دأبت شركة نفط البحرين “بابكو” على إصدار التقارير السنوية عن عمليات النفط وشؤون الموظفين ومساهمة الشركة في تطور المجتمع، في وقت قامت الشركة بإنجاز 71 شريطاً وثائقياً، حول إنجازات البحرين خلال الأعوام الماضية، إلى جانب قيام وحدة الأفلام في الشركة بإنتاج 150 فيلماً إخبارياً وثقافياً خلال 16 عاماً.
وكانت التقارير السنوية -التي تصدرها الشركة- توجَّه من إدارة الشركة إلى حاكم البحرين فقط، واستمر الحال كذلك حتى عام1951، عندما وجَّه الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين رسالة إلى رئيس “بابكو”، أكَّد فيها أهمية أن يطلع موظفو الشركة وأهاليهم وعموم شعب البحرين على مجريات الأمور والتطورات في شؤون الشركة والنفط.
وطلب حينها الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، من رئيس “بابكو” بنشر التقارير السنوية التي تمَّ توزيعها على الموظفين وتمكينهم من إيصالها إلى أهاليهم وعموم شعب البحرين. وهو ما حدث ابتداءً من تقرير عام 1952 الذي صدر لأول مرة بشكل مميز وعلى شكل مربع، وهو الشكل الذي لم يتكرر في الأعوام اللاحقة.
واحتوى التقرير على 9 أبواب تناولت عمليات الإنتاج مع رسم بياني لتطور إنتاج النفط خلال الأعوام (1932-1952) حالة الآبار وعمليات التنقيب الجديدة، ثم التكرير وإحصائية بالمنتجات المكررة، عمليات الشحن للخارج، التموين والتوزيع المحلي، باب خاص بالموظفين وما يحصلون عليه من مميزات ومكافآت، باب التعليم والتدريب، الصحة والإنشاءات التحسينات، مشروعات عامة، البحرين بالصور، بالإضافة إلى خارطتين ملونتين للبحرين، الأولى تبين المناطق والثانية تبين النشاطات الاقتصادية والاجتماعية.
أما المطبوعة الأخرى التي حرصت “بابكو” على إبرازها بصورة منتظمة منذ بداية اهتمامها بالإعلام هي مطبوعة التقويم السنوي، هذا التقويم الذي تطور كثيراً من حيث الشكل الحجم والمضمون.
من جهة أخرى اشتهر تقويم “بابكو” السنوي باختياره لموضوع واحد في كل سنة وتقديمه في صور متعددة وزوايا ومعلومات مختلفة، حيث يتم التعليق على كل صورة وبإسهاب باللغتين العربية والإنجليزية.
على الصعيد ذاته، أنجزت الشركة نحو71 شريطاً وثائقياً حول إنجازات وتطورات البحرين خلال الأعوام الماضية، إلى جانب قيام وحدة الأفلام في الشركة بإنتاج نحو 150 فيلماً إخبارياً وثقافياً خلال 16عاماً.
ومنذ أنْ تمَّ اكتشاف النفط في العام 1932، وبعد أنْ ترسخت أمور الإنتاج والتكرير والتوزيع والتصدير، أولت شركة نفط البحرين “بابكو” الإعلام والثقافة والتوعية، الاهتمام الذي تستحقه من الناحيتين المادية والمعنوية.
وبحسب مجلة النجمة الأسبوعية، لم تقتصر دائرة اهتمامها هذا على شؤون الشركة وموظفيها، وإنما امتد ليشمل كل البحرين وطناً وشعباً وحكومة، وكل ما يمت بصلة إلى التقدم والتطور وزيادة الوعي والمعرفة والمساهمة في التنمية الشاملة.
جريدة
«النجمة الأسبوعية»
يُشار إلى أنَّ التطور الأكبر - الذي أقدمت عليه بابكو في حقل الإعلام المكتوب - هو إصدارها لجريدة النجمة الأسبوعية باللغة العربية وزميلتها “الايلندر” باللغة الإنجليزية في يناير من عام 1957.
