رمضان مدرسة أخلاقية ودورة مكثفة لتهذيب النفوس وتقوية إرادة الخير فيها، ولكن لن يستفيد من هذه المدرسة إلا من صام هذا الشهر صيام عبادة لا عادة، فيمتنع عن المفطرات من طعام وشراب وجماع طاعة لله، ويمتنع عن سيئ الأخلاق كذلك ليحقق حقيقة الصوم وجوهره.
وقد أشار النبي عليه الصلاة والسلام صراحة إلى ارتباط الصوم بالأخلاق، فقال: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري، فهذا الحديث النبوي الشريف يربط الصوم بشكل مباشر بالقيم الأخلاقية، فالصائم ينبغي عليه أن يحرص على تصرفاته القولية والعملية كما هو حريص على مسألة أحكام المفطرات، لا سيما أن الذي يمتنع عن الطعام والشراب سيكون في غالب الأحيان في ضيق وضجر بسبب الجوع والعطش، فجاء الاختبار من الله أن يحرص الصائم وهو في حالة الجوع والعطش والتعب على محاسن الأخلاق ومكارم الآداب، وبذلك يكون صومه على وفق ما أراد الله.
فيا أيها الصائم لا تنسَ وأنت في وسط النهار وأثناء مخالطتك بالناس أن أجر الصيام وثوابه متوقف على مدى التزامك بالأخلاق الفاضلة قولاً وعملاً، لا سيما أن الأمر يتطلب قليلاً من المجاهدة والترويض، إلا أن مرارة الصبر والمجاهدة تزول، ويبقى ما عند الله ذخراً لك تلقاه يوم القيامة إن شاء الله.