^ التجربة المصرية بعد ثورة يناير 2011 يمكن الاستفادة منها في كثير من الجوانب، فهذه التجربة التي لم يتجاوز عمرها العام ونصف العام فيها تجربة تستحق الاهتمام تتعلق بمؤسسات المجتمع المدني الأجنبية التي باتت تنشط في مختلف بلدان العالم. ففي جميع البلدان العربية تنشط مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني الأجنبية سواءً كانت أمريكية أو كانت أوروبية والهدف من نشاطها المعلن في هذه المنطقة المهمة من العالم هي دعم الإصلاحات السياسية، وتعزيز احترام حقوق الإنسان، وتمكين المرأة والشباب، ودعم مؤسسات المجتمع المدني لتفعيل دورها في المجتمع. غطاءات قد تكون ممتازة ومن الصعوبة بمكان أن نجد من يختلف حول هذه المفاهيم والمبادئ مادام الإنسان مؤمناً بالحرية والحقوق التي أقرتها الأديان السماوية. من هذه الأنشطة والغطاءات المعلنة أعتقد من الصعب أن نجد إحدى مؤسسات المجتمع المدني الأمريكية وحتى الأوروبية تعمل على تعزيز سيادة القانون في البحرين أو حتى في البلدان العربية الأخرى. وسبب ذلك أن العمل على تعزيز سيادة القانون سيواجه إشكالية رئيسة تتعلق بقانونية عمل مؤسسات المجتمع المدني الأجنبية في الدول العربية والبحرين بلاشك من بينها. لنركز على البحرين أكثر، فقوانيننا الوطنية وأنظمتنا المحلية هي التي تحدد طبيعة وحدود أنشطة مؤسسات المجتمع المدني الأجنبية. وخلال العقد المنصرم شهدت البحرين تجارب عدة عندما جاءت عدة منظمات غير حكومية أجنبية وطلبت العمل في البحرين وممارسة أنشطتها هنا. وبحسبما أعرفه فإن الحكومة رفضت معظم الطلبات للمنظمات الأجنبية باستثناء عدد قليل جداً منها لظروف وأسباب خاصة. ولأسباب عدة أيضاً انتهى عمل معظم أنشطة هذه المنظمات حالياً من المنامة، ولكن بعضها مازال نشطاً في عدد من العواصم الخليجية الشقيقة. في ضوء هذه الحقائق فإننا بحاجة للاستفادة من التجربة المصرية لمحاسبة وملاحقة هذه المنظمات والقائمين عليها حسب القوانين الوطنية، فالسيادة الوطنية لا تسمح للأجانب بالعمل داخل سيادتنا من أجل تحقيق بعض الأنشطة حتى وإن تعلقت هذه الأنشطة بالتثقيف السياسي والتوعية ونقل التجارب والخبرات، فهي جميعها مرفوضة تماماً مادامت تعد مساساً بالسيادة الوطنية. ليست البحرين وحدها بحاجة لتحديد آليات وأطر قانونية للتعامل مع هذه المنظمات الأجنبية فحسب، بل هي حاجة خليجية فعلاً لأن تكون هناك آلية وإطاراً قانونياً موحدة للتعامل مع هذه المنظمات داخل بلدان مجلس التعاون، وكذلك الحال بالنسبة لكيفية التعامل معها وهي في الخارج. فمادامت هناك جهود مفرقة فلن تكون هناك نتائج حقيقية وواضحة وسريعة حتى لمنع تدخلات هذه المنظمات الأجنبية.