وتضمنت جريدة “النجمة الأسبوعية” في عددها الأول كل ما يختص بشؤون البحرين، ويحررها موظفوها ويتولى طبعها وصناعة صورها مؤسستان وطنيتان تستخدمان أحدث وسائل الطباعة وصناعة “الاكليشهات”.
وتهدف “النجمة الأسبوعية”، إلى توثيق عرى الصداقة بين أفراد أسرة “بابكو” ونشر الثقافة والعمل على إطلاع الجميع على الحقائق الجارية داخل هذه المؤسسة، التي تضم آلاف الموظفين”.
لكن الواقع التي تجلى بعد ذلك في أعدادها اللاحقة أن النجمة لم تكن جريدة شركة النفط “بابكو” فحسب، بل إنها كانت جريدة البحرين بصفة عامة، فقد اعتبرت سجلاً لكل التطورات والأحداث في البحرين في النطاقين الخليجي والإقليمي.
ومع أن عدد صفحاتها لا تزيد عن الأربع بمقاس “التابلويد” أو نصف جريدة، إلا أن أخبارها وموضوعاتها كانت موزعة بصورة منتظمة وثابتة، ومكثفة بحيث تستوعب صفحاتها الأربع وجبة صحفية دسمة ومتكاملة ابتداء من الخبر الرئيس الذي قد يكون مرتبط بحدث من داخل الشركة أو من البحرين بصفة عامة أو منطقة الخليج، وقد يكون إنجازاً رئيساً أو كارثة طبيعية أو غيرها، فالحدث الأهم يطغى على المهم، ولا علاقة للخبر بالمكان أو الجهة، وهذا ما تعارفت عليه الصحافة الحقة والمتقدمة.
وصدرت النجمة الأسبوعية في العام 1975 واستمرت في الصدور حتى عام 1973، ولكنها بقيت منذ صدورها حتى عام 1965-عام صدور جريدة الأضواء- وحيدة في مجال الإعلام المكتوب، بل إنها سدَّت فراغاً ناجماً عن غياب الصحف خلال هذه الفترة، وبالتالي أصبحت الصحيفة المحلية الوحيدة التي تزود عموم البحرين بآخر الأخبار والتطورات ومجريات الثقافة ومتطلبات التوعية.
وبعد عام من صدورها نشرت النجمة مقالاً بهذه المناسبة جاء فيه:«خلال العام الأول المنصرم من حياتها دأبت المجلة على القيام بجولات وزيارات متنقلة مع عدسة مصورها لتفقد حقول النفط تارة ومدينة العوالي تارة أخرى ومصنع التكرير طوراً وميناء سترة طوراً آخر، ومن مصنع البرميل إلى منطقة الخزانات..لم ترم من هذه الزيارات سواء تقديم جماعات الموظفين عند قيامهم بالواجب”.
ولم تجهل إدارة تحرير هذه الجريدة قط أية جهود أوهمم قامت من جانب الإدارة، بل سايرت ركب التقدم والمشاريع العمرانية في البحرين، وحملت لواءه مخصصة لذلك افتتاحياتها وجانب من مساحتها لجلائل الأعمال والنشاط أمثال: مشروع القوى الكهربائية، إسالة المياه، المعرض الزراعي، افتتاح المدارس والمستشفيات وغيرها من عشرات المشاريع النافعة، ونواحي النشاط الاجتماعي والرياضي والترفيهي الذي يسانده رجالات الحكومة والشركة والأندية والأهالي على السواء.
وفي العام 2011 وبعد 27 سنة من التوقف عاودت بابكو إصدار “النجمة الأسبوعية” بنفس المقاس وبـ8 صفحات بدلاً من 4 صفحات، في خطوة من الشركة للمحافظة على تراثها الثقافي والإعلامي والمتمثل في النجمة الأسبوعية.
