أكَّد سفير المملكة المغربية الشقيقة أحمد رشيد خطابي أنَّ التعاون المشترك بين مملكة البحرين والمملكة المغربية، يشهد تطوراً ونماء على الأصعدة والمستويات كافة، مؤكداً حرص المملكة المغربية الدائم على تنمية هذه العلاقات الطيبة والمتميزة، وتطويرها بما يعود بالخير والنفع على البلدين والشعبين الشقيقين.
وأعرب السفير المغربي في تصريح أمس، بمناسبة ذكرى “عيد العرش” في المغرب الذي يصادف في الـ30 من يوليو، عن اعتزازه بالمستوى الرفيع والطابع النموذجي للعلاقات الثنائية بين المملكتين، المتسمة دوماً بالصفاء والتضامن المطلق والاحترام المتبادل والتعاون المتجدد، في ظلِّ التوجيهات السديدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وأخيه صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، معبراً عن شكره وتقديره لمشاركة مملكة البحرين باحتفالات المغرب بمناسبة الذكرى الـ13 لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المغرب، واصفاً هذه المناسبة بأنها “الحدث الذي يرمز للوفاء والتلاحم وتعلق المغاربة بالثوابت والقيم الوطنية، وفي جوهرها النظام الملكي الدستوري الضامن للسيادة والوحدة الترابية، وحوزة البلاد واستمرارية الدولة والكافل للحقوق والحريات الفردية والجماعية في نطاق حكم ديمقراطي تشاركي ومجتمع متضامن ينعم فيه الجميع بالمساواة والعيش الكريم”.
وأضاف خطابي أنَّ المشاريع الإنتاجية والتنموية والإصلاحات المجتمعية والحقوقية والثقافية، التي تحققت بقيادة جلالة الملك محمد السادس تجسد بجلاء إرادته السامية لتكريس دعائم دولة القانون والمواطنة الكاملة وعزيمته الراسخة، من أجل توطيد مؤسسة ملكية موحدة وفاعلة تعد قوة حقيقية للتطور والبناء والتطلع نحو المستقبل.
وبهذه المناسبة أشار خطابي في مقال كتبه تحت عنوان “عيد العرش.. استمرارية مسار تاريخي” إلى أنه منذ ثلاثينيات القرن الماضي وفي خضم الكفاح من أجل إنهاء الاحتلال الفرنسي والإسباني، بادرت القوى الوطنية لتنظيم أول احتفال بعيد العرش في المغرب، الذي عاش منذ قرون تحت نظام حكم ملكي، تعبيراً عن التلاحم بين الشعب المغربي والمؤسسة الملكية ضد أي مساس بسيادة البلاد.
وأوضح “في عشرينيات القرن الماضي وفي سياق مرحلة عصيبة اعتلى العرش المغفور له الملك محمد الخامس في نوفمبر 1927، وعمره لا يتجاوز الثامنة عشر مؤمناً بحتمية انعتاق الشعب المغربي وكرامته وهكذا، لم يفوت أية فرصة للمطالبة بالحقوق المغربية في جميع المناسبات المحلية والدولية، بما فيها زيارته لمنطقة طنجة الدولية ولقاءاته مع رؤساء بعض الدول كروزفلت وتشرشل، خلال مؤتمر أنفا في 1943 أي سنة قبيل تقديم عريضة المطالبة بالاستقلال”.
وقال السفير المغربي إنه “بحكم المواقف الوطنية الشهمة للملك الراحل وتحديه لما يسمى بـ«المقيم العام” ممثل سلطات الاحتلال تمَّ نفيه بمعية أسرته الشريفة لكورسيكا ثم لمدغشقر في 20غشت 1953 وهو ما أدى لإشعال ثورة الملك والشعب البطولية، التي انتهت باستقلال البلاد في 1956م”.
وجاء في مقال السفير المغربي أنه “بنفس الروح، واصل المغفور له الملك الحسن الثاني الذي اعتلى العرش في 3 مارس 1961 معركة استكمال صرح الاستقلال والوحدة الترابية الشاملة للمملكة، وعمل على بناء دولة عصرية تمزج بين تقاليد الحكم والموروث الأصيل ومتطلبات التطوير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ضمن نسق دستوري تعددي يمنع الحزب الوحيد، وذلك منذ أول دستور للبلاد في 1962، الذي خضع لخمس مراجعات آخرها في 1996 التي مهَّدت لتكوين أول حكومة تناوب توافق ديمقراطي، كما عمل بحنكة وإصرار، بعد فترة الانكماش التي فرضتها ظروف الاحتلال، على إعادة الاعتبار للدبلوماسية المغربية بما يجسد ديمومة الدولة ودور المغرب المؤثر في محيطه ومن هذا المنطلق، كرَّس جهوده ومبادراته وأعماله لإعطاء المغرب مكانة دولية مرموقة كبلد مغاربي وعربي وإسلامي وأفريقي ومتوسطي مدافع عن المبادئ الأممية والشرعية الدولية، ومناصر للقضايا العربية والإسلامية، وخاصة قضية الشعب الفلسطيني، والمحافظة على الذاتية الحضارية والروحية والعمرانية للقدس الشريف”.
