قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ( ما هذان اليومان؟، قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله: إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر) رواه أبو داود من حديث أنس في باب صلاة العيدين، فإن هذين العيدين الجاهليين لم يقرهما رسول الله ولا تركهم يلعبون فيهما، وأخبرهم بأن الله قد أبدلهم خيراً منهما، وهذا يعني صراحة عدم جواز الجمع بين عيد الإسلام وغيرها من الأعياد، إذ الإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه، مثل حديث المقبور يقال له:
والعيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد، إما بعود السنة أو الأسبوع أو الشهر أو نحو ذلك، والعيد يجمع أمورا:
- منها: اليوم العائد، كيوم الفطر والأضحى والجمعة..
- ومنها: الاجتماع فيه..
- ومنها: أعمال تتبع ذلك، من العادات والعبادات، كصلاة العيد واللعب في ذلك اليوم، قال ابن عباس: (شهدت العيد مع رسول الله) أي الصلاة والاجتماع..
وكل من هذه الأمور قد يسمى عيدا، فالعيد يكون للزمن الذي يعظم على الدوام، ويكون للمكان المعظم على الدوام كذلك، وما يكون في الزمان والمكان من العبادات كالصلاة والذبح والذكر ونحوها، والعادات كاللعب والأكل ونحوها، وتعظيم أي زمان أو مكان لم يعظمه الشارع فهو بدعة محرمة، والنبي لما سأل:
فإمام المتقين كان يمنع أمته منعا باتا قويا عن أعياد الكفار، ويسعى في دروسها، وطمسها بكل سبيل، بل ويسعى
{لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا}..
فإذا كان لليهود عيد وللنصارى عيد كانوا مختصين به فلا يجوز أن نشركهم فيه، كما لا نشركهم في قبلتهم وشرعتهم، وكذلك لا ندعهم يشركوننا في عيدنا، فإن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله عنها:
{ لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه}..
كالقبلة والصلاة والصيام، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج..
- والإنسان إذا أخذ من غير الأعمال المشروعة بعض حاجته، قلت رغبته في المشروع وانتفاعه به بقدر ما اعتاض من غيره، بخلاف من صرف همته ونهمته إلى المشروع، فإنه يعظم محبته له ويتم به دينه وإسلامه، ولذا تجد الذي يعتني بأعياد الكفار ويوافقهم فيها تقل رغبته في أعياد المسلمين، جاء في الأثر:
( ما ابتدع قوم بدعة إلا نزع الله عنهم من السنة مثلها) رواه أحمد، فإذا كان الله تعالى قد أبدلنا يومين خيراً من سواهما من الأعياد، فإن استبدال هذا الخير بما سواهما شر، وضم سواهما إليهما كذلك شر، والقلوب تتشوق إلى العيد وتسر به، فإذا وجدت غذائها في غيره فترت عن عيد الله وزال ما كان فيها من المحبة والتعظيم، فينقص أجرها وتخسر خسراناً مبيناً.