حسن عدوان
بنفوس طيبة وقلوبة مؤمنة، وعلى أحر من الجمر كنا نترقب جميعاً قدوم رمضان وها نحن الآن في رمضان وهو يوشك أن يودعنا..
حكى لي أحد كبار السن أنهم يخافون أن تأتيهم المنية قبل أن يبلغوا شهر رمضان، كيف يفكرون كانوا ينشغلون بالدعاء طوال السنة 6 أشهر أن يتقبل الله أعمالهم في رمضان و 6 أشهر أن يبلغهم رمضان القادم، سنتهم “نصفها رجاء للإدراك والأخرى سؤال للقبول”، وقال لي إن النعمة لا يعرفها إلاّ من فقدها ، حتى تدرك أيها الحي الذي تتنفس نعمة بلوغ الشهر الفضيل ضع نفسك في مقام من فقدها “ الموتى “، إنه اعتبار بالماضي واستعداد للمستقبل.
تخيل أنك أصبحت في عداد الموتى، وفاتك رمضان هذا العام، فقد أغلق عليك باب من أبواب الفضل والأجر العميم ... أدرك في أيّ نعمة أنت الآن..
من لم يدرك رمضان فاتته فرصة فتح أبواب الجنة والرحمة “إذا دخل رمضان فتحت أبواب الرحمة”، و فرصة العتق من النار، وهي ليست فرصة واحدة، بل هي على مدار أيام شهر رمضان ولياليه، يعتق سبحانه ما لا يحصى عددهم إلا هو سبحانه ، وفاتتك فرصة الشفاعة” الصيام والقرآن يشفعان لصاحبهما يوم القيامة يقول الصيام يا ربي منعته الطعام والشهوات في النهار فشفعني فيه، ويقول القرآن يا رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان فيه”.
نحمد الله الذي بلغنا رمضان فمنا مسلمون جيران وأحباب وأقارب لم يدركوا رمضان ومسلمون لم ينهوا رمضان ومسلمون لم يدركوا ليلة القدر وأناس تضيع عليهم حتى الدعوة في رمضان فدعوة مستجابة لا ترد، والأموات الذين لم يدركوا رمضان فاتتهم فرحة رمضان “ فللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرحته بفطره، وإذا لقى ربه فرحته بصومه”، وفاتته صلاة الله وملائكته عليه.
عن ابن عمر أن النبي قال: (إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين).
فإذا قمت هرب النوم من أجفانك، وقربت إليك سحورك، تذكر أن الله في عليائه وملائكته المسبحة بقدسه يصلون عليك.
من لم يدرك رمضان فاته ثواب خير ليلة فيه، من حرم خيرها فقد حُرم: “إنا أنزلناه في ليلة مباركة”، “ليلة القدر خير من ألف شهر”.
ذلك غيض من فيض، ولعلك أدركت شيئاً من سر خوف السالفين من عدم بلوغ هذا الشهر الكريم الذي أنت الآن تنعم بخيراته.
فاحمد الله على نعمة بلوغ رمضان وصيامه وحصاد نعمه.