كتب - إبراهيم الخدري:

كثيراً ما يجد القارئ لكتاب الله تعالى وسنة رسوله المصطفى (صلى الله عليه وسلم) الأساليب التربوية المتنوعة، من ذلك قوله تعالى: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ... ) الذاريات 25،24 إلى آخر قصة ضيوف إبراهيم (عليه السلام)، وقد تضمنت ثلاثة من الأساليب التربوية وهي: أسلوب السؤال وأسلوب القصة وأسلوب الحوار والمناقشة الجماعية. فأسلوب السؤال والقصة مدعاة للتفكير والاشتياق لمعرفة الجواب والأحداث التي وقعت للاعتبار بها، وأسلوب الحوار مدعاة لاشتراك الجميع في الإفادة والاستفادة. ومنها: أسلوب الترغيب كقوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) سورة الزمر (53). ومنها: أسلوب الترهيب كقوله تعالى: (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) سورة آل عمران (28). ومنها: أسلوب الاستنتاج والاستنباط، ومن أمثلته أن النبي (صلى الله عليه وسلم) جيء له بجُمار -وهو اليذب الذي يكون في النخلة ـ فقال: (إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟) فالرسول (صلى الله عليه وسلم) أتى بمقدمتين تقربان للسامع استنباط النتيجة إضافة إلى القرينة الواقعة عند السؤال وهي مجيء الجمار له، قال عبدالله بن عمر وكان أصغر المستمعين: ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت) أخرجه البخاري برقم 61،62،72.

ومن أمثلته حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس فقال: إن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار العبد ما عند الله قال: فبكى أبوبكر -رضي الله عنه- فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عبدٍ خُير، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو المخير، وكان أبوبكر أعلمنا ...) أخرجه البخاري برقم 3654، فسيدنا أبوبكر فهم ذلك واستنبطه من قرينة أن النبي ذكر ذلك في مرض موته فانقدح في ذهنه أنه عنى نفسه الشريفة.