ليس على جسده أوشام، ولا يصبغ شعره، ليس فارع الطول، ولا يعرف كيف يبتسم بشكل ساحر أمام الكاميرات، لا تبدو الحلل عليه جيدة المقاس، لا يتنزه مع فاتنات مثيرات، لا يمثل في حملات إعلانية عملاقة... تشافي هيرنانديز ببساطة لاعب كرة، لكنه بين الأفضل. ووفقاً لما هو معروف، لا يشعر تشافي بالراحة سوى مع كرة القدم وهو ما يحدث على أرض الملعب. ما عدا ذلك (جذب الانتباه، إرضاء غروره، شغل الصفحات الأولى بعيداً عن عالم الرياضة...) فإما لا يجذبه، أو يستبعده بصورة مباشرة. في سن الثانية والثلاثين، يواجه لاعب وسط برشلونة المرحلة الأخيرة من مشواره بفخر من يعرف أنه يصنع عصراً دون حتى أن يفكر بذلك. إنه ببساطة يلعب كرة القدم. وقال اللاعب مؤخراً «أشعر أنني متحقق. لقد تعرضت للانتقاد، لم يكونوا يؤمنون بي. الآن أقيم كل ما حدث بضعف قيمته. الناس التي لم تعش في الطين، التي لم تحي في الوحل، لا تعرف ما الذي يكلفه هذا كله. أنا كلفني الكثير. لم يؤمنوا بي، كانوا يتعاقدون مع لاعبين من الخارج لأنهم لم يؤمنوا». وليس ذلك بإيجاز سيئ لمشوار جاءت قمة النجاح فيه متأخرة بعض الشيء. وقليلون هم من يتذكرون تلك الأزمنة التي فكر فيها تشافي، الذي لم يكن يلعب أساسياً، في الرحيل عن برشلونة. ورغم أن الأمر لا يبدو قابلاً للتصديق الآن، حدث ذلك ذات مرة. ليست المسألة أنه فكر بالرحيل (تم الحديث بشكل دائم عن عروض من إيطاليا) لأنه لم يكن يشارك بالقدر الكافي، بل لأنه شعر بأنه غير مفهوم، لأنه كان متيقناً من أن المدربين لا يعرفون كيف يستفيدون من قدراته. في الثاني من ديسمبر 2005 أصيب في أحد التدريبات بقطع في الرباط الداخلي للركبة اليمنى. ابتعد عن الملاعب لمدة خمسة أشهر، وبعد ذلك عانى كثيراً من أجل دخول الفريق الأساسي. كل المدربين الذين تولوا مسؤولية الفريق في بدايته الاحترافية، أصروا على أن يروا فيه خليفة لجوسيب جوارديولا، لاعب الوسط المتميز لفريق الأحلام. لكن تشافي لم يكن لاعب وسط مدافع. أول مدرب عرف كيف يراه كان رادومير أنتيتش، الذي تولى تدريب برشلونة بين يناير يونيو عام 2003. حل الصربي بدلاً من لويس فان خال، وقدم موقع تشافي في الملعب ليقربه من منطقة الجزاء، وأعفاه من مهام دفاعية خالصة، ليكون مسؤولاً بشكل أكبر عن اللمسات الأخيرة. لن يعود تشافي إلى محور الارتكاز قط. لم يفعل مع فرانك رايكارد، مدرب برشلونة بين 2003 و2008، رغم أن الهولندي لم يصل هو الآخر إلى إقامة صلة مع الإمكانيات الإبداعية لدى لاعب الوسط. ويقول اللاعب «قبل أربعة أو خمسة أعوام، كنت ثقيلاً، غير مفيد، ومنحوساً. كنت سرطان برشلونة. مع لاعب طوله 170 سنتيمتراً كان الأمر ببساطة مستحيلاً»، مضيفاً «رايكارد كان يرغب في أن يكتسب أداؤنا بعداً بدنياً أكبر، كان يرى أن تلك هي الطريقة الوحيدة للكفاح بنفس أسلحة أفضل الأندية الأوروبية». لكن جوارديولا حل بدلاً من رايكارد في 2008، ولم يتول المنصب من أجل تغيير مستقبل تشافي، بل برشلونة بأكمله. وفي وجود جوارديولا مدرباً، لعب تشافي دور بطولة في عملية جعلت منه رمزاً لفريق ولأسلوب. وفي المنتخب الإسباني أيضاً. هكذا، اختير اللاعب الكتالوني صغير الحجم كأفضل لاعب في بطولة الأمم الأوروبية عام 2008 التي أحرزت إسبانيا لقبها، ومن ثم دخل صراع المنافسة على جائزة الكرة الذهبية، ولم يتفوق عليه عامها سوى ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو. ومن قامته القصيرة، بدأت ولادة تاريخ رائع تضمن حتى الآن باقة لقب في كأس العالم وآخر في بطولة الأمم الأوروبية وثلاثة ألقاب في دوري أبطال أوروبا وستة في الدوري الإسباني واثنين في بطولة العالم للأندية.