كتب – جعفر الديري:
يعدّ مرض السكري، أحد أكثر الأمراض انتشاراً في البحرين. وبحسب تصريح سابق لنائبة جمعية السكري البحرينية د.مريم هرمس، للوطن، فان 25% من البحرينيين البالغين مصابين بالسكري غير المعتمد على الأنسولين. ما يزيد الأمر سوءاً، هو أن 80 من هؤلاء -بحسب د.هرمس- يعانون من الترهل والسمنة، وهم قليلو الحركة، ولا يمارسون أي جهد رياضي.
من هنا ومع حلول شهر رمضان، بأكلاته الدسمة وحلوياته، يزداد خوف الأطباء وأهل المريض، من اندفاع المصابين بالسمنة لتناول وجبات وأطباق تحوي سعرات حرارية هائلة، تنعكس عليهم بعواقب وخيمة، كما حدث للحاج محمد.
الاندفاع دون كابح
الحاج محمد، أحد المصابين بالسكري، عندما تنظر إليه، تصاب بحالة غريبة؛ هي مزيج من الشفقة واللوم العنيف والتقريع. إنه أحد ضحايا المرض، اندفع إليه دون كابح، رغم نصائح المحبين، فسقط من على جرف هار، فبترت قدمه، والبقية الموجعة يترقبها بخوف.
رغم أن الحاج محمد ليس لوحده من أوقع نفسه في هذه المشكلة، إلا أن المدهش في حالته، معرفته الشاملة بمرض السكري، يعرف عنه كل شيء، مسبباته، وآثاره، بل وتاريخه، وعدد المصابين به، ليس في مملكة البحرين وحسب بل في كل دول العالم، ومع ذلك كان يتناول من الطعام والشراب ما يشاء، حتى إذا قرّع على ما يقوم به، صب جام غضبه على محبيه، متهماً إياهم بكل قبيح.
يقول الحاج محمد: لا أعلم ماذا ينتابني عندما أشاهد الأطباق، إنها حال غريبة، أقف أمامها عاجزاً، أشعر بالمرض يقترب مني، وأشعر بدوخة، هذا إلى جانب تأنيب الضمير، لكنني أعجز عن التصدي لشهيتي. أعاهد نفسي ثم أحنث بعهدي، حتى صدمت بقطع قدمي. ولا أعلم ماذا يخبئ لي المستقبل.
عاقبة التسويف
هذه هي حال الحاج محمد، أما الحالة الأخرى المثيرة للدهشة، فحال الحاج حسين، الرجل الذي ولجت نوائب مرض السكري إليه من باب شهر رمضان، رغم أن الشهر الكريم شهر الصحة والسلامة. لذلك تجده يعترف بخطئه، لكنه أيضاً لا يستطيع عمل شيء. كيف تم ذلك يا حاج حسين؟ يجيب: كنت أمنّي نفسي كلما أقبلت على الطعام والشراب، بأن شهر رمضان سيكون خاتمة المطاف. فالصيام، يريح الجسم، ويخفض الوزن. لكن ما أن يفد شهر رمضان، بحلوياته اللذيذة، حتى تتغير نظرتي، فأندفع في الأكل بعد جوع وعطش، مسوفاً الرجيم. وهكذا حتى صحوت يوماً على الخبر الذي زلزل كياني.
كان الحاج حسين يعلم أن كنافة بالجبن بحجم 75 جراماً بها 267 سعرة، وكنافة بالقشطة بها 259 سعرة، وأن بقلاوة بالفستق بها 178 سعرة، وأن الهريسة بها 530 سعرة، وقطايف مقلية بالجبنة بها 350. ورغم ذلك كان ينعطف عليها كالصقر، فلا يترك شيئاً للآخرين، شأنه شأن الحاجة أم عقيل.
حكاية أم عقيل
أصيبت أم عقيل بالسكري منذ وقت مبكر، وهي ترجع ذلك إلى تناولها السكريات بكثرة، خصوصاً سكريات شهر رمضان كاللقيمات، والساجو، منذ وقت مبكر من حياتها. وأم عقيل تمثل شريحة واسعة من البحرينيات هنّ في مرمى مرض السكري. فبحسب ريسيل أش مؤلفة كتاب “أعلى 10 أشياء”، فإن المرأة البحرينية هي الأولى عالمياً من حيث ارتفاع معدل النساء المصابات بالسمنة، مقارنة مع مؤشر كتلة الجسم، متفوقة بذلك على الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 42.4%، تليها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 36% ، البرتغال بنسبة 34,3% ، إسبانيا بنسبة 32%، الكويت بنسبة 31,8% ، أستراليا بنسبة 30% ، نيوزلاندا بنسبة 30%، بريطانيا بنسبــة 29.3%، وبوليفيـــــا بنسبـــة 27.5% وأخيراً السويد بالمرتبة العاشرة بنسبة 27.4%.