كتب- طارق مصباح:
دعا إمام جامع عيسى بن علي بالمحرق الشيخ يوسف بن عبد الرحمن فقيه إلى محاسبة النفس وتقييم مدى سلوكها لطريق الاستقامة وأن يكون المسلم صادقاً مع نفسه مبدياً استعداده للاستقامة ساعياً لتطبيق إيمانياته في جوانب حياته كي يفوز برضا الرحمن وأسمى درجات الجنان.
وأضاف المحاسبة تدفع لتصحيح المسار الأمر الذي يستلزم تغيير نمط الحياة بتدرج بحيث لا يُحَمِّل الواحد منا نفسه فوق طاقتها، مشيراً أن الاستعانة بالله سبحانه وتعالى ودعاءه واتخاذ الصاحب الموفق مع غض البصر والتمسك بالوحيين “الكتاب والسنة” من المعينات على بلوغ ذلك.
جاء ذلك في محاضرة بعنوان “طريقك للاستقامة” ألقاها ضمن فعاليات لجنتي الدعوة والعلاقات الذي نظمها فرع جمعية التربية الإسلامية بالمحرق بدعم من شركة العوضي للإلكترونيات.
لمـــاذا «الاستقامة»؟!
وأوضح الشيخ فقيه أهمية الحديث عن الاستقامة مبيناً أن ذلك جاء لبُعد كثير من الناس عن هذا السبيل مما ترك آثاراً سلبيةً على المجتمع وأفراده خاصةً مع كثرة الفتن التي تحيط بالمجتمعات المسلمة. مؤكداً أن الله سبحانه وتعالى دعا للاستقامة في مواقع عدة منها قوله عز وجل “فاستقيموا إليه واستغفروه”، “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا”، وذكر أن النبي “ص” قال “قل آمنت بالله ثم استقم”، وأوضح فقيه أن تفسير الاستقامة في شرع الله هو التزام طاعته والبعد عن معصيته، ولزوم التوجه إليه وتوحيده وعدم الإشراك به وفق هدي النبي “صبى الله عليه وسلم” والكتاب والسنة.
سبيـل الاستقامـة
ثم انتقل المحاضر لتبيان سبيل طريق الاستقامة، وبدأ بجانب الاستعداد وأهمية وجود الرغبة الداخلية النابعة من الحاجة والعزيمة على السير في طريق الهدى.
وقال الشيخ يوسف فقيه “علينا أن نعلم أن الله تعالى لم يخلقنا عبثاً بل خلقنا لعبادته الأمر الذي يستلزم توجيه كل الأعمال نحو هذا الهدف، وأضاف شياطين الإنس والجن تحاول - بشتى الطرق - إبعاد المسلم عن طريق الاستقامة وإغوائه لكن عليه أن ينتهز الفرص ليقوم من سلوكه ويصحح مساره، مستشهداً بقصة الرجل الذي قتل 100 نفس وتاب إلى الله وسمع نصيحة العالم الذي وجهه نحو تغيير بيئته فمات وقبل الله سبحانه وتعالى توبته.
واستطرد فقيه في الحديث عن معينات الاستقامة، وذكر منها إعلان التوبة الصادقة والجدية في عدم الرجوع للوراء والركون إلى ذل المعاصي وأهمية خلع كل العلائق المتصلة بها، مؤكداً أن الله سبحانه وتعالى يقبل توبة العبد من جميع الذنوب مستشهداً بقوله عز وجل “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً، إنه هو الغفور الرحيم”.
وأردف فقيه: لن يسير التائب في طريق الاستقامة ما لم يطلب العون من الله ويأتيه المدد الإلهي، فاطلب الاستعانة من الله “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين”.. فالتزم ولا تتردد أبداً.
مستلزمات ومعوقات
ثم عرج إمام جامع عيسى بن علي إلى مستلزمات لا بد منها أثناء سلوك طريق الهدى والاستقامة، وذكر منها ضرورة بتر كل صلة بين الإنسان والمعصية، وذكر التدخين مثالاً على ذلك لمن ابتُليَ به وأشار الى ضرورة تركها لوجه الله وألا يجاهر بها ثم أن يقلل تدريجياً من عدد السجائر التي يدخنها يومياً مؤكداً أن الله تعالى سيمده بمدد من عنده ليقلع عنها.
بعد ذلك تناول الشيخ أبرز المعوقات في طريق الاستقامة، وهي عداوة الشيطان، وهوى النفس وما تميل إليه من الشر، وأكد على خطورة جليس السوء مشيراً إلى أن الصاحب ساحب وأن هناك فرقاً كبيراً بين الجليس الصالح والجليس الطالح.
ثمار الهداية
واختتم الشيخ يوسف فقيه محاضرته بتوضيح الثمار التي سيجنيها من سلك طريق الاستقامة وسار في درب الهداية والتزم طاعة الله ورسوله، وهي: نيل محبة الله عز وجل – تقوية الصلة بالله سبحانه – صحبة الملائكة “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون، نزلا من غفور رحيم” – الشعور بمتعة الحياة والتلذذ بالعبادة والطاعة – الشعور بالرضا والقناعة بما قسمه الله سبحانه – راحة البال وطمأنينة القلب وسعادة الروح – التقلب في أعمال الخير والبر – تذكر الموت والشوق إلى لقاء الله تعالى الأمر الذي يدفع الى حسن الخاتمة والنجاة من عذاب القبر وعذاب جهنم والفوز بالجنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم “من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه”.