أكد الباحث خالد عبداللطيف التركي أن “مفاعل بوشهر النووي الإيراني يمثل خطراً داهماً وكابوساً إشعاعياً يضر بمنطقة الخليج العربي وسكانها”، مشيراً إلى أنه “خطر ينبع من واقع الطريقة التي أُدير بها المشروع خلال فترة إنشائه وأوضاعه التقنية وموقعه الجغرافي”.

وأوضح الباحث في بحث متكامل صدر حديثاً في كتاب تحت عنوان “مفاعل بوشهر.. الكابوس الإشعاعي على شفير زلزال” أن “امتلاك إيران القنبلة الذرية لا يُعتبر خطراً داهماً على دول الخليج العربي، لأن باستطاعة هذه الدول التعامل مع هكذا حالة بتطوير قدراتها الذاتية ومناعتها وبالتحالفات الدولية لفرض حالة من توازن الرعب”، مشيراً إلى أن “غرور قادة إيران في كيفية التعامل مع مشكلة مفاعل بوشهر أعمى بصيرتهم عن وقائع الجغرافيا والحقائق العلمية والمنطق السليم التي تحيط بهذه المنشأة”، وشدد على أن “غرورهم جعلهم يستهينون بالأخطار المحيطة ببلدهم وشعبهم إضافة إلى شعوب المنطقة بأكملها، وجعلهم يظنون أنهم بلغوا أعلى درجات العلم والتكنولوجيا وأن باستطاعتهم قيادة الآخرين وتعليمهم رغم أنهم في بداية طريق سلكوا فيها منعطفات خاطئة وخطرة”. ويتناول الباحث في كتابه “آراء الخبراء حول خطورة مفاعل بوشهر على دول المنطقة، وقصة المفاعل، وشرح لكوارث الطاقة الذرية على البشرية بدءاً من مفاعل هيروشيما ومروراً بمفاعل تشرنوبل وانتهاءً بفوكوشيما مع التركيز على الدروس المستفادة من تلك الكوارث، إضافة إلى شرح الآثار المحتملة للتعرض للإشعاعات وآلية تأثير الإشعاع الذري. والوسائل المتبعة في العالم لمعالجة آثار الإشعاع شاملاً الأدوية المعتمدة من الهيئات العالمية وقائمة بالأعشاب والأغذية المفيدة في هكذا حالات”. وفي السطور التالية نستعرض مقتطفات من كتاب المؤلف:

يقول الكاتب في ملخص بحثه “على الرغم من انشغال العالم بمحاولة ثني إيران عن مشروعها النووي على اعتبار أنه مشروع يهدف الإيرانيون من خلاله الوصول إلى صنع القنبلة النووية وذلك من خلال عقد الاجتماعات العديدة وتطبيق العقوبات الواحدة تلو الأخرى معتبرين أن تمكن إيران من صنع القنبلة الذرية خطر على العالم أجمع”.

ويضيف أن “امتلاك إيران القنبلة الذرية لا يُعتبر خطراً داهماً على دول الخليج العربي، لأن باستطاعة هذه الدول التعامل مع هكذا حالة بتطوير قدراتها الذاتية ومناعتها وبالتحالفات الدولية لفرض حالة من توازن الرعب. بل الخطر الداهم الذي تواجهه منطقة الخليج العربي هو مفاعل بوشهر النووي المُنشأ على الضفة الشرقية من الخليج العربي، وهو خطر ينبع من واقع الطريقة التي أُدير بها المشروع خلال فترة إنشائه وأوضاعه التقنية وموقعه الجغرافي”.

ويتابع الباحث “تجمع آراء خبراء العلوم النووية وعلماء الجيولوجيا والزلازل الذين يلخصون إلى أن الخطر الأكبر لا يأتي من امتلاك إيران للسلاح النووي، بل ينتج من التهور المستحكم في إدارة مشروع محطة بوشهر دون الأخذ بالاعتبار ما ستنزله كارثة نووية من أضرار فادحة على مواطنيها بالدرجة الأولى ومواطني الخليج الآخرين”.

