عواصم - (وكالات): قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في مقابلة مع شبكة “سي بي اس” الأمريكية إن “الرئيس السوري بشار الأسد قد يلجأ إلى معقل الطائفة العلوية شمال غرب سوريا إذا ما أطيح به من السلطة في دمشق”، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى “انقسام البلاد ويتسبب في نزاع عرقي قد يستمر عقوداً”. في غضون ذلك، أكد سعيد جليلي، ممثل المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي خلال لقائه الرئيس الأسد في دمشق أن “بلاده لن تسمح بكسر محور المقاومة الذي تشكل سوريا ضلعاً أساسياً فيه”. من جهة أخرى، اقتحم مسلحون مجمعاً سكنياً في ريف حمص وأطلقوا النار عشوائياً ما أدى إلى مقتل 16 مدنياً غالبيتهم من العلويين والمسيحيين وإلى إصابة آخرين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بينما ذكرت مصادر معارضة أن 140 شخصاً قتلوا برصاص قوات الأمن السورية، في الوقت الذي شهدت فيه أحياء وسط مدينة حلب اشتباكات عنيفة بين قوات الأسد والمعارضة. وأكد العاهل الأردني أنه يتوقع أن يستمر الأسد في حملته العسكرية “إلى أجل غير مسمى” متمسكاً بالسلطة، وقال إنه إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوريا في القريب العاجل فإن ذلك سيدفع بالأوضاع إلى “الهاوية”. وقال إنه يخشى من سيناريو يضطر فيه الأسد إلى اللجوء إلى معقل الطائفة العلوية التي تشكل أقلية في سوريا رغم سيطرتها على الحكم. وتابع “وبالنسبة لنا أعتقد أن ذلك سيكون أسوأ سيناريو، لأن ذلك يعني انقسام سوريا الكبرى”. وأضاف أن “ذلك يعني أن الجميع يبدأون في الاستيلاء على الأراضي. إذا ما انفجرت سوريا داخليا، فإن ذلك سيخلق مشاكل سيستغرقنا حلها عقوداً”. وأوضح الملك الأردني أن الخلاف الدولي المستمر حول كيفية معالجة الأزمة السورية يمكن أن يؤدي إلى تعميق الأخطار. وقال إنه “كلما طال الزمن للعثور على حل سياسي، وكلما استمرت الفوضى، فيمكن أن ندفع سوريا إلى الهاوية”. وأوضح أن “الهاوية هي حرب أهلية شاملة سيستغرق خروجنا منها سنوات”.
من جهته، أكد المسؤول الإيراني سعيد جليلي، ممثل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي خلال لقائه الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق أن بلاده لن تسمح “بكسر محور المقاومة” الذي تشكل سوريا “ضلعاً أساسياً فيه”.
وظهر الرئيس السوري للمرة الأولى منذ 22 يوليو الماضي في صور بثها التلفزيون السوري الرسمي وهو يستقبل سعيد جليلي. وأضاف جليلي “أن ما يجري في سوريا ليس قضية داخلية وإنما هو صراع بين محور المقاومة من جهة وأعداء هذا المحور في المنطقة والعالم من جهة أخرى”، مؤكداً أن “الهدف هو ضرب دور سوريا المقاوم”. وقال إن “إيران لن تسمح بأي شكل من الأشكال بكسر محور المقاومة الذي تعتبر سوريا ضلعاً أساسياً فيه”. وفي وقت لاحق، اعتبر جليلي في مؤتمر صحافي عقده في مقر السفارة الإيرانية في دمشق، “أن كل هذا التآمر ضد سوريا عبارة عن أحقاد يريد أصحابها أن ينتقموا من الدور السوري المشرف مع المقاومة”. وشدد جليلي على ضرورة الحل الداخلي للأزمة السورية معرباً عن رفضه لأي شكل من أشكال التدخل الخارجي في الشؤون السورية. وحول حدوث ضربة عسكرية ضد النظام السوري، حذر جليلي من أن من يعتقد أن بإمكانه زعزعة الاستقرار في سوريا “يقع في خطأ استراتيجي كبير” مضيفاً أن الطريق للحل “سياسي وليس عسكري”. وأكد أن بلاده “لن تؤل جهداً وستستخدم كل الأدوات للعمل على تحرير المختطفين الإيرانيين الأبرياء وعودتهم سالمين إلى ديارهم”.
وأعلنت طهران أن الولايات المتحدة مسؤولة عن حياة الإيرانيين المخطوفين بعدما أعلن المقاتلون المعارضون السوريون مقتل 3 منهم في عملية قصف من قوات النظام في ريف دمشق.
