دخلت اليونان بطولة أمم أوروبا عام 2004 كالمنتخبات المتواضعة، من دون إعلام مسلط، ولا اهتمام، بل صب كل الاهتمام على المنتخبات الكبرى، كفرنسا حاملة اللقب آنذاك ومع عودة زيدان وماكاليلي وتورام من الاعتزال التي أرادت إعادة ما صنعته من مجد بالبطولة السابقة، وإيطاليا التي تريد إعادة ذاتها بعد الخيبة المونديالية أمام كوريا الجنوبية والخروج بالهدف الذهبي القاتل الذي أودى بالآزوري إلى الحضيض، أيضاً المنتخب البرتغالي صاحب الأرض والمرشح للقب بوجود نخبة فريدة من اللاعبين كفيغو ونونو غوميز واللاعب الصاعد آنذاك كريستيانو رونالدو.
قدم اليونانيون درساً لا ينسى في تكتيك كرة القدم للمستضيف المنتخب البرتغالي الذي فاجأ الجميع بعرض.
مخيب للآمال وتقدمت اليونان والتي قادها مدربها المحنك آنذاك الألماني أوتو ريهاغل بعد سبع دقائق عبر لاعب وسطها كاراجونيس من تسديدة قوية وانتهى الشوط الأول بهدف المفاجأة للمضيف، ومع بداية الشوط الثاني ورغم التغييرات البرتغالية في محاولة جادة من البرازيلي سكولاري لتعديل الأوضاع حصل زاغوراكيس على ركلة جزاء بعد عرقلة من البديل كرستيانو رونالدو وتقدم لها الخبير باسيناس فوضعها في المرمى وسط ذهـول جماهيري عالمي ضخم .. قبل أن يتمكن كرستيانو رونالدو من تقليص الفارق بآخر الدقائق، ومنذ تلك المباراة والدرس الكروي الذي قدمه ريهاقل للجمهور واليونان خطر تكتيكي كبير.
ولعل التشابه كبير بين اليونان في هذه البطولة وبين منهجية الطليان في التأهل والفوز بالبطولات، فاليونان تماماً كالطليان، يتأهلون بصعوبة بالغة كما تأهلوا في هذه البطولة بفوز على البرتغال وتعادل مع الإسبان كان أشبه بالفوز وخسارة مفاجئة من الروس، ولكن رغم ذلك تأهلوا، فلعبوا الإغريق بشراسة في الدفاع وكأنهم يدافعون عن أبنائهم، ولكنهم مع الدفاعية البحتة يفوزون للفاعلية الكبيرة في الهجوم وبمنطق واحد لا غير لمن يعتمد الكاتاناتشيو، الغاية تبرر الوسيلة.