الغرور الإيراني الكارثي

يقول الباحث “الغرور بطبيعته قاتل وفي الحالة الإيرانية هو غرور كارثي لا يهدد إيران فقط بل كامل المنطقة. غرور أعمى بصيرة قادة إيران والقائمين على أمر مفاعل بوشهر عن وقائع الجغرافيا والحقائق العلمية والمنطق السليم التي تحيط بهذه المنشأة. غرور جعلهم يستهينون بالأخطار المحيقة ببلدهم وشعبهم إضافة إلى شعوب المنطقة بأكملها. غرور يجعلهم يظنون أنهم بلغوا أعلى درجات العلم والتكنولوجيا وأن باستطاعتهم قيادة الآخرين وتعليمهم رغم أنهم في بداية طريق سلكوا فيها منعطفات خاطئة وخطرة”.

ويتابع الباحث “بغرور كارثي صرح المسؤولون الإيرانيون أن خبراءهم يستطيعون بسهوله مواجهة كارثة فوكوشيما اليابانية وأن إيران هي أحد الدول التي تستطيع مساعدة اليابان على مواجهه الأضرار في فوكوشيما معتبرين أن طهران تمتلك قدرات تقنية أكثر تطوراً وتقدماً من اليابان!”.

ويضيف “إلى ذلك بادر المسؤولون في إيران وبمنتهى الغرور إلى عرض خدماتهم في المجال النووي على دول الجوار وتركيا أن هم شاءوا، ومساعدتهم في بناء المفاعلات ونقل المعرفة والمعلومات.

ومما يثير الفزع أن إيران وبالرغم من افتقادها الخبرة في إدارة وتشغيل المفاعلات النووية فإنها تصر على ذلك، وتشترط قيامها بالاضطلاع وتولى الإدارة والتشغيل والإشراف على تسيير العمل بالمنشأة بدلاً من الروس وذلك بعد أن تمر سنة واحدة فقط من التشغيل الفعلي للمنشأة بواسطة الروس!”.

ويرى الباحث أن “الافتقار لوجود الخبراء الوطنيين المستقلين المنظمين و«الضابطين” لمسار العمل النووي بالمنشأة وكذلك افتقاد وعدم وجود خبراء التشغيل المؤهلين الذين يمتلكون الخبرات العالية والمتخصصة، وكذلك رفض إيران التوقيع والتصديق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية الخاصة بالأمن النووي والسلامة النووية، كل هذا يجعل منشأة بوشهر النووية قابلة وعرضة لـ “كارثة نووية وشيكة”“.

ويقول الباحث “عندما أصاب الفيروس الحاسوبي “ستاكس نت” أجهزة الكومبيوتر في محطة بوشهر لم يُعير الإيرانيون الأمر ما يستحق وأصروا على تشغيل المحطة دون أخذ الوقت الكافي للتعامل مع هذا الفيروس مما أدى بالعلماء النوويين الروس إلى تحذير الرئاسة الروسية “الكرملين” من مغبة احتمال مواجهة كارثة مماثلة لتشرنوبل أخرى في حالة إجبارهم على تشغيل مفاعل بوشهر في الموعد الذي كانت قد حددته طهران منتصف 2011، وأن العلماء الروس قلقون جداً من تجاهل طهران لقواعد الأمن والسلامة في المفاعل وطالبوا الكرملين بتأجيل موعد تشغيل هذا المفاعل على الأقل حتى نهاية عام 2011. ففي الوقت الذي تقرر دول متقدمة بعد حادثة فوكوشيما ممن تملك محطات وقود نووية بإغلاقها كلياً ودول أخرى ألغت خطط لبناء محطات نووية، فإن النظام الحاكم في إيران دأب ويدأب على “مناطحة” وتحدي دول العالم بأسره وذلك بالإصرار على الاستمرار بإقامة وتشييد المفاعلات النووية الإيرانية “ وخاصة مفاعل بوشهر العتيد، وهكذا، وحتى يتم تكريس أن إيران أصبحت دولة نووية، بات كل شيء يهون، البشر والحجر والشجر والماء والهواء بل والسماء”.