من جهته، أعلن الأسد تصميمه على المضي قدماً في الحل الأمني حتى “تطهير البلاد من الإرهابيين”. وقد ردت أنقرة على مواقف إيرانية توقعت أن ينتقل النزاع في سوريا إلى تركيا، وذلك قبل ساعات من زيارة يقوم بها وزير الخارجية الإيراني لتركيا في محاولة لتحسين العلاقات بين البلدين. وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان “ندين بشدة الاتهامات التي لا أساس لها والتهديدات التي في غير محلها ضد بلادنا من جانب العديد من المسؤولين الإيرانيين، بمن فيهم رئيس الأركان الإيراني حسن فيروز ابادي”. وكانت الخارجية تشير إلى ما قاله فيروز ابادي متهماً تركيا ودولاً أخرى مجاورة بتسهيل تحقيق “الأهداف العدوانية للشيطان الأكبر، الولايات المتحدة”. من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنيتون في بريتوريا إن على العالم أن يجد سبلاً للتسريع بإنهاء العنف في سوريا والبدء في التخطيط لعملية انتقال سياسي في البلد. ميدانياً، شهدت أحياء وسط مدينة حلب شمال سوريا اشتباكات عنيفة بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية التي قصفت أحياء شرق المدينة، في وقت بلغت فيه حصيلة القتلى 203 قتلى هم 140 مدنياً، إضافةً إلى 31 مقاتلاً معارضاً سقط 9 منهم في مدينة حلب، بحسب المرصد. كما قتل 32 من القوات النظامية خلال اشتباكات في دير الزور وحلب وأدلب ودرعا وريف دمشق، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وفي ريف دير الزور، سيطر المقاتلون المعارضون في مدينة الميادين على مفرزة الأمن العسكري بعد اشتباكات عنيفة.
إلى ذلك، هاجمت مجموعة من المقاتلين المعارضين حقلاً نفطياً واشتبكت مع القوات المكلفة حمايته، ما تسبب بمقتل 6 عناصر من قوات الأسد و4 مقاتلين معارضين، بحسب المرصد السوري.
وفي حلب، قال مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن إن الجيش السوري الحر هاجم مقر الجيش الشعبي الذي يقع على الطرف الجنوبي من حي الاشرفية، ويضم “300 إلى 400 من عناصر الجيش الشعبي والأمن والشبيحة”.
ويسيطر المقاتلون المعارضون على غالبية مدينة دير الزور وريفها باستثناء مدينتي البوكمال والميادين. من ناحية أخرى، اقتحم مسلحون مجمعاً سكنياً في ريف حمص وأطلقوا النار عشوائياً ما أدى إلى مقتل 16 مدنياً غالبيتهم من العلويين والمسيحيين وإلى إصابة آخرين بجروح، بحسب المرصد السوري.
وأفاد عبدالرحمن أن “القتلى سوريون وتوزعوا بين 4 سنة و6 مسيحيين إضافةً إلى 6 علويين بينهم مدير المجمع”.
وفي شان آخر، تكبدت التعاونيات الاستهلاكية الحكومية في سوريا خسائر بـ15 مليون دولار أمريكي نتيجة “لأعمال النهب والتخريب” التي قامت بها “المجموعات المسلحة” وتدهور الوضع الأمني الذي قلص الأرباح.
وقال المدير العام للمؤسسة العامة الاستهلاكية محسن عبدالكريم علي “بلغت الخسائر التي تكبدتها المؤسسة نتيجة أعمال التخريب والنهب التي قامت بها المجموعات المسلحة مئات الملايين من الليرات السورية”.
من جانبه، قال متحدث باسم الأمم المتحدة أن المبعوث الدولي والعربي السابق لسوريا كوفي عنان لن يرسل ممثلاً له إلى اجتماع يعقد في طهران بشان سوريا غداً.
وفي تركيا، ذكرت وكالة أنباء الأناضول أن 13 ضابطاً سوريا، أحدهم برتبة عالية جداً، فروا ووصلوا إلى تركيا مع أكثر من ألف لاجئ في الساعات الـ24 الأخيرة، ما يرفع إلى 50 ألف شخص عدد الذين لجأوا إلى تركيا منذ بداية الأزمة، وبينهم مئات العسكريين.
وفي سياق متصل ذكرت الخارجية الفرنسية أن لوران فابيوس سيزور من 15 إلى 17 أغسطس الجاري الأردن ولبنان وتركيا لدرس انعكاسات الأزمة السورية على هذه الدول التي “تستقبل عددا كبيراً من اللاجئين”. وافاد مصدر رسمي اردني ان قافلة محملة بمساعدات إنسانية للاجئين السوريين وصلت إلى الأردن آتية من السعودية.
وأعلنت بريطانيا تقديم 15.7 مليون دولار لمنظمات الأمم المتحدة التي تقدم العون للاجئين السوريين في الأردن ولبنان وتركيا والعراق.