قالت لي إحدى قريباتي نقلاً عن جارتها إنها ذهبت يوماً برفقة زوجها إلى السوق فشاهدت خاتماً من فضة أعجبها كثيراً!! فاتجهت إلى زوجها ومالت لتهمس في أذنه بلطف: حبيب عمري، فأجابها: نعم يا عمري، قالت: ممكن تشتري لي هذا الخاتم؟
رد عليها بكل أدب قائلاً طبعاً: لا!!
خرجت المسكينة من السوق والألم يعتصر قلبها، وهي بين مصدقة ومكذبة لتصرف زوجها الذي يدعي حبها، نامت وهي تكلم نفسها ممتعضة من زوج لم يقدر قيمتها.
وعندما استيقظت وجدت إلى جانبها كيس، فتحته لتفاجأ أن بداخله علبة هدية وفيه -خاتم ألماس- نزلت دمعة ساخنة من عينيها واستبدت بها الفرحة وشعرت بالسعادة الغامرة لتقدير زوجها لها، وفي هذه الأثناء كانت يد زوجها الحانية تمسح دمعتها، وهو يقول لها: أنا أحبك ولهذا وجدت أن خاتم الفضة غير لائق بك وبأصبعك الجميل، فاشتريت لك خاتماً من ألماس، لأنَّ الألماس للألماس فأنت أغلى ما أملك في دنياي!!
كم نحتاج إلى مثل هذا السلوك الجميل والموقف النبيل، وفي نظري وليس شرطاً أن تكون الهدية من الذهب أو الألماس، يكفي زوجتك وحبيبة قلبك خاتماً ولو من حديد.. فقط هي تحتاج منك إلى لطف ولين وكلمة طيبة ولمسة حانية وعبارة لطيفة، وخاصة وأنت في شهر الرحمة - شهر المغفرة ، فكما تتعبد ربك بالصيام والقيام وقراءة القران بأنْ يعتقك من النار، أيضاً من كمال التعبد لله عزوجل حسن المعاملة مع البشر، فكيف بحليلتك ومن أعطتك نفسها ومشاعرها، وهي أولى بحسن التبعل والتعامل الراقي، فهي حبيبة قلبك التي اخترتها لنفسك من بين نساء العالمين..
وتذكر قول المصطفى عليه صلوات ربي وتسليماته: (خيركم.. خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).
إن المتأمل في سيرة رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم يجد نماذج ومواقف من خلال سيرته وحياته اليومية، إذ كان يقدر المرأة ويوليها عناية فائقة ومحبة لائقة، وأول من يواسيها ويكفكف دموعها ويأخذ بخاطرها ويقدر مشاعرها ولا يهزأ بكلماتها ويسمع شكواها ويخفف أحزانها!!
فأين أنتم أيها الرجال من سيرة (وإنك لعلى خلق عظيم) صلى وعليه وسلم؟
إذاً هناك خلل يجب إصلاحه في تعاملنا من سيدة الدنيا وملكة الآخرة..
ومضة:
قال الشوكاني في شرح الحديث: ففي ذلك تنبيه على أعلى الناس رتبة في الخير وأحقهم بالاتصاف به هو من كان خير الناس لأهله -وأقصد الزوجة-، فإنَّ الأهل هم الأحق بالبشر وحسن الخلق والإحسان وجلب النفع ودفع الضر، فإذا كان الرجل كذلك فهو خير الناس، بل هو خير الرجال.
صالح الريمي