الزلزال المتوقع

يشرح الباحث خالد التركي في كتابه معلومات عن المفاعل بقوله “مفاعل بو شهر النووي يقع على الخليج العربي ويبعد مسافة 12 كلم عن مدينة بوشهر التي يبلغ عدد سكانها 165 ألف نسمة وهذا المكان يقع في منطقة معرضة بشدة للزلازل عند نقطة تلاقي 3 خطوط زلزالية الصدع “الأوروبي الآسيوي، والصدع العربي، والصدع الإيراني”.

ويضيف “منطقة بوشهر تعتبر من المناطق النشطة زلزالياً حيث تسجل محطات الرصد الزلزالي في دور مجلس التعاون وبشكل يومي نشاط زلزالي في المنطقة الساحلية غرب إيران والمجاورة للخليج!”.

ويتابع الباحث “وقد تعرضت هذه المنطقة في الماضي القريب إلى عدة زلازل مدمرة فقد ضربت هزة زلزالية أرضية منطقة بوشهر بقوة 4.6 بمقياس ريختر عام 2002 وكذلك الزلزال الذي حدث بداية شهر مايو الماضي أي قبل شهرين تقريباً بقوه 5.5 بمقياس ريختر والذي ضرب منطقة شمال بوشهر عند الحدود الإيرانية العراقية. وعليه فأنه من الواضح جداً أن المنطقة تشهد نشاطاً زلزالياً متصاعداً”.

ويشير الباحث إلى أن “العديد من الخبراء العرب والعالميين حذروا من أن زلزال مدمر مركزه في إيران وفقاً للمعطيات التاريخية والعلمية قد يحدث في أي لحظة مؤكدين أن الزلزال المتوقع سيكون قوياً لدرجة سيجعل من وجود مفاعل بوشهر في إيران كارثة على المنطقة تمتد آثاره إلى جميع الاتجاهات بما في ذلك منطقة الخليج العربي”.

ويرى الباحث أن “مفاعل بوشهر بني في منطقة ذات نشاط زلزالي كبير ويُتوقع وفقاً للمعطيات التاريخية والعلمية أن تتعرض إلى زلزال مدمر في أي لحظة خلال هذا العقد مما يعرض المفاعل إلى أضرار جسيمة تؤدي إلى انتشار الإشعاعات النووية في كل الاتجاهات، ويماثل ما حدث لمفاعل فوكوشيما عندما ضربها الزلزال سنة 2011. إن قيام المسؤولين الإيرانيون برفض التحذيرات والتنبيهات التي رفعها لهم في تقرير خاص علماء ومتخصصون إيرانيون يحذرون من المخاطر الزلزالية المحتملة!.. وكذلك سجل إيران الذي يتسم “بالتعتيم” فيما يتعلق بمدى الاستعداد والتأهب للطوارئ النووية هو أمر منذر بالسوء لقاطني “بوشهر” وأيضاً لنا في الدول الخليجية”.

ويتابع الباحث “في هذا السياق أعطت حادثة محطة فوكوشيما النووية عينة بسيطة عن الكارثة التي يمكن أن تحدث إذا ضرب الزلزال مفاعل بوشهر، خاصة إذا أخذنا بالاعتبار الفارق الشاسع في المستويات العلمية والتقنية والإدارية والقانونية بين إيران واليابان التي تعتبر الدولة الأكثر تشدداً في العالم من ناحية قوانين البناء، وتشيد الأبنية تبعاً لمواصفات تجعلها تقاوم وتصمد في مواجهة زلازل تصل قوتها حتى 8 درجات أو أكثر. ونعلم الآن أن ضحايا الكارثة اليابانية لم يكن بسبب الزلزال الذي ضربها، بل بفعل موجة التسونامي الهائلة التي تلت الزلزال وهي التي أوقعت الأضرار بالمفاعل، بالمقارنة مع إيران، تتميز اليابان بقدرة مجتمعها على التعامل بفاعلية مع الكوارث الطبيعية نظراً إلى انضباطه الشديد الذي يضرب بها المثل والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي إضافةً إلى تقدمها العلمي والصناعي وإمكاناتها المادية الكبيرة”.