الإعلام المرئي
على الرغم من الدور الفاعل والمتميز الذي لعبه الإعلام المكتوب، إلا أنه بالتوازي معه عمدت “بابكو” إلى الإعلام المرئي أو السينمائي ليقوم هو الآخر بدور إعلامي وثقافي وتوعوي بأسلوب مختلف، وربما محبب ومفيد مع الكثيرين الذين تجذبهم الصورة المتحركة، أو لا يعرفون قراءة الكلمة المكتوبة، وفي كل الأحوال فقد سدَّ إعلام بابكو المرئي فراغاً على النطاق المحلي، شبيهاً بذلك الفراغ الذي سدَّه الإعلام المكتوب. وأنشأت “بابكو” وحدة خاصة تابعة للعلاقات العامة لإنتاج الأفلام، أخذت تنتج الأفلام بكافة متطلباتها من تصوير وصوت وإخراج و«مونتاج” وترجمة وغيرها.
واتخذ هذا الإنتاج اتجاهين هما التثقيفي أو التعليمي، والاتجاه الإخباري الذي يتتبع الأحداث والتطورات على صعيد الشركة والمملكة بصفة عامة، ومن ثم يسجلها ويبثها فيلماً من خلال دور سينما بابكو والسينما المتنقلة، ودور السينما الأهلية بالمنامة والمحرق، بالإضافة إلى توزيع هذه الأفلام على محطات التلفزيون ودور السينما في الدول الأخرى.
يُشار إلى أنَّ أول فيلم أنتجته دائرة العلاقات العامة في شركة “بابكو” كان بمقاس (35 ميللمتر)، وهو يشرح الطريقة الصحيحة لفلك وإصلاح توربين ومضخة مصنع التكرير، وعرض هذا الفيلم في أكتوبر من العام 1958 على نخبة من المشاهدين في سينما العوالي.
إما إنتاج أول فيلم أو نشرة إخبارية سينمائية صادرة عن شركة بابكو، فقد تمَّ في مرحلة لاحقة من نفس العام، وكان ذلك الفيلم بمقياس 36 ميلليمتر، وفور إنجازه جرى عرضه في دور السينما المحلية.
وأعلنت الشركة أنها تهدف من وراء إنتاج هذا الفيلم والأفلام الإخبارية التالية، إلى خلق نوع من الاهتمام بين روّاد السينما عن الأنباء التي تجري محلياً، وعرض للأحداث الهامة التي تقع في المملكة، بالإضافة إلى عرض صور أخرى للأعمال التي تخص الشركة.
وعلى مدى 16عاماً، أنتجت دائرة العلاقات العامة بشركة “بابكو” ما لا يقل عن 150 فيلماً إخبارياً ووثائقياً وثقافياً وتعليمياً، بعضها أفلاماً خاصة بالتدريب، وبعضها أفلاماً خاصة بالمناسبات والزيارات الرسمية أو احتفالات، أو إقامة معارض ومشروعات، كما حظيت أفلام التوعية الصحية بنصيب وافر.
وفي المجمل إنَّ الأفلام التي أعدتها شركة “بابكو” في الحقول المختلفة كانت ولازالت تعتبر وثائق يعتمد عليها الباحثون والمؤرخون في المجالات المتعلقة بتطور البحرين.
أفلام ثقافية
من ضمن سلسلة هذه الأفلام، ومن أوائلها هناك فيلم (أرض الحياة) الذي استغرق العمل فيه 6 أشهر وأنتج في يونيو 1959 ومدته 45 دقيقة، ويتحدث عن تنقيبات واكتشافات بعثة الآثار الدانماركية.
وقد وضع هذا الفيلم ضمن سلسلة أفلام كالتكس الدولية التي تعرض على عدد كبير من دور السينما والتلفزيون في العالم ويشاهدها ملايين المتفرجين، كما عرض فيلم أرض الحياة في المتحف الوطني بالدنمارك، ودلت الإحصائيات أن حوالي 3 ملايين شخص قد شاهدوا هذا الفيلم في الولايات المتحدة، عندما عرض في محطات تلفزيون 7 ولايات هناك.
وتمَّ عرض فيلم لؤلؤة الخليج الذي أنتجته “بابكو” لصالح كالتكس عام 1959 وعرض على شاشات 157 محطة تلفزيون في الولايات المتحدة، إلى جانب فيلم “طريق الشرق” والذي تدور قصته حول التنقيب عن الآثار في آلاف البور والتلال القديمة المدفونة في البحرين، وقد اختير كواحد من أفضل خمسة أفلام من قبل كالتكس للعرض في كندا.
