إعداد: وليد صبري


إضافة الزعتر والبردقوش للزيت النباتي في القلي يحد من أضرار الأكسدة
الصوم يخفض الكوليسترول ويزيل الدهون المترسبة بالأوعية الدموية

يؤكد أطباء ومختصون في التغذية أن «الصوم يحدث تغييرات واضحة في جسم الإنسان تؤثر على صحته، نتيجة تغير أنماط وعادات تناول الطعام، حيث أن امتناع المسلم عن الطعام من قبل طلوع الشمس وحتى وقت الغروب، ولمدة شهر، تقلل مستويات الكوليسترول في الدم، تزيل الدهون المترسبة بالأوعية الدموية، والتي تعد مؤشراً رئيساً واحد عوامل المخاطر المرتبطة بأمراض القلب».
والكوليسترول عبارة عن «مادة دهنية توجد في كل النسيج الحيواني، وهو أساسي في تكوين أغشية كل خلية في جسم الإنسان، وكذلك لإنتاج الهرمونات الجنسية وفيتامين «D»، ويصنع الكبد كل الكوليسترول الذي يحتاجه جسم الإنسان، وعليه فإن الجسم لا يحتاج إلى أي زيادة منه».
ويرتفع الكوليسترول عن حده الطبيعي إذا تناول الإنسان كثيراً من الأغذية التي تسبب ارتفاعه أو زيادته في جسم الإنسان مثل الزبد والبيض واللحوم الدهنية والكبد والمخ والكلاوي والروبيان والتونة والكافيار والنخاع والسردين.
والكوليسترول وثلاثي الغليسرين «الدهون الثلاثية» هما المادتان الدهنيتان الرئيسيتان في الدم. وتستعمل خلايا الجسم الدهون الثلاثية للحصول على الطاقة، كما يمكنه تخزينها في خلايا خاصة تستعمله لاحقاً. وعندما يرتفع مستوى أي من هاتين المادتين يزداد خطر الإصابة بأمراض القلب.
وقد صنّف باحثو التغذية الكوليسترول إلى مصدرين أساسيين، الأول يأتي عن طريق الجسم إذ يقوم كبد المرء بتصنيع ما بين 70% إلى 75% من الكوليسترول في الدم، بينما يأتي المصدر الثاني والذي يشكّل نسبة تتراوح بين 25% و30% عن طريق تناول الأطعمة المحتوية على نسبة كبيرة من الدهون مصدرها المنتجات السابق ذكرها. ويؤدّي استعمال الزيوت النباتية بكثرة في الطعام إلى ارتفاع مستوى الدهون في الدم.
وفي هذا الإطار، تشير دراسة حديثة إلى أن «زيت الزيتون والسمسم هما من أفضل زيوت القلي، وذلك لأنهما لا يتأكسدان كباقي أنواع الزيوت النباتية مثل زيت الذرة ودوّار الشمس». لذلك ينصح الخبراء «بإضافة بعض الأعشاب النباتية كالزعتر والبردقوش عند استخدام زيت نباتي في القلي، ما يحدّ من أضرار الأكسدة ويقلّل من مستوى الكوليسترول بالدم».
ويحمل الكوليسترول والدهون الثلاثية خلال مجرى الدم جزيئات كبيرة تسمى «البروتينات الدهنية». ويوجد نوعان رئيسيان من البروتينات الدهنية الحاملة للكوليسترول، والذي يعرف باسم البروتين الدهني المنخفض الكثافة «Low Density Lipoprotein» ويرمز له بالرمز «LDL» ويعرف بالنوع الرديء، وكذلك البروتين الدهني العالي الكثافة «High density Lipoprotein» ويرمز له بالرمز «HDL» ويعرف بالنوع الجيد.
ويمكن تحديد نوع الكوليسترول استناداً إلى نوع البروتين الدهني الذي يحمله، ويكون إما نوع من النوعين السابقين.
وتؤكد الدراسات أن «ارتفاع مستويات الكوليسترول البروتين الدهني المنخفض الكثافة يكون سبباً رئيسياً للإصابة بالنوبات القلبية». ويوجد البروتين الدهني المنخفض الكثافة في جدران شرايين القلب، ويعتقد بعض العلماء أن «البروتينات الدهنية العالية الكثافة تساعد على إزالة الكوليسترول الرديء من الأنسجة ومجرى الدم ومنع تراكمه في الشرايين، ومن ثم يحمي من أمراض القلب».
ويوجد لدى الأشخاص بصفة عامة كوليسترول البروتين الدهني المنخفض الكثافة أكثر من كوليسترول البروتين الدهني العالي الكثافة.
في السحور بركة
تنصح دراسات بضرورة قياس مستوى الكوليسترول مرة كل 5 سنوات بالنسبة للبالغين الذين تتجاوز أعمارهم 20 سنة، وبشكل متكرر لدى الذكور فوق عمر 35 سنة والإناث فوق عمر 45 سنة.
وتشير دراسات أخرى إلى أنه «كلما زاد عدد وجبات الطعام المتناولة في اليوم الواحد انخفض مستوى الكوليسترول في الدم، وكلما نقص عدد وجبات الطعام ارتفعت نسبة الكوليسترول»، وهذه النتائج قد تفسر الاتجاه إلى الارتفاع في محتوى الدم من الكوليسترول عند الصائمين، ذلك لأنهم في الأغلب يعتمدون على وجبة رئيسية واحدة، وهي وجبة الإفطار، وتليها وجبة السحور، ومن هنا يمكن استنتاج الأهمية الصحية والطبية لوجبة السحور، فبالإضافة إلى أنها تقوي الصائم وتعينه على ممارسة أعماله خلال النهار، فإنها تساعد على التقليل من حجم الزيادة في محتوى الدم من الكوليسترول الذي قد تؤدي زيادته بشكل كبير إلى بعض الآثار الجانبية والسلبية على الصحة، وخاصة على صحة وسلامة القلب والشرايين، وهذا تصديقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «تسحروا فإن في السحور بركة».