وأكد أنه واستمرارية لهذا المسار، “يحتفل الشعب المغربي بعيد جلوس صاحب الجلالة الملك محمد السادس على عرش الدولة العلوية منذ تأسيسها في 1631، وهو يقدم بمنظوره التشاركي والتضامني نموذجاً مميزاً لمؤسسة ملكية - مواطنة داعمة لتوطيد دولة الحق والقانون وتحديث المجتمع المغربي بصفة متسقة مع خصوصيات المجتمع المغربي، وهذا ما تجلى في إطلاق أوراش كبرى وتشييد بنيات تحتية ومشاريع ملموسة تتوخى النهوض بالمواطن والاستجابة لحاجياته في نطاق سياسة القرب التي انتهجها، من خلال حرص جلالته الدؤوب على معاينة أحوال المواطنين ومحاربة التهميش والإقصاء والفقر، خاصة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكذا متابعة مخططات تنمية قطاعات حيوية كالفلاحة والري والصناعة والسياحة والطاقات المتجددة، وهذا ما تجلى كذلك في إصلاحات هيكلية وحقوقية ومجتمعية وثقافية غير مسبوقة، من أجل بناء مجتمع أكثر تماسكاً وتوازناً، مجتمع متصالح مع الماضي، ينعم فيه الجميع بمواطنة حقيقية في إطار من الالتزام والحكامة الجيدة والتخليق”.
كما أكَّد السفير المغربي في مقاله أنَّ “الدستور الجديد المصادق عليه في يوليو 2011، يُعَدُّ تحولاً عميقاً في الحياة السياسية ومحطة نوعية في مسيرة البناء الديمقراطي، من حيث إعادة التوازنات وتحديد الصلاحيات بين السلطات الدستورية، وتوطيد تنوع مقومات وروافد الهوية المغربية الموحدة وفي صلبها الثقافة واللغة الأمازيغية، وإرساء دعائم الجهوية، والارتقاء بسلطة القضاء، وحماية منظومة حقوق الإنسان وضمان كرامة الفرد وإرساء آليات للمراقبة والمحاسبة”.
وقال إنَّ “الإصلاح الدستوري المعلن عنه في الخطاب التاريخي ليوم 9 مارس 2011 جسَّد البعد الاستباقي وحيوية الفكر السياسي لجلالة الملك محمد السادس، في عالم متغير وفضاء إقليمي متحول، الهادف الى تيسير انخراط المغرب القوي في ديناميكية متطورة، في إطار من التوافق والتعبئة والثقة في استشراف مستقبل واثق للشباب والأجيال الصاعدة”.
وعلى المستوى الدبلوماسي، وفق مقال السفير المغربي “يعمل جلالة الملك وبنفس المقاربة التشاركية على ترسيخ وحدة وسيادة البلاد وتحصين المكتسبات في ضوء المبادرة المقدامة للحكم الذاتي، واعتماداً على إجماع وتعبئة كل القوى الوطنية التي تعتبر أن قضية الوحدة الترابية غير قابلة للمساومة وفوق كل الاعتبارات”.
وقال إنَّ المغرب يتطلع وفق دوائر محددة وأولويات واضحة لتقوية علاقاته كعضو فاعل في المجموعة الدولية، ومسهم في حفظ السلام والأمن متطلع لتنويع وتكثيف شراكاته في فضاءاته الجيو-استراتجية وخارجها ، موضحاً أنه “بنفس العزيمة يتطلع المغرب بقيادة جلالته بأمل وثبات وأناة لبناء الاتحاد المغاربي، كخيار دستوري ومطمح شعبي لدول المنطقة الخمس وفق منظور جديد، وتقوية علاقات التعاون والتضامن مع البلدان الأفريقية وتعزيز روابط الجوار مع الفضاء الأورو- متوسطي”.
وجاء في مقال السفير المغربي أنَّ “جلالة الملك بصفته رئيساً للجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي يسعى وفق رؤيته الرصينة والمتبصرة للعمل الميداني لدعم الساكنة المقدسية، وحماية مدينة القدس وذاتيتها الروحية والحضارية، بعيداً عن الشعارات الجوفاء، بارتباط وثيق مع الدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني العادلة”. توجه السفير المغربي “بخالص عبارات الإجلال والتقدير لمملكة البحرين الشقيقة على مشاركتها أفراح الشعب المغربي، متطلعين لتوطيد التضامن المتين وتحقيق مزيد من التعاون المثمر في جميع القطاعات، في ظلِّ التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وأخيه صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة”.