للمتقين صفات جليلة، منها إيمانهم بالحياة البرزخية وأن بعد هذه الدنيا دار قرار يجازى فيها المحسن، ويعاقب فيها المسيء، وأنهم يقيمون الصلاة، وينفقون أموالهم في سبيل الله فيتقون النار ولو بشق تمرة، وأنهم سرعان ما يتذكرون ربهم إذا عرضت عليهم أسباب المعصية وسهلت لهم، فهم يعظمون شعائر الله، ويحكمون بالعدل على أنفسهم والآخرين.
ومتى وصل المسلم إلى هذه المنزلة والمكانة وحقق التقوى في نفسه، وامتثل أمر ربه، فإنه يستشعر آثار ذلك على نفسه ومجتمعه في الدنيا قبل الآخرة التي ينجي الله فيها الذين اتقوا، وأعد لهم أنواعاً من النعيم، فمن آثار التقوى: أن التقوى سبب للخروج من كل ضيق، وفرج من كل همّ، والتيسير في كل أمر، كما قال الله تعالى» ومن يتق الله يجعل له مخرجاً» وليس هذا فحسب، بل «يرزقه من حيث لا يحتسب»، فإذا وقع المسلم في ضائقة وظن أنه لا خلاص منها وعرضت عليه وسائل محرمة للتخلص منها فاتقى الله ولم يقع بها؛ فرّج الله عنه كربه وأخرجه منها.
ومن ثمارها أن المتقي حبيب لله، وقريب منه، كما قال عليه الصلاة والسلام، «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي»، وقال تعالى: «واعلموا أن الله مع المتقين»، والمتقي يتقبل الله منه أعماله: « إنما يتقبل الله من المتقين».
وقد يتفاوت الناس في هذه الدنيا في أنسابهم وأحسابهم وأموالهم ومعارفهم وعلومهم، فتجد الغني والفقير والعالم والجاهل، إلا أن الميزان الشرعي الذي يتفاضل الناس به عند الله وفي الآخرة هو التقوى، فلا فرق بين أعجمي ولا عربي إلا بالتقوى، « إن أكرمكم عند الله أتقاكم».
ومن ثمار التقوى العامة التي ترجع إلى المجتمع بأكمله أن المجتمعات متى امتثلت أمر ربها وتركت المحرمات تحقيقاً لمرضاته، فلم تتعلق باقتصاديات هشة تقوم على بنوك ربوية، أو إشاعة للفاحشة، أو ترويج لها كتسهيل محلات البغاء وتناول الخمور، ومنعت ذلك، فإن جزائها الموعود من الله بركات عظيمة، كما قال تعالى: « ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض»، نسأل الله الهدى والتقى والعفاف والغنى.