ويقول الباحث “على الرغم من كل ذلك فلقد فشلت “الجهوزية” اليابانية باحتواء الكارثة بالشكل الأمثل رغم التفوق التكنولوجي والعلمي لليابان واستعداداتها للتعامل دوماً مع الزلازل بسبب وقوعها في أخطر منطقة زلازل في العالم، في المقابل فان الجهوزية الإيرانية تُثير الكثير من القلق إلى درجة الفزع، ففي دراسة قامت بها مجموعة استشارية تولت مهمة إجراء البحوث الميدانية وتقديم دراسة للسلطات هناك عن تبعات وآثار وأبعاد زلزال “بام” في إيران سنة 2003 وخلصت الدراسة إلى “عدم جهوزية النظام الإيراني في التعامل مع الظواهر الزلزالية، وعلى سبيل المثال ومما يثير التعجب أن نعلم أنه قبل وقوع زلزال بام بأربعة أيام فقط وقع زلزال مماثل وبنفس الدرجة 6.6 بمقياس ريختر في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة ولم يمت أو يقضى بسببه سوى حفنة أشخاص مقابل 26 ألف إنسان توفوا بسبب زلزال بام”.

تاريخ مفاعل بوشهر

يقول الكاتب “تاريخ مفاعل بوشهر والتقنيات التي اعتمدت في بنائه والعيوب التي شابت العملية والمعطيات السياسية التي أحاطت به كلها مكامن خطر. فبنظرة سريعة نرى أن مفاعل بوشهر يجمع أسوأ المعطيات في المجال النووي، وكل معطى يشكل بمفرده كابوساً للمنطقة كلها. فهو مفاعل قديم بوشر بتشييده منذ ما يقارب 39 عاماً وبتقنية أصبحت بالية اليوم، ويشبه في ذلك مفاعل تشرنوبيل ومفاعل فوكوشيما، وسوء الإدارة التقنية والسياسية أشبه بسوء إدارة مفاعل تشرنوبيل. وقوع المفاعل على خط زلزالي مثل المفاعلات اليابانية، والتواصل السيئ بين العاملين والأخطاء البشرية مثلما كان موجوداً في محطة ثري مايل آيلند النووية الأمريكية، كل ذلك يشكل مقدمة لسيناريو كارثي سيطال المنطقة بأسرها وفي حال تلوث حقول النفط سيفضي إلى كارثة اقتصادية عالمية، إنه مفاعل هجين تداولت على بنائه عدة جهات دولية استخدم كل منها تقنيات وأساليب مختلفة عن الأخرى، ناهيك عن الفترة الطويلة التي أخذها استكمال بناء هذا المفاعل “39 عاماً” ما يعني أن البناء بدأ بتقنية متخلفة مقارنة بالمعايير الفنية الحالية، وانتهى بتقنية متطورة حديثة. والأمر أشبه ما يكون بشراء سيارة مرسيدس سنة 1975 والعمل بعد ذلك على تجديدها بقطع غيار روسية تتفاوت موديلاتها بين 1995 و2010. وفوق كل هذا فأن مفاعل بوشهر “سيولد” 2% فقط من ناتج أو حصيلة القدرة الكهربائية الفعلية للدولة!، هذه الحصة التي تتضاءل بالمقارنة مع ما يعادل 18% نسبة تبديد وضياع لعدم كفاءة خطوط النقل وتحويل الطاقة الكهربائية”.

خطط خليجية لمواجهة الكارثة

يوضح الباحث أن “جهوزية المجتمع وخططه واستعداداته وإمكاناته للتعامل بكل شفافية ووضوح مع أية حالات طوارئ إشعاعية “نووية”، “هذه الجهوزية” تُعتبر هي أفضل الوسائل على الإطلاق في مواجهة وبإزاء أي مستجدات تقع من هذا النوع وذلك لمنع التداعيات والآثار الوخيمة التي تعقبه في حالة ما لو تم الاكتفاء فقط بالاعتماد على الاجتهادات الوقتية “الآنية” “ساعة وقوعه” والتي يشوبها التخبط والارتجالية والانفعال والتصرفات المتسرعة تحت وطأة الصدمة الأولى ولذلك وفي ظل هكذا ظروف تُحيط بنا في منطقة الخليج العربي من جراء وجود هذا المفاعل لابد لنا من:

