أكد أطباء ومختصون أن “الصيام فرصة طيبة للتحكم في رغبة الطعام والشراب، ولمنح الجسم فرصة للراحة وتجديد النشاط، إضافة إلى تصحيح عادات غذائية سيئة، وأساليب عشوائية في تناول الطعام، تنجم عنها مخاطر صحية متعددة، أهمها الإصابة بالسمنة، وتراكم الدهون على جدار الأوعية الدموية، ما يسبب تصلب الشرايين، وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، بينما الإفراط في البروتينات والكربوهيدرات يرسب أملاح اليوريك فتسبب خشونة المفاصل، ومضاعفات صحية لا تحمد عقباها.

وما بين إعداد أشهى الوجبات وتحقيق التوازن الغذائي تصبح المعادلة صعبة بالنسبة للأصحاء.. فماذا يكون الأمر بالنسبة للمرضى الذين يعانون من أمراض مختلفة ويرغبون في الصيام؟! في هذا السياق، أوضح الأطباء أن الأمر يختلف بالنسبة للمصابين بأمراض مختلفة خصوصاً أمراض الكبد، نظراً لضرورة اتباع هؤلاء المرضى لنظام غذائي محدد، وضرورة تناولهم العقاقير في مواعيد منتظمة، وأي خلل يحدث ربما يؤدي إلى مضاعفات صحية لا تحمد عقباها.

نوعان من المرض

من جهته، قال استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد د.أيمن سيف إنه “فيما يتعلق بصيام مرضى الكبد في رمضان فهناك نوعان من مرضى الكبد أحدهما مريض الكبد المتكافئ والآخر غير المتكافئ”، موضحاً أن “مريض الكبد المتكافئ الذي لا يعاني من تليف بالكبد أو يعاني من التليف البسيط يسمح له بالصيام مع مراعاة عدم الإسراف في تناول الأملاح والمخللات نظراً لأنها ضارة لصحته فهذه الأكلات تسبب له التورم بالقدمين، بل وقد تؤدي لإصابته بالاستسقاء، ويفضل أن يكون طعامه يحتوى على القليل من ملح الطعام، أيضاً فإن الإقلال من تناول البروتينات يعد من الأمور الضرورية لمثل هذا المريض حتى لا تكون سبباً في إرهاق الكبد، وقد يصل الأمر إذا ما تناول البروتينات إلى إصابته بما يسمى الغيبوبة الكبدية، بالإضافة إلى ذلك فإنه من الضروري لمثل هذا المريض الإقلاع عن التدخين، وعدم شرب القهوة أو الشاي، مع تجنب استخدام المنشطات، والمنبهات، والمسكنات، نظراً لخطورتها على الكبد.

وذكر أنه يتحتم على المريض أيضاً عدم تناول المواد الدهنية حتى لا تترسب في خلايا الكبد، وتؤدي إلى إصابته بالفشل الكبدي، ومن أهمها المواد الدهنية التي تؤدي إلى هذه النتيجة مثل اللحوم الدسمة والحلويات المحشوة بالمكسرات التي لا تخلو منها موائد شهر رمضان.

وفيما يتعلق بمن يعانون من التهاب كبدي حاد، أشار د.سيف إلى أن هؤلاء يجب ألا يصوموا لأنهم يعانون من تكسير حاد في خلايا الكبد، واضطراب شديد في الوظائف، ومن ثم يجب الحفاظ على الدورة الدموية للكبد.

غذاء طبيعي

وتابع “أما النوع الثاني من المرض فهم من يعانون من الأمراض المزمنة للكبد، وتشمل الالتهاب الكبدي المزمن بنوعيه فيروس “سي C« و«بي B« وتليف الكبد، وهؤلاء في أغلب الأحوال عليهم أن يعيشوا من ناحية الغذاء بطريقة طبيعية تماماً، سواء كان الالتهاب الكبدي مزمناً، ومستقراً، أو تليفاً كبدياً متكافئاً، أي عدم وجود فشل كبدي”.

