كتب- محرر الشؤون السياسية:
تشهد الأيام الأخيرة تزايداً في الاعتداءات الإرهابية على رجال الأمن والدوريات الأمنية، رغم تعديل السلطة التشريعية لقانون العقوبات وتغليظ عقوبة الاعتداء على رجال الأمن والعسكريين لتصل إلى المؤبد، إلا أن ذلك لم يحد بصفة كبيرة من استمرار استهداف الدوريات الأمنية خلال قيامها بدورها في حفظ أمن المجتمع والسلم الأهلي.
وأرجع رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب أحمد الملا استمرار الاعتداءات على رجال الأمن خلال أدائهم الواجب، إلى تصاعد الخطابات التحريضية من على المنابر الدينية، واستمرار جمعية الوفاق بسياستها التي تنتهج العنف والتخريب والاعتداءات سبيلاً، نافياً أن يكون التقصير من وزارة الداخلية أو النيابة العامة أو الجهاز القضائي أحد أسباب استمرار الاعتداءات الإرهابية، إذ يرى أنهم ينهضون بدورهم الكامل عبر الصلاحيات المخولة لهم بحدود القانون.
وعدّ الملا أنه رغم تغليظ عقوبة الاعتداء على رجال الأمن، إلا أنه لا يمكن السيطرة على آلاف الشباب في الشارع في ظل شحنهم بخطابات تحريضية تدعو إلى العنف واستهداف رجال الأمن، مؤكداً أن تلك الخطابات، عاملٌ رئيس في استمرار الاعتداء على رجال الأمن.
وأشار الملا إلى أن “وزارة الداخلية تسير بالطريق الصحيح في تطبيق قانون التجمعات، عبر منع مسيرات غير مرخصة لها، ووضع ضوابط وحدود للتجمعات المتزايدة بنحو مطرد في الفترة الأخيرة، ونقلها إلى أماكن محددة بعيدة عن المناطق الحيوية والاستراتيجية”، معتبراً إياها “الخطوة الأولى نحو تحقيق الأمن والاستقرار ووقف كافة أشكال العنف والإرهاب”.
وشدد على ضرورة تطبيق قوانين أخرى بالتزامن مع قانون العقوبات، للإسهام بالحد من استهداف رجال الأمن، مشيراً إلى أن السلطة التشريعية ستتبنى تعديلاً جديداً للقانون وتغليط العقوبة بصفة أكبر في حال لم تأت التعديلات الأخيرة بثمارها.
ووفقاً لرئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن، فإن عدد المصابين من رجال الأمن العام جراء استهدافهم منذ بداية العام الحالي، تجاوز 700 حالة بين بسيطة ومتوسطة وبالغة.
ونص قانون العقوبات بعد تعديله على أن “تكون العقوبة السجن إذا وقع التعدي على عضو من قوات الأمن العام أو أحد العسكريين من منتسبي قوة دفاع البحرين أو الحرس الوطني أو جهاز الأمن الوطني، وتكون العقوبة مدة لا تقل عن 7 سنوات إذا أفضى الاعتداء إلى عاهة مستديمة دون أن يقصد إحداثها، فيما تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن 10 سنوات إذا أحدث به عمداً عاهةً مستديمةً، أما السجن المؤبد فهي العقوبة إذا أفضى الاعتداء إلى الموت ولم يقصد من ذلك قتله”.
من جهته، رأى المحامي فريد غازي أن الخلل يقع في التراخي تطبيق القانون وليس في التشريعات، إذ قال إن “التشريعات الموجودة في المملكة كافية لردع أي جريمة، إلا أن المشكلة تقع في تطبيق القانون من البداية حتى النهاية، إذ يجب أن يكون التطبيق صارماً ويراعي أهمية حماية المجتمع البحريني من الأفعال والجرائم التي راجت وسادت في الفترة الأخيرة، إذ لا توجد دول تتراخى في تطبيق القانون على المجرمين”.
وبين غازي أن “التراخي له أشكال عدة، منها أن يتم تنفيذ العقوبة كما ينص عليه القانون، ومن ثم يتم إخراج المجرم قبل انتهاء محكوميته مما يدفع سواه للاستقواء والخروج على القانون، ويمنح المجرم الجرأة على ارتكاب جرائمه مرات أخرى”. وأشار غازي إلى أن “الدستور أقر الإعفاءات لمراعاة حالات معنية، إلا أنه عندما تكثر تلك الإعفاءات، فإنها قد تسبب فهماً خاطئاً لدى بعضهم بأنه فوق القانون وأن العقوبة لن تطاله، مما يتسبب في تفشي الجرائم”، كما تطرق إلى الضغوطات الخارجية التي تمارسها على المملكة منظمات حقوقية للعفو عن مجرمين تمت إدانتهم بحكم قضائي، من دون التفات تلك المنظمات إلى النتائج المترتبة على العفو وإسهامها عبر تدخلاتها في تنامي الجريمة.
وتوالت الاعتداءات في الأيام الأخيرة على رجال الأمن ودوريات وزارة الداخلية، إذ ألقى مجموعة من مثيري الشغب والتخريب الزجاجات الحارقة (المولوتوف) على حافلة تابعة للوزارة أثناء مرورها على شارع الجنبية بالقرب من منطقة بني جمرة، ما أدى لاحتراقها بالكامل ونجاة سائقها ومرافقه من دون وقوع أي إصابات، كما تعرضت دوريتان للشرطة لعمل إرهابي، تمثّل في اعتداء مجموعة من الإرهابيين عليهما بالحجارة أثناء تأديتهما واجبهما في منطقة سند، ما أدى إلى تضررهما وتعرض أحد أفراد الشرطة لإصابة بسيطة.
من جانبه، حمل عضو لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى محمد المسلم وزارة الداخلية استمرار استهداف الإرهابيين لرجال الشرطة وللدوريات الأمنية، إذ عدّ عدم اتخاذها لإجراءات قانونية حيال كل من يتجاوز القانون أسهم بتفشي تلك الأعمال الإرهابية.
وشدد المسلم على ضرورة عدم التهاون والتساهل مع المخربين الذين يهدفون لإيهام العام بانفلات الأمن وانعدامه في المملكة، مطالباً بتخصيص محاكم خاصة مستعجلة لمحاكمة المتهمين على خلفية قضايا إرهابية، داعياً النيابة العامة إلى تحويل تلك القضايا بأسرع وقت إلى القضاء. وعدّ المسلم اعتداء الخارجين عن القانون على رجل الأمن، اعتداء على الوطن والقانون، متسائلاً “إذا لا يتمكن رجل الأمن الذي يحمي المجتمع من حماية نفسه من الإرهابيين، فكيف سيحمي المواطنين؟”
إلى ذلك، رأى المواطن عبداللطيف بن خاطر أن التراخي في تطبيق القانون دفع بالإرهابيين للاستمرار باستهداف رجال الأمن، معتبراً أن الأمر مترابط وتتحمله جميع الجهات المختصة بمباشرة تلك القضايا، وقال “لم نسمع حتى الآن بصدور حكم نهائي بحق أي شخص اعتدى على رجال الأمن، وإذا صدر حكم في المستقبل بحقهم فلن يكون رادعاً في ظل التراخي في تطبيق الأحكام”. معتبراً أن اتخاذ أحكام صارمة بحق المخربين سيحد من الاعتداءات على رجل الأمن.