أولاً: إعداد وتطوير برنامج إقليمي للتعامل والتنسيق وذلك بتشكيل هيئة عليا خاصة ضمن إطار الأمانة العامة لمجلس التعاون وتبني ما يمكن أن نطلق عليه “البروتوكول الخليجي الموحد للتعامل مع الطوارئ الإشعاعية”وذلك للتعامل مع كل السيناريوهات المحتملة ويشمل توحيد الإجراءات والتوجيهات الرسمية بين دول مجلس التعاون لتجنب التضارب الذي يمكن أن يُعقّد ويُعرقل التعاون المشترك بين دول المجلس إزاء طارئ إشعاعي لا يعرف حدوداً جغرافية ولن يقتصر على دولة بعينها.

ثانياً: التعاون والتواصل مع المنظمات الدولية المتخصصة مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الصحة العالمية، فكل منهما لديها البحوث والبرامج الخاصة بالتعامل مع الإشعاعات النووية وكذلك الاستعانة والاستفادة من الخبرات الدولية المتخصصة والاستفادة من تجارب الدول التي عانت قبلاً من مثل تلك الأحداث مثل اليابان وأوكرانيا وبيلاروسيا.

ثالثاً: إعداد وتنظيم البرامج التوعوية التثقيفية والإعلامية لتكون جاهزة عند الحاجة لبثها عبر وسائل الإعلام بغية تثقيف وتوعية الجماهير والمواطنين والقاطنين وتهيئة وإعداد المجتمع وعامة الناس عبر برامج مبسطة لإمدادهم بالمعلومات والتوجيهات والنصائح والإجراءات الخاصة بموضوع النشاط الإشعاعي وكيفية مواجهته وكيفية التصرف في حالة لا قدر الله وقوع مستجدات طارئة.

رابعاً: إعداد خطط طوارئ رسمية طبية وصحية على أعلى مستوى للتعامل مع “الحدث” ومن مهامها إعداد وتنفيذ برامج تدريبية للأطقم الطبية، وأيضاً توفير القاعدة العلمية والبيانات والمدونات والنماذج الخاصة بكل ما يتعلق بالتسمم الإشعاعي وأعراضه المرضية، حتى يمكن ومن الآن إرساء ما يمكن تسميته “بالجهوزية الطبية الصحية” إن جاز التعبير.

خامساً: العمل على توفير و«تخزين” مخزون استراتيجي ورصيد “عيني” من الكمامات والأقنعة الواقية والأدوات اللازمة والأجهزة الخاصة وكذلك من العقاقير الطبية المعتمدة بهذا الخصوص وكذلك إن أمكن توفير المكملات والمتممات الغذائية التي قد تساهم بتخفيف الآثار الضارة على صحة الجماهير والشعب.

سادساً: إنشاء هيئة خليجية عامة علمية تتبع للهيئة العليا آنفة الذكر، وتضم نخبة من الكفاءات العلمية والتخصصية وذوي الخبرة ويُوضع تحت تصرفها المبنى أو الموقع المزود بأحدث الأجهزة وطرائق ووسائل التقنية و«المعلوماتية” لتتمكن كوادرها من رسم الخطط الدقيقة ومتابعة ورصد كل التطورات في هذا المجال ولكي تتمكن من وضع البرنامج الخليجي الموحد المرتكز على البيانات والمعطيات العلمية ومن هذه المعطيات العلمية مثلاً إعداد الجداول الرقمية والإحصائيات والرسوم البيانية الخاصة بقياس حجم ومستوى الانبعاثات الإشعاعية، وتصنيف المناطق حسب درجة التأثر وهل هي منخفضة التأثر أم متوسطة أم شديدة التأثر، وتضع هذا البرنامج تحت تصرف الهيئة العليا المشار إليها.

سابعاً: البحث في إمكانية تنظيم وإجراء مناورة تجريبية عملية حية مشتركة بمثابة “بروفة” بين دول مجلس التعاون حتى يمكن معرفة وإدراك مدى الجهوزية ومدى التعاون والتواصل والتفاعل البيني الإقليمي الخليجي وأيضاً استكشاف ما سيطرأ من ثغرات و “نقاط ضعف” حتى يمكن تفاديها وتلافيها واستخلاص النتائج والدروس العملية”.

