إبراهيم طارق
بعيداً عن الضجيج الذي أثير حول مسلسل عمر الفاروق على تويتر وغيره، والذي كان بعضه أشبه بالنعيق من التغريد؛ أعني الإساءة وتغليظ القول فيما يسوغ فيه الخلاف الفقهي. وبعيداً عن الفتاوى والأحكام التي لم يطلق جلّها إلا العامة والبسطاء مثلي. وقفت حائراً متأملاً؛ فهنا شيء من إقناع، وكذا هناك، ولا نص. حتى استسلمت إلى أننا داخل بوابة المقاصد، والموازنة بين المصالح والمفاسد.
مع مطلع الشهر المبارك هربت من تلك المعمعة وغيرها إلى محرابي الصغير، وتركت السفينة غير رافع رأساً بالموج يلطمها. حتى صادف أني سمعت طفلاً ذا أربعة أعوام يردد قولات مشهورة في سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم عز أن يرددها مثله. فلاطفته حتى بدا أنه متابع حريص لهذا المسلسل ببراءته وعفويته وإعجابه الذي أظهره ببعض الأحداث والشخصيات فيه، والعادة عندي أن يعجبوا بـ«سوبر مان”. وإذ كان الأطفال عندنا يتسمرون أمام أفلام “هوليوود” وثقافتها المعلومة عندك، ومسلسلات “أحبك وتحبني”؛ وجدتهم على موعد جديد، أمام مولّد جديد للثقافة في عقولهم الحديثة التي ما عادت –بطبيعة الجذب- تصغي للكلمة خالية من جمال المؤثرات الصوتية والمرئية المنافسة.
أجدني هنالك أتشدد في علو منزلة الآل والأصحاب رضوان الله عليهم، وحفظ هيبتهم، وقد بتّ أرى بابين في حفظ تلك المكانة؛ باب تنزيههم عن مثل هذا الذي قد يرد فيه بعض الخطأ، فضلاً عن أننا ما اعتدنا صوراً عنهم منطبعة في أذهاننا. وباب إخراجهم الحكيم من بطون الصحائف إلى عقول الأجيال –مع التحقيق والتدقيق-، وإبراز خير القرون بشخوصه العظيمة ومواقفهم اللامعة، بعد الدفن في غبار المكتبات، لتشع نوراً في قلوب الشعوب، ونجوماً نهتدي بها، بديلة عن سراب الغرب الذي أطال التدليس على غير طهارة سيرة، ولا وقوع مصدَّق. فإن تشدد مثلي فاجتهد في الإنكار على ما هو أولى بالإنكار، إذ أخشى أن تنهى عن معروف، أو تؤخر قطار خير، أو تتأخر عنه، وقد سار.
لا أقول إنني قد ملت إلى ما حسبتني مائلاً إليه، لكنني وجدت نفسي أخرج رأسي من كهفي –شيئاً ما- لأبصر الطريق الذي يمشي فيه هذا المجتمع الذي أحب رقيه وسعادته، لأجدني دافعاً إلى أن تفتح عقلك بإرادتك الشخصية، وبالثقة والحرية، داخل أسوار النصوص الشرعية، ثم تحسن التصور، وتستفتي قلبك.