كما تمَّ عرض فيلم “مرح في لبنان” الذي يصوِّر رحلة سياحية يقوم بها أشبال بحرينيون فازوا في سباق العربات، الذي نظمته بابكو في الصخير والأماكن السياحية التي زاروها هناك.
أشرطة الأنباء
وفي سلسلة الأفلام الإخبارية أو شريط أنباء البحرين أو شريط “بابكو” للأنباء كما يعرفه روّاد دور السينما، هذه السلسلة أنتجت منها وحدة الأفلام 71 فيلماً، من بينها على سبيل المثال: فيلم خاص بكيفية ومجالات ومتطلبات استغلال ثروة البحرين المائية، فيلم أنتج عام 1961 تمَّ تصويره في بريطانيا حول تدريب الطلبة البحرينيين هناك وقد أخرج في البحرين.
ومن بين الأفلام المنتجة، فيلم جرى عرضه بدور السينما يستعرض حركة المرور في البحرين والتطور، الذي طرأ على نظام السير في مناطق متعددة من المملكة، إلى جانب فيلم أنتج عن زيارة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة حاكم البحرين للمملكة المتحدة عام 1964، وقد شاهده في العوالي وأهداه مستر جوزيسون نسخة منه.
وعرضت دور السينما في البحرين الشريط الإخباري الشهري الذي أنتجته “بابكو” في مارس عام 1964، ويتضمن: العاصفة التي هبت على البحرين، تجمد المياه في العوالي، ارتطام الناقلة كوكيوم وإعادة انتشالها، وكذلك الأعمال التي تقوم بها البعثة الدانماركية في ذلك الوقت، بالإضافة إلى الشريط رقم 12، والذي يسجل ترنيمة عيد الميلاد لفرقة الموسيقى بنادي بابكو.
كما يتضمن قيام سمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد بوضع حجر الأساس لقريتي عسكر وجو الجديدتين، وافتتاح محطة بنزين في الرفاع.
من أهم الموضوعات التي شملها شريط الأنباء الذي أنتج في سبتمبر 1965 اجتماعات حكام إمارات الخليج في دبي لبحث إصدار العملة الجديدة، ويتضمن الشريط أيضاً زيارة سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مالية البحرين إلى شركة ويمبي في ميناء سلمان، ووصول شخصيات مهمة إلى مطار البحرين.
وفي يونيو 1968 عرضت دور السينما الفيلم الذي أعدته وحدة الأفلام في “بابكو” لدائرة الإعلام لحكومة البحرين، ويستغرق مدته 27 دقيقة حول الزيارة الرسمية لحضرة صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة حاكم البحرين إلى الجمهورية العراقية.
أما الشريط رقم 71 كان آخر شريط صوَّرته بابكو عام 1971 ويتناول زيارة سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء إلى مصر ومدة هذا الشريط 18 دقيقة.
أفلام التثقيف الصحي
دأبت بابكو على المشاركة في أسبوع الصحة العالمي، وعلى إعداد أفلامٍ تثقيفية صحية بهذه المناسبة تركز عادة على موضوع الأسبوع، وغير ذلك فقد أنتجت أفلاماً توعوية صحية أخرى عديدة للتوعية بالوقاية من الأمراض والأوبئة مثل فيلم “طبائع وأخطار الذباب”، كما صوّرت فيلماً آخر عن الوقاية من مرض التراخوما والحدِّ من انتشاره في البحرين، وكذلك فيلماً آخر يتناول مشاكل داء الدرن، كما تمَّ إنتاج فيلم عن الإسعافات الأولية.
وعرضت هذه الأفلام في أرجاء البحرين، وأهديت نسخاً منها إلى دائرة الصحة لحكومة البحرين ضمن العديد من أوجه التعاون، والدعم الذي قدمته بابكو للحكومة في مجالات صحية عديدة.