيري» والخاص بالتعديلات الدستورية. قرأت البيان أكثر من مرة، واتصلنا بأكثر من شخص حاولنا معرفة طبيعة المعادلة الحسابية التي شرحتها الوفاق فلم نفهم، قد يكون فهمنا قاصراً ونحتاج لشرح. فالإخوان يقولون في بيانهم التالي: «.. وتشفق الوفاق على حماة الديكتاتورية حين يستخدمون ألفاظاً تجعلهم محل استهجان الفقه الدستوري، فأي تمثيل لإرادة الشعب في حكومة يرفضها 29 نائباً من أصل 40 نائباً، فتظل هذه الحكومة باقية لوجود 11 نائباً يؤيدونها، وقد يكون أقل من ذلك، وسيكون الوضع باعثاً على السخرية إذا انعقدت جلسة مجلس النواب بثلاثين نائباً للتصويت على برنامج الحكومة للمرة الثانية بعد التصويت عليه في المرة الأولى، فجاءت نتيجة التصويت بـ 29 صوتاً رافضاً للبرنامج، وبصوت مؤيد، أو ممتنع، فإن إرادة هذا النائب ستكون أقوى من إرادة 29 نائباً، وستبقى الحكومة رغم أنها لم يحظَ برنامجها إلا بموافقة صوت واحد، وهل من باعث على الضحك في استخدام تعبير (حكومة تمثل الإرادة الشعبية) أكثر من هذا الفرض الواقعي، والذي خرجت به الديكتاتورية لتسوقه معتقدة أن الشعب، والعالم من الجهلة الذين لا يميزون بين الذهب والفالصو؟!، بل وسيظهر زيف هذا التعبير إذا صوت الثلاثون عضواً جميعهم على رفض برنامج الحكومة، وصار الخيار للملك ليقرر بين أن يعين حكومة جديدة، أو أن يحل مجلس النواب، وهو الذي يحمل تهديداً واضحاً للنواب، بأنكم في حال رفضتم برنامج الحكومة سوف تدخلون انتخابات جديدة،» انتهت الفقرة. لا أدري هل أضحك أم أبكي حزناً على الفقيه (أبو تسعة وعشرين) أم على الوفاق ورجالاتها الذين ضاعوا؟ أم على الجمهور الذي لن يكلف نفسه حتى بسؤالها من أين أتيتم بهذه الحسبة؟ أم كل هؤلاء يدفعونك للبكاء والضحك معاً؟!! التعديل الذي أدخل على الدستور فيما يتعلق بهذا البند تحديداً هو كالتالي: حال تشكيل الحكومة وحلف القسم، تقدم الحكومة برنامجها لمجلس النواب فقط لا للشورى، فيقر البرنامج وبه تفاصيل عن كل الوزارات، بعد ذلك يتدارس أعضاء المجلس البرنامج من خلال اللجنة المختصة ويكتب تقريره، وتعقد جلسة تناقش فيها البرنامج، فإذا وجد في البرنامج ما يعترض عليه النواب طرحت الملاحظات للتصويت، وحتى يقر التحفظ والرفض ويعتبر البرنامج مردوداً للحكومة؛ لابد أن يكون هناك 21 صوتاً رافضاً أو لديه تحفظات تم التصويت عليها. انتبهوا هنا إذا وافق على البرنامج 21 نائباً مرر البرنامج، وإذا صوت 21 بالتحفظ أوقف البرنامج؛ أي أن رفض البرنامج يحتاج نص العدد الإجمالي + واحد. هذه هي الخطوة الأولى.. مفهوم أم أعيد؟ الخطوة الثانية تسترد الحكومة برنامجها، ولها (وهنا انتبهوا) إما أن تعيد صياغته من جديد أو أي تعديلات أخرى كتغيير الوزير مثلاً على ضوء ما تقدم به السادة النواب من ملاحظات تصوغ البرنامج الجديد ثم تعيده للمجلس، وينظرفيه المجلس ويناقشه، ثم إن وجدت ملاحظات في المرة الثانية لابد أن يرفضه هذه المرة 27 نائباً. (ولا خير في برنامج رفضه 27 نائباً ولم يقبلوه) فإذا رفض سبعة وعشرون نائباً البرنامج فقدت الحكومة الثقة واستقالت تلقائياً بلا نقاش وبلا طرح ثقة، بل يعتبر رفض البرنامج للمرة الثانية بالثلثين هو بمثابة طرح الثقة وعدم حيازتها على ثقة النواب. وهنا لا يحل المجلس؛ إنما يقوم الملك بتشكيل حكومة ثانية جديدة وتقدم الحكومة الجديدة برنامجها الجديد، وتمر بنفس الخطوات من جديد فإذا رفض برنامجها للمرة الثانية 27 نائباً، في هذه الحالة فقط، يرفع الأمر لجلالة الملك ليبت في الأمر، وله أن يختار بين حكمين؛ إما حل الحكومة الثانية وتشكيل أخرى جديدة وإما حل المجلس. بالله عليكم أين هذه المادة مما كتبته الوفاق؟ الآن لدى النواب فرصة لتكون إرادتهم ممثلة في برنامج الحكومة، بل وحتى في تشكيل الحكومة، ولا أدري حقيقة قصة الصوت الواحد من أين استقتها الوفاق؟ فالنصاب المطلوب لرفض البرنامج لابد أن يكون 21 في المرة الأولى، و27 في المرة الثانية فمن أين جاءهم الفقيه (أبو تسعة وعشرين) بهذا الرقم؟ فلا هي الثلثين ولا هي الثلاثة أرباع، ولا هو نص زائد واحد، رقم عجيب غريب لا أصل له في الحسبة البرلمانية. ثانياً؛ من أين جاءت الوفاق بفكرة أن نائباً واحداً بإمكانه أن يمرر البرنامج؟ أي كذبة هذه؟ أي تضليل هذا؟ ألهذه الدرجة بلغ بها الاستخفاف بجمهورها؟ الوفاق لا تروج لمعلومات خاطئة فحسب بل ترتكب أخطر من ذلك، إنها ترتكب جريمة في حق الوطن. لهذا نتمنى من السلطة التشريعية ممثلة بأعضاء المجلسين ومن السلطة التنفيذية أن يتداركوا الجريمة التي ترتكبها الوفاق بسرعة، ويعملوا على نشر المعلومة الصحيحة حال إقرار التعديلات، ونرجو ألا يتأخر إقرارها في الشورى، وأن يستعدوا بخطة توضيح وشرح لشرح مضمون تلك التعديلات الدستورية بأن تقيم وزارة الخارجية مع السلطة التشريعية بعقد جلسة أو حفل عشاء للسفراء وممثلي الهيئات والمنظمات، يتم بعدها تقديم عرض من أعضاء السلطة التشريعية مع توفير ترجمة فورية للأجانب، والإجابة على الأسئلة من الحضور، فحرام أن تترك الساحة لهذا الإجرام وهذا الكذب الجزاف. ليس هذا فحسب بل على وزارة الخارجية أن تعقد ندوات سريعة للسفراء البحرينيين في الخارج حتى يعرف الجميع كيف يشرحون ويوضحون حجم الإصلاحات التي دخلت على الدستور البحريني ومدى فاعليتها، وعلى معهد التنمية السياسية أن ينشط لعمل ندوات وورش عمل للإعلاميين البحرينيين وللجمعيات السياسية ولطلبة الحقوق والإعلام ولكل الراغبين من المواطنين الشرفاء، كل هؤلاء جنود للوطن لابد أن يكونوا على بينة واطلاع، نحن أمام معاول هدم من الداخل من الخطورة بحيث لابد أن نكون على وعي تام بحجم التآمر على أمن هذا الوطن، تآمر استحل كل أمر بما فيها الفجور في الكذب.