قال صلى الله عليه وسلم ((للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه)) جزء
من حديث رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه.
أما فرحة الصائم عند فطره، فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم ومشرب ومنكح، فإذا امتنعت من ذلك في وقت من الأوقات ثم أبيح لها في وقت آخر، فرحت بإباحة ما منعت منه، خصوصاً عند اشتداد الحاجة إليه، فإن النفوس تفرح بذلك طبعاً، فإن كان ذلك محبوباً لله كان محبوباً شرعاً، والصائم عند فطره كذلك، فكما إن الله تعالى حرّم على الصائم في نهار الصيام تناول هذه الشهوات، فقد أذن له فيها في ليل الصيام، بل أحب منه المبادرة إلى تناولها في أول الليل وآخره، فأحب عباده إليه أعجلهم فطراً، والله وملائكته يصلّون على المتسحرين، فالصائم ترك شهواته لله في النهار تقرباً إلى الله وطاعة له، وبادر إليها بالليل تقرباً إلى الله وطاعة له، فما تركها إلا بأمر ربه، ولا عاد إليها إلا بأمر ربه، فهو مطيع له في الحالين، ولذا نُهي عن الوصال في الصيام، فإذا بادر الصائم إلى الفطر تقرباً إلى مولاه، وأكل وشرب وحمد الله، فإنه ترجى له المغفرة أو بلوغ الرضوان بذلك.