وأضاف د.سيف أنه “على هؤلاء المرضى أن يأكلوا بانتظام مثل الشخص السليم، وبالتالي يستطيعون الصوم سواء كانوا يتناولون علاجاً أو لا يتناولون”.

وأشار إلى أنه “في حالات التليف الكبدي غير المتكافئ أي المصحوب بفشل أو هبوط شديد في وظائف الكبد فهؤلاء عليهم عدم الصيام، ويجب عليهم الالتزام بنظم خاصة في الغذاء، مثل مريض استسقاء البطن، أو تورم القدمين نتيجة اختزان الماء والصوديوم في الجسم، وهذا المريض عليه الامتناع عن تناول ملح الطعام، وتوصف له في معظم الأحوال مدرات للبول لخروج الصوديوم والماء الزائد من الجسم، وبالتالي لا يستطيع أن يصوم لأنه يحتاج إلى تعويض الماء الذي يفقده الجسم عن طريق إدرار البول”.

الغيبوبة الكبدية

ولفت د.سيف إلى أن “ما سبق ينطبق أيضاً على حالات الفشل الكبدي أو ما يسمى بالغيبوبة الكبدية، علماً بأن ليس كل المرضى في حالات غيبوبة تامة، أي غياب عن الوعي لكن هناك علامات يستطيع الطبيب منها أن يشخص أن المريض سيدخل في غيبوبة كبدية، وهذا المريض له نظام غذائي خاص يشمل الإقلال من البروتينات والإكثار من النشويات والسكريات، وفي بعض الأحيان يحتاج إلى محاليل ومطهرات للقولون للإقلال من الأمونيا، وهذه الحالة لا تتناسب مع الصوم، لذلك فهذا المريض يعفى تماماً من الصوم، بل يحظر عليه الصيام تماماً حتى لا تتفاقم حالته الصحية، وقد يعاني من مضاعفات خطيرة لا يحمد عقباها.

مرضى زراعة الكبد

وفي رد على سؤال يتعلق بصيام المرضى الذين تمت لهم زراعة كبد، أوضح د.سيف أن “غالبية المرضى يكونون أصحاء ويستطيعون الصيام، فيما عدا نسبة قليلة منهم بحاجة إلى تناول أدوية على فترات متقاربة أكثر من مرتين يومياً من مثبطات للمناعة أو غيرها، أو الذين لديهم ضعف في عمل الكلى، أو لأسباب أخرى قد يفضل الطبيب المعالج فيها عدم صيامهم، ولا شك في أن العلاقة القوية بين الطبيب المعالج، واختصاصي التغذية، والمريض هي أساس نجاح العلاج، حيث إن الإرشادات والتعليمات الطبية تختلف باختلاف المريض وحالته الصحية، وعدم الأخذ برأي غير المتخصصين.

مرضى دوالي المريء

من جانبه، أوضح أخصائي أمراض الكبد د.ماجد الهارون أن “مريض نزيف دوالي المريء بعد أن يحقن أو تجرى له عملية ربط الدوالي يكون عرضة لتكرار عملية النزيف، ومن الأسباب التي قد يكون لها دور في هذا التكرار هو حموضة المعدة، وبالتالي ينصح بعدم ترك المعدة خالية بل واستخدام مثبطات إفراز الحامض، ويجب أن تكون الدورة الدموية متكافئة لما يتطلب أخذ السوائل باستمرار.

وبشأن مرضى الارتجاع وقرحة المعدة، لفت د.الهارون إلى أنه “لا توجد موانع صحية في صيام مثل هؤلاء المرضى شريطة الحذر من ملء المعدة بصورة مفاجئة بعد الإفطار، ومن الأفضل تهيئة المعدة بأكلات خفيفة، والاعتماد على وجبة واحدة في اليوم للوقاية من القيء”.