توقَّعت “بوز آند كومباني” أن تُنفق دول الخليج خلال الأعوام المقبلة أكثر من نصف تريليون دولار على خطط التنمية الوطنية الرامية لتعزيز نمو القطاع الخاص والحد من الاعتماد على الموارد الطبيعية. وسيتركز جزء كبير من هذا الإنفاق التنموي على البنى التحتية والخدمات العامة الرئيسة.
ووجدت “بوز آند كومباني” أن إحدى طرق استثمار هذه الأموال بفاعلية، من الناحيتين الضريبية والتنموية، تقضي بإيجاد شراكات بين القطاعين العام والخاص.
وبما أن هذه الشراكات تُشّكل آليات تنسيق بين القطاعين العام والخاص، فقد تم تطبيقها بنجاح في العديد من الدول على جميع مستويات التنمية خلال العقدين الماضيين حيث يمكن لتلك الشراكات - إذا حسُن تنفيذها - أن تساهم دون شك في تقدم برامج التنمية الوطنية في مجلس التعاون بالاعتماد على خبرة القطاع الخاص ورؤوس أمواله مع الحد من المخاطر المحتملة على المال العام.
وقال الشريك في “بوز آند كومباني”، جورج عطا الله: “الشراكات بين القطاعين العام والخاص يُمكنها أيضاً تحسين القدرة التنافسية الوطنية عبر استقطاب الشركات الأجنبية الرائدة التي تتمتع بمهارات قابلة للنقل وممارسات متميزة”.
وأضاف عطا الله: “ستؤدي هذه الآلية إلى خلق بيئة مواتية للاستثمار، فضلاً عن تعزيز خدمات مثل التعليم والصحة من خلال تشجيع التعديل في التشريعات وأُطر الحوكمة”.
إلى ذلك، قال المستشار الأول في “بوز آند كومباني”، كريم علي: “بفضل الفائض التجاري وانخفاض الدين العام، تحظى هذه الدول بحرية نسبية في اختيار الشراكات بين القطاعين العام والخاص التي ستعزز بفاعلية التنمية الاقتصادية طويلة المدى”. وأضاف علي: “من المتوقع أن يزداد اعتماد مجلس التعاون لتلك الشراكات في دول مثل السعودية والكويت وقطر والإمارات التي تطبق حالياً برامج تنمية شاملة تهدف إلى تغيير هياكلها الاقتصادية”.
وتَكمُن الخطوة الأهم في إيجاد الشراكات بين القطاعين العام والخاص بالنسبة لبلدان مجلس التعاون في وضع خارطة طريق لقطاعات متعددة تربط بين هذه الآلية وأهداف التنمية الوطنية.
ويقول علي: “يجب على مجلس التعاون الخليجي اعتماد هذه المنهجية لأنها تحدد مواطن نجاح الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتساعد الحكومات على تركيز خبرتها المتخصصة والمحدودة في هذا المجال على المشاريع عالية الوقع”.
وسوف ترشد خارطة الطريق الموضوعة المستثمرين إلى أهداف الحكومات وتسمح لهم بحشد جهودهم للمشاريع المقبلة. وتتميز هذه الخارطة بأنها تُقَسم الاقتصاد إلى قطاعات، ويُحدد المشاريع الملائمة للشراكة ضمن تلك القطاعات، ومن ثم يُصنفها تبعاً لأولويتها، قبل أن يرسم لها جدولًا زمنيًا.
ويتعين على دول الخليج اتخاذ الحيطة عند تنفيذ خارطة الطريق، ويجب عليها الاهتمام بإدارة نتائج التمويل للدخول في شراكة مع القطاع الخاص لتجنُب التزامات الموازنة طويلة المدى فضلاً عن بناء قدراتها لتنفيذ المشاريع ومراقبتها.
وقالت “بوز آند كومباني”: “ثمة هاجس أخير لدى الحكومات يتمثل في كيفية تسجيل الالتزامات الضريبية طويلة المدى الناتجة عن إبرام الشراكات مع القطاع الخاص، ففي حين أن منهجي المحاسبة الضريبية الرئيسيين نقديان وتراكميان، تعتمد غالبية الحكومات في الشرق الأوسط منهج المحاسبة النقدية”.
ويضيف علي: “على الرغم من ذلك، فإن الخطر المتعارف عليه بالنسبة للحكومات التي تعتمد أنظمة مشابهة يتمثل في افتقارها إلى الآليات المّنظمة لرسملة وتسجيل الالتزامات طويلة المدى الناتجة عن الشراكة مع القطاع الخاص. ويمكنها أيضاً ارتكاب خطأ معاملة هذه الشراكة على أنها دين من خارج الميزانية العمومية بما يُظهر تحسينات مضللة ووهمية في عجز الموازنة وأرقام الدَّين”.