من المتوقع أن تشهد الدول العربية، ومن بينها دول مجلس التعاون الخليجي، نشاطاً مزدهراً في إقامة شبكات مترو الأنفاق في غضون الأعوام الـ10 القادمة، بينما يتم حالياً التخطيط لإقامة شبكات للقطارات الخفيفة تصل قيمتها إلى 76.2 مليار دولار.
وتتنوع عوامل الطلب على شبكات المترو، منها زيادة النمو السكاني كما في مصر إلى الحاجة إلى تطوير البنية التحتية للمواصلات كما في دول مجلس التعاون.
مترو الرياض:
تعتبر الرياض إحدى المدن الخليجية التي شرعت في وضع خطط لإقامة مشروع مترو طموح جداً، إذ إن مشروع مترو الرياض، الذي تتراوح كلفته بين 7-8 مليارات دولار، ظل في مرحلة التخطيط لعدة أعوام، رغم إنه كان من المتوقع أساساً أن يطرح على المقاولين، من خلال أسلوب الشراكة مع القطاع الخاص، العام 2010. إلا أن المشروع تعرض للكثير من التأخير.
وتشكل شبكة المترو جزءاً من مشروع المواصلات العامة بالرياض الذي تم اعتماده من قبل مجلس الوزراء في أبريل الماضي. وسبق وأن قامت اللجنة العليا لتطوير الرياض بإعداد المشروع كجزء من خططها لتحسين البنية التحتية للمدينة من أجل تلبية المتطلبات المتزايدة للسكان. وفي هذا الشأن تشير التوقعات إلى وصول عدد سكان الرياض إلى 8.3 مليون نسمة بحلول العام 2025، من العدد الحالي البالغ 5.3 مليون نسمة.
يذكر أن مترو الرياض ليس إلا واحداً من العديد من شبكات القطار الحضرية المخطط إقامتها في السعودية في إطار سعي الحكومة لتوسعة وتطوير البنية التحتية للبلاد.
مترو الكويت
اتخذت الكويت خطوات سريعة لإقامة أول شبكة قطارات خفيفة عبر أسلوب الشراكة بين القطاعين العام والخاص في منطقة الخليج. يشار إلى أن شبكة مترو الكويت، التي خصص لها مبلغ 7 مليارات دولار، ستكون بطول 160 كلم وتتضمن 69 محطة. وستتم إقامة المشروع على 5 مراحل، حيث من المتوقع الانتهاء من المرحلة الأولى بحلول العام 2020 لتشتمل على 28 محطة وتمتد لمسافة 50 كلم.
وكان المكتب الفني لمشروع الشراكة، وهو الجهة المشرفة على المشروع، تلقى في يونيو الماضي الموافقة على أولى الصفقات الخاصة بالمشروع من المقاولين المعنيين.
وفي هذا الصدد، قال رئيس الشركة البريطانية أشورست للاستشارات القانونية، والتي يستعين بها المشروع، جوس دار: “لاقت الصفقة الأولى اهتماما كبيراً في السوق.. مشغولون حالياً بإنهاء الإجراءات التفصيلية التالية”.
يذكر أن التصويت الأخير الذي تم في البرلمان الكويتي، والقاضي بتخفيض الأموال المخصصة لأول مشروع للطاقة يقام عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص في البلاد، دفع الكثير من العاملين في قطاع الإنشاءات إلى التساؤل بشأن مستقبل مشروع المترو.
إلا أن القريبين من المشروع يقولون إن مثل هذه العراقيل متوقعة. وحسب قول دار فإنه “من الواجب الانتظار لنرى كيف تمضي الأمور، ولكن ليس هناك شك في أن السوق ستستجيب بصورة إيجابية.. الحقيقة أن الكويت تنفذ المشروع من خلال أسلوب الشراكة بين القطاعين العام والخاص.. هذا أسلوب جديد ويتم وفقاً لقانون جديد في البلاد ومن ثم فمن الطبيعي أن يثير الكثير من الجدل”.