المخاطر الصحية والبيئية

يضيف الباحث “من خلال قراءتنا للحوادث السابقة التي تعرض العالم في ثري مايلز، وتشرنوبيل، وفوكوشيما، نستطيع أن نرسم السيناريوهات المتوقعة في منطقتنا في حال حدوث تسرب إشعاعي من محطة بوشهر. علينا مواجهة المخاطر الصحية للإنسان بدءاً من الصحة النفسية وانتهاء بالصحة الجسدية.

إن الخوف الناتج من التعرض للإشعاعات أو الخوف من التعرض لها هو التأثير النفسي الأكبر ورغم أن الإشعاعات التي تطلق نتيجة كارثة حلت بمفاعل نووي تزيد خطر الإصابة بعدة أنواع من السرطان وتتسبب بمشاكل صحية عديدة، تبين أن الضغوط النفسية والقلق والخوف ومن عدة جوانب كان أكبر المخاطر على الصحة في المدى البعيد، والذي عانت منه الناس بعد حوادث مفاعل تشرنوبيل ومحطة ثري مايل آيلند. وقال أحد المراجع العالمية في دراسة الإشعاعات “كانت الآثار النفسية أكبر الآثار على الصحة لا يقاربها أي تأثير آخر إلا من بعيد. وبالمحصلة، كان ذلك فعلاً ما أصاب معظم الناس.

وأدت المخاوف من التلوث والقلق على صحة الذين تعرضوا للإشعاعات وعلى صحة أولادهم إلى ارتفاع كبير في معدلات التفكير في الانتحار والقلق المرضي والاكتئاب والاضطرابات الناشئة عن الضغوط النفسية التي ترافق التعرض إلى صدمة”.

مواجهة الإشعاعات فردياً وأسرياً

يرى الباحث أن “التجارب التي مرت على الشعوب التي تعرضت لكوارث الإشعاعات تعطينا دروساً قيمة يتوجب علينا دراستها وتهيئتها لتكون احتياطاً جاهزاً لاستخدامه عند الحاجة، فعلى سبيل المثال تجربة الطبيب الياباني الشهير تاتسوي شيرو آكيزوكي مؤلف كتاب “ناجازاكي سنة 1945” والذي أرخ فيه لحدث إسقاط القنبلة الذرية على مدينته ناجازاكي، وكان موجوداً فيها وقت ذاك وعلى بعد كيلومتر ونصف من موقع سقوط القنبلة، وكيف استخدم الغذاء لمواجهة الآثار القاتلة للإشعاعات. وللجانب الأوكراني والروسي أيضاً تجارب ناجحة منها على سبيل المثال وهو قد يُثير الاستغراب.. هناك نوع من الطين الصلصال يستطيع سحب المواد المشعة من جسم الإنسان وكان هذا الصلصال هو أحد الوسائل الفعالة التي استخدمها الروس في المناطق المجاورة لتشرنوبيل لتخليص أجسام الأطفال من المواد المشعة من خلال مزجه مع ألواح الشوكولاتة وإعطائه لطلاب المدارس وكانت النتائج مذهلة وفي مده لا تتجاوز 20 يوماً وهناك وسائل عديدة لا يسع المجال هنا لذكرها”.

مواجهة الإشعاعات بالأعشاب والغذاء

يقول الكاتب “تشير الدراسات إلى أن الطعام يلعب دوراً محورياً في قدرتنا على مواجهة ومقاومة آثار الإشعاعات. ويعمل الطعام بطرق عديدة متنوعة، منها تقوية الجهاز المناعي، ومنع امتصاص المواد السامة، والقضاء على الجذور الحرة، والاتحاد مع الجسيمات المشعة التي دخلت الجسم ومن ثم طرحها خارجاً، وتنظيف الأنسجة وتحفيز أعضاء الجسم المزيلة للسموم. وتظهر الدراسات أن أنواع معينة من الطعام تقي من آثار الإشعاعات وفي الوقت نفسه تعالجها إذا حلت في الجسم. وهي تعتبر أسلحة قوية فعالة في مواجهة هذه المشكلة النووية العالمية المدمرة”.