قال خطيب مسجد الفاتح الشيخ عدنان القطان في خطبة الجمعة أمس مناشداً الشباب بضرورة الاهتمام بكتاب الله عز وجل. معاشر المسلمين: لئن كان شهر رمضان المبارك، شهر صيام وصدقة وجود وقيام، فإنه أيضاً شهر القرآن والفرقان.
وأضاف أنزل الله القرآن نوراً لا تُطفأ مصابيحه، وسِراجاً لا يخبو توقُّده، ومِنهَاجاً لا يضلُّ نهجه، فهو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، هو الحق ليس بالهَزَل يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه.
أيها المسلمون: كتاب الله عزَّ وجلَّ الروح للحياة، والنور للهداية، فمَنْ لم يقرأه ويعمل به فما هو بحيٍ؛ بل هو ميت، عباد الله: لا يُعرَف مظلوم تَواطأ الناس على ظلمه وزهدوا في إنصافه مثل القرآن، فلله ما أقلّ عارفيه! وإنَّ أحدنا لو ذهب يبحث عن العاملين بما فيه بحقٍّ وصدقٍ لأعياه طلابه “طلبه” فقد اتَّخَذ الناسُ هذا القرآن مهجوراً، إلا مَنْ رحم ربي، واستبدلوا الأدنى بالذي هو خير، صحفٌ، ومجلاتٌ، وحكاياتٌ، وروايات، وثقافاتٌ، تموج بها الدنيا صباح مساء: أين من يرتكبون المحرمات والفواحش والمنكرات من الإيمان والعمل بالقرآن؟ أين الذين يتركون الفرائض والواجبات، ويتساهلون في المأمورات، أين هم من الإيمان والعمل بالقرآن؟
أيها المسلمون: ليس ثمة شيءٌ أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته وسعادته - من تدبُّر القرآن وإطالة النظر فيه، وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تُطلِعُ العبد على معاني الخير والشرِّ وحال أهلهما، وتُرِيه صورة الدنيا في قلبه، وتُحضِرُه بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم، لقد أنزل الله القرآن من فوق سبع سماوات للتدبُّر والتعقُّل، لا لمجرد تلاوته والقلبُ لاهٍ غافل.
إنه كلام ربِّ البشر! أدهش العقول، وأبكى العيون، وأحيا القلوب والأفئدة، وطأطأت له رؤوس أهل الكفر؛ بل أدهش الجنَّ وحرَّك ألبابهم، حين سمعوه من المصطفى - صلَّى الله عليه وسَلَّم. أيها المسلمون: ذلكم واقع القرآن مع الناس، مؤمنهم وكافرهم، إِنسهم وجِنِّهم.
وهذا كتاب الله يُتلى به بين أظهرنا ويُسمع، ومع هذا قلَّتِ العيون التي تدمع، والقلوب التي تخشع! عيونٌ خَلَتْ من الدمع فهي خرابٌ بَلْقَع، تُتلَى آيات الله فلا الشابُّ منا ينتهي عن الصّبوة، ولا الكبير منا يلتحق بالصَّفوة، ولقد فرَّطنا في كتاب ربنا في الخلوة والجلوة، وصار بيننا وبين الصفاء أبعد ما بين الصفا والمروة، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ورحماك ربنا رحماك.
اللهم اجعل القرآن لقلوبنا ضياء، ولأبصارنا جلاء، ولأسقامنا دواء، ولذنوبنا ممحصاً، وعن النار مخلصاً. اللهم ألبسنا به الحلل، وأسكنا به الظلل برحمتك يا أرحم الراحمين.