من جانبها، تأمل أبوظبي في السير على نفس نهج جارتها دبي وتنشئ شبكة مترو لتخفيف حدة الازدحام في العاصمة الاتحادية. وكانت الخطة الرئيسية للمواصلات في أبوظبي، المتوقع أن تكلف 68 مليار دولار وتم الإعلان عنها في 2009 كجزء من رؤية الإمارات حتى العام 2030، تعرضت للتقليص في العام 2011 نتيجة لجهود الحكومة لتقليص الإنفاق. إلا أن شبكة المترو حصلت على الموافقة من المجلس التنفيذي لأبوظبي في يناير الماضي.
وليست دول مجلس التعاون الخليجي وحيدة في الاستثمار في مشروعات المترو وتطوير البنية التحتية للمواصلات. إذ إن كلاً من مصر والجزائر تخططان لتوسعات كبيرة لشبكات المترو الموجودة في عاصمتي البلدين.
مترو القاهرة:
شبكة مترو القاهرة، ومن خلال خطيها الرئيسيين، تنقل أكثر من 700 مليون راكب في السنة، لتصبح بذلك في المرتبة رقم 15 عالمياً فيما يخص شبكات المترو الأكثر استخداماً في العالم.
إلا أن المخططين في القاهرة يدركون تماماً بأن شبكة المترو يجب أن تتوسع حتى تواكب العدد المتزايد من السكان - الذين تزايدوا بنسبة 8% خلال الأعوام الـ5 الماضية.
ويجري العمل حالياً على إنشاء المرحلة الثانية وكذلك الثالثة من الخط الثالث الجديد، في حين تم تشغيل المرحلة الأولى منه في فبراير الماضي. ومن المتوقع طرح مناقصات المرحلة الثالثة قبيل نهاية العام الجاري. ومن المزمع أن تمر المرحلة الثالثة -التي ستكون بطول 50 كلم- على عمق أربع كيلومترات تحت نهر النيل، لتربط الشبكة بجزيرة الزمالك.
وتخطط القاهرة لإضافة 3 خطوط، بطول إجمالي يصل إلى 60 كلم، إلى الشبكة في غضون العقد القادم. وسيمتد الخط الأول منها، المزمع أن يسمى الخط رقم (4)، بطول 16 كلم ليربط مدينة السادس من أكتوبر بوسط القاهرة.
وكانت الهيئة الوطنية المصرية للأنفاق أبرمت في يونيو الماضي اتفاقية مع البنك الياباني للتعاون الدولي “جايكا” تتضمن تقديم قرض بقيمة 426 مليون دولار لتغطية تكاليف المرحلة الأولى من الخط رقم (4). ومن المخطط أن يضيف الخطان رقمي (5) و(6) مسافات تصل إلى 20 كلم و19 كلم على التوالي لشبكة مترو القاهرة.
مشروعات التوسعة بالجزائر:
في مايو الماضي دعت مؤسسة مترو الجزائر الشركات إلى تقديم عطاءاتها لتوقيع عقد يتضمن تقديم استشارات لتقديم دراسة أولية عن مرحلة التوسعة الثانية لمترو الجزائر.
ويعتبر مشروع المترو جزءاً من خطط الحكومة لتخفيف حدة الازدحام في الشوارع جراء الزيادة السكانية. وطبقاً لبيانات صندوق النقد الدولي فإن سكان الجزائر سيصلون إلى 37 مليون نسمة في نهاية العام 2013، بعد أن كانوا 33.9 مليون نسمة العام 2007.
وفي ظل تخصيص ما يصل إلى 76.2 مليار دولار لإقامة شبكات وقطارات خفيفة ومترو جديدة وتوسعة القائمة منها في غضون الأعوام الـ10 المقبلة، في منطقة ممتدة من الخليج العربي إلى شمال أفريقيا، فإن قطاع المواصلات يحمل فرصاً هائلة للمقاولين وشركات تزويد مواد البناء علاوة على المؤسسات المالية.