بعد عام على أعمال الشغب التي شهدتها أحياء في لندن ومدن بريطانية أخرى، تستمر دورة الألعاب الأولمبية بدون عثرات إلا أن العوامل المسببة للعنف لا تزال حاضرة في ظروف التقشف الاقتصادي الحالي.
وفي توتنهام الحي الفقير والمتعدد الاتنيات في شمال لندن حيث اندلعت أول أعمال العنف في السادس من أغسطس بعد يومين على مقتل شاب في ال29 بأيدي الشرطة، ما زال الشارع الرئيس للحي يحمل بعض آثار التخريب.
وفي هذا الشارع المزدحم، بمبانيه المتدنية الإيجار والمتاجر المختلفة، أقيمت أسيجة حوال المحلات التي لا تزال قيد إعادة البناء. ورفعت أمامها لافتات عليها تعهدات بلدية الحي: مزيد من النشاطات في دار الشباب ومن المخصصات المالية للوظائف المحلية، وجهود أكبر للحفاظ على نظافة الشوارع.
وقالت تامزين (18 عاماً) وهي طالبة جلست على مقعد في موقف للباصات “أنهم يعيدون بناء المتاجر لكن ما عدا ذلك، لم يتغير شيء”. وتتفهم تامزين المقيمة في الحي دوافع بعض مثيري الشغب مع أن أيا منهم ليس من المحيطين بها.
وأوضحت تامزين التي تدرس فنون التمثيل “كثيرون قاموا بذلك لأنهم سئموا الوضع ولأن لا أحد يكترث بهم”. وأضافت أنه من الضروري “تأمين وظائف ليس فقط كمتطوعين بل لا بد أن يتلقوا رواتب”.
وتعتبر نسبة البطالة في هذا الحي الذي سبق وشهد أعمال شغب في العام 1985، من الأعلى في العاصمة.
واعتبر النائب العمالي من توتنهام ديفيد لامي مؤلف كتاب “اوت او في آشز” (النهوض من الرماد) حول أعمال الشغب أن “الوضع حرج وهو لا يزال كذلك في كل أنحاء البلاد”.
وتابع لامي أن “البطالة ازدادت في توتنهام والتقشف طاول المخصصات وخدمات مساعدة الشباب”، إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى “تقدم إيجابي” في إعادة بناء الحي مثل المساعدة المالية التي تؤمنها بلدية لندن وتعهد نادي كرة القدم بالبقاء.
واعتبر أن الوضع مختلف عما كان عليه الصيف الماضي بفضل الألعاب الأولمبية التي تشغل الجميع و«تلهم” الشباب.
لكنه حذر من أنه “يجب ألا يتوهم أحد بأنه لا وجود لمشاكل لأن الصيف يمر بشكل جيد”. وأضاف أنه لا يمكن استبعاد تكرار أعمال العنف “في السنوات الخمس أو الست” القادمة.
واعتبر خبير علم الاجتماع تيم نيوبورن الذي أجرى تحقيقاً شمل 270 شخصاً من منفذي أعمال الشغب في لندن وبرمينغهام وغيرها من المدن البريطانية أنه “لا يمكن التكهن بما ستؤول إليه الأوضاع”، مشيراً إلى الشعور “بالإقصاء” و«الظلم الذي ما زال على الأرجح موجوداً” لدى هؤلاء الشباب.
ويرى نيوبورن العامل في معهد “لندن سكول اوف ايكونومكس” أن الحل الذي قدمته السلطات غير كافٍ. فمشكلة العلاقات بين الشرطة والشباب “لم تؤخذ في الاعتبار بالقدر الكافي” والتعويض لأسر الضحايا ما زال غير كافٍ.
وبعد أربع ليال من أسوأ أعمال العنف في تاريخ البلاد منذ ثلاثين عاماً أوقعت خمسة قتلى، انتقد رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون “انهيار الأخلاق في المجتمع” وتعهد “بعدم السكوت” عن أي خطأ في المستقبل.
وبعد عام على الحوادث، بلغ عدد الموقوفين في لندن 4521 وأحيل أكثر من 2900 أمام القضاء، بحسب الأرقام الأخيرة للشرطة. وفي مجمل البلاد، حكم على قرابة 1300 شخص بالسجن ل17 شهراً وبحلول أواسط يونيو، كان قد أفرج عن نصفهم تقريباً.
إلا أن الغموض لا يزال يلف العوامل المسببة لأعمال العنف، والملابسات التي لم تتضح حول مقتل مارك دوغان بلآأيدي الشرطة.
ومن المرتقب صدور تقرير عن هيئة مستقلة مكلفة مراقبة أعمال الشرطة في الأسابيع المقبلة.