ويرجع الباحثون أسباب ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم إلى خلل وراثي يسبّب إنتاج الكبد له بإفراط أو إلى ضعف قدرة الكبد على تخليص الدم وتنقيته منه أو الإصابة بأمراض ترتبط بارتفاع نسبة الكوليسترول بالدم كأمراض الكلى والسكري وارتفاع معدّل الدهون الثلاثية على الكبد والغدة الدرقية، إلى جانب الإفراط في تناول الغذاء الغني بالدهون والسعرات الحرارية.
وبالطبع، أن ارتفاع المحتوى الدهني للطعام وزيادة عدد الوحدات الحرارية المتناولة يشكّلان أبرز الأسباب المؤدية إلى ارتفاع الكوليسترول في الدم، إذ يصبح الكبد أقل كفاءة في تخليص الدم من الدهون الزائدة فيه. كما يشكّل الإفراط في تناول الطعام سبباً رئيساً في زيادة إنتاج الكوليسترول بواسطة الكبد، فإذا زاد استهلاك الفرد من الكوليسترول الغذائي بكمية تتراوح من 100 ميلليغرام إلى 400 ميلليغرام يومياً أي ما يعادل تناول صفار بيضة واحدة، فمن المتوقع أن تصل زيادة معدّل الكوليسترول في الدم إلى 60 ميلليغراماً. لذا، ينصح خبراء التغذية بألا يزيد المتناول من الكوليسترول الغذائي عن 100 ميلليغرام يومياً لكل 1000 سعرة حرارية من احتياجات الفرد اليومية.
ونظراً إلى كون الكوليسترول مادة شحمية تتنقل في الدم بواسطة نواقل تسمى البروتينات الشحمية والتي تم تقسيمها إلى نوعين تبعاً لدرجة الكثافة، وهما، الكوليسترول الجـيّـد HDL الذي يعمل على نقل الكوليسترول الزائد من الأنسجة وإعادته إلى الكبد لإجراء عمليتي التكسير والإفراز مرّة أخرى. لذلك يعدّ ارتفاع نسبة هذا النوع من الكوليسترول في الدم نوعاً من أنواع الوقاية التي تجنّب تراكم الكوليسترول في الأنسجة والأوعية الدموية. اما الكوليسترول السيئ LDL الذي يعمل على نقل الكوليسترول من الكبد إلى أنسجة الجسم المختلفة. وبالتالي، فإن حدوث أية زيادة في نسبة هذا النوع من النواقل في الدم ستؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة في ترسّبات الكوليسترول داخل الأوعية الدموية والإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين.
الصوم يخلص من السمنة
يرى الأطباء أن فائدة الصيام تتمثل في أنه «يساعد الجسم في التخلص من الكوليسترول الرديء بل وفي علاج العديد من الأمراض التي يخلفها الغذاء السيئ الذي نتناوله على مدار العام، حيث تتضح فوائد الصوم في تخفيف الوزن الزائد والتخلص منه ومن السمنة بشرط تناول طعام صحي متوازن عند الإفطار، كما يعمل الصيام على خفض مستوى الكوليسترول الضار، ورفع الكوليسترول الجيد في الجسم، وهذا يعمل على إزالة الدهون المترسبة على جدران الأوعية الدموية وبالتالي منع حدوث انسداد الشرايين وجلطة القلب، ويعمل الصيام أيضاً على ضبط مستوى السكري في الدم والمحافظة عليه في الحدود الطبيعية لمرضى السكري المسموح لهم بالصيام، كما انه يساعد على التخلص من الكثير من الأمراض أو السيطرة عليها كارتفاع ضغط الدم وداء النقرس».
نصائح لمرضى الكوليسترول
ينصح الأطباء وخبراء التغذية مريض الكوليسترول «باتباع حمية غذائية لتقليل مستوياته في الدم خاصة إذا كان مريض الكوليسترول مصاباً بالسكري أو البدانة، لأن عوامل الخطورة الشريانية والقلبية تزداد 4 مرات عندهم عن غيرهم من الأشخاص غير المصابين».
ويوصي الأطباء «بإعادة تطبيق العادات الغذائية السليمة، التي تشمل الإقلال من الزيوت وخصوصاً المقالي، والحد من استخدام الدهون والتخفيف من استهلاك الحلويات خاصة الدسمة منها، والابتعاد عن العصائر المحلاة والتقيد بنصائح الطبيب وأخذ العلاج المناسب».
ويشدد الأطباء على ضرورة «إجراء المريض فحوصاً مخبرية للدهون عموماً ومراجعة الطبيب لمعرفة الخطة العلاجية من الناحية الغذائية أو الدوائية، واتباع حمية غذائية معتدلة خلال الصيام، وممارسة رياضة المشي لمدة نصف ساعة بعد الإفطار على الأقل، والتنبه إلى وجبة السحور بالابتعاد عن الطعام الدسم. وبعد انقضاء شهر رمضان على الصائم أن يبادر أيضاً إلى إجراء التحاليل المخبرية نفسها ليقارنها بسابقاتها».