يقبل علينا شهر رمضان حاملاً معاني الإيمان المتجددة في قلوبنا فتزيدنا قرباً من الله، وإذا أردنا حصر هذه المعاني فلن نستطيع فهي أكبر من أن تحصر؛ بل كل معنى منها ينمو ويعلو حتى يستوعب النفس، فلا تجد إلا لذة الإيمان بين الصيام والقيام وصلة الأرحام، كما تجد الذكر قرين الصبر والشكر، وتأنس بتلاوة القرآن ومداومة الإحسان، وتنهل من العلم ومجالس العلماء، وترفع أكف الضراعة بالدعاء إلى الله تعالى وأنت موقن بالإجابة.
ومن معاني هذا الشهر العظيم:
إنه شهر البركة كما جاء في الحديث: «أتاكم رمضان شهر مبارك» ومن بركته أن «كل عمل ابن آدم يضاعف؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي» و»فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا كل محروم» ومن بركته أنه «إذا دخل شهر رمضان أُطلق كل أسير وأُعطي كل سائل «وفيه يغفر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم في آخر ليلة منه، قيل يا رسول الله! أهي ليلة القدر؟ قال: لا، ولكن العامل إنما يُوفى أجره إذا قضى عمله» وفي رواية فقال: «يا ملائكتي! ما جزاء أجير وفَّى عمله؟ قالوا ربنا جزاؤه أن يوفى أجره. قال: ملائكتي! عبيدي وإمائي قضوا فريضتي عليهم، ثم خرجوا يعجون إلي بالدعاء -وذلك يوم العيد- وعزتي وجلالي وكرمي وعلوي وارتفاع مكاني لأجيبنهم، فيقول: ارجعوا فقد غُفر لكم، وبدلتُ سيئاتكم حسنات. قال: فيرجعون مغفوراً لهم».
إنه دعوة من الله تعالى للرجوع إليه؛ والإحساس برحمته، والأنس بنعيم جنته حيث: «تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق أبواب الجحيم، وتُغل فيه مردة الشياطين» وفي رواية «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صُفدت الشياطين ومردة الجن، وغلًّقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب» و»من صام يوماً ابتغاء وجه الله، بعَّده الله من جهنم كبعد غُراب طائر وهو فَرْخٌ حتى مات هَرِما» و»من صام يوماً في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقاً، كما بين السماء والأرض» وهو شهر «أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار» فكل الأبواب مفتوحة للمغفرة والرحمة «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» فصيام رمضان من أعظم الطاعات، وثوابه لا حدود له كما جاء في الحديث القدسي «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» لذا «من أفطر يوماً في رمضان من غير رُخصة ولا مرض لم يقض عنه صوم الدهر كله وإن صامه»، و»إن الجنة تُزخرف لرمضان من رأس الحول إلى حول قابل، فإذا كان أول يوم من رمضان هبَّت ريحٌ تحت العرش من ورق الجنة على الحور العين، فيقلن: يا رب! اجعل لنا من عبادك أزواجاً تقر بهم أعيننا، وتقر أعينهم بنا».