بقلم- أحمد سالم يوسف:
تعتبر بعثة النبي صلى الله عليه وسلم علامةٌ من علامات قرب الساعة، فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أشار بإصبعيه بالسبابة والوسطى ثم قال:»بعثت أنا والساعة كهاتين» وفرَّق بينهما، وفي هذا دلالة على قرب الساعة.
ومن المعلوم لدى الجميع أن للساعة علاماتٌ صغرى وأخرى كبرى، جاء بيانها في كتاب الله عزوجل وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، ومن حكم بيانها لنا حث الناس على الإقبال على الله تعالى وتدارك ما كان من تقصيرٍ منهم في جنب الله جل وعلا والتنبه على أن هناك يومٌ آخر اقترب موعده، يجازي فيه الله عزوجل عباده على ما عملوه في الحياة الدنيا.
واستوقفني وأنا أقرأ في علامات الساعة الكبرى علامةٌ عجيبة غيَّر الله تعالى من خلالها نواميس الكون وسننه، وهي طلوع الشمس من المغرب، فالشمس تشرق من المشرق وتغرب عند المغرب، لكن الله تعالى غيَّر هذه السنة الكونية وجعل شروقها من المغرب علامة من علامات الساعة الكبرى، وعندها لا يُقبل إيمان مؤمن لم يؤمن من قبل ولا توبة تائب لم يتب من قبل ، قال النبي صلى الله عليه وسلم:» ثلاثٌ إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض».
ولعل سائلاً يسأل: لمَ لا يُقبل إيمان هذا الشخص وتوبته بعدما رأى بعينه ما يوجب إيمانه وتوبته فآمن وتاب؟ والجواب: إنَّ أركان الإيمان تقوم على الغيب فقد بعث الله تعالى الرسل وأنزل الكتب وأبان لهم ما يوجب إيمانهم بالغيب، فمن آمن برسل الله وما أتوا به من كتب وما أخبروا به من أمور الغيب لا يصح أن نساويه بمن لم يؤمن بذلك كله، إلا حينما كُشف له ذلك الغيب وعلم أن الله حق ورسله حق وما أخبروا به صدق، ولنفس هذه العلة لم يُقبل إيمان فرعون لما أدركه الغرق و{قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.
ومثل هذه العلامة تدفع المسلم على الإقبال على الله تعالى والانطراح عند باب عبوديته والمسارعة للأعمال الصالحات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحدكم أو أمر العامة ).
فيا من أسرفت على نفسك تُبْ إلى الله وأقبل عليه وانطرح عند بابه وقل: يا ربِّ تبتُ إليك وأقبلتُ عليك فاقبلني في عداد عبادك التائبين، وثق تمام الثقة بأنَّ الله تعالى سيقبلك ويغفر ما كان منك من الذنوب والخطايا، وإن عَظُمَتْ فهو القائل في مُحكم آياته وتنزيله{ قُلْ يَا عِبَادِي الذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.