متابعة - إبراهيم الزياني:قال رئيس كتلة البحرين البرلمانية أحمد الساعاتي، إن جمعية الوفاق لا تمثل الشيعة في ظل وجود شيوعيين ويساريين وأصحاب توجهات قومية بين صفوفها، لافتاً إلى أن المنابر الدينية أحد أبرز أسباب التأزيم في المملكة.وأضاف أن القنوات الإيرانية خصصت برامج يومية طويلة لتصوير ما يحدث في البحرين على أنه “ثورة” خلافاً لواقع الحال، مشيراً إلى أن الأحداث بدأت بمطالب شعبية لإصلاح الأجور قبل أن تُسيّس طائفياً من قبل أطراف متشددة.ولفت إلى أن المواطن الشيعي هو المتضرر الأول من أعمال العنف والتخريب وقطع الطرقات، موضحاً أن الحل يكمن في إطلاق حوار يجمع الحكومة والمعارضة والتيار السُني للوصول لميثاق عمل مشترك. ونبّه إلى أن العملية الديمقراطية لا تعترف بالدوائر المغلقة، ومن حق المواطن أن ينتخب من يريده من المرشحين، رافضاً مقولة إن بعض الدوائر تتبع لجمعيات معينة، وإن ذلك يتعارض مع الروح الديمقراطية. وأضاف خلال برنامج “مقابلة خاصة” الذي بثته قناة العربية أمس الأول، أن وصوله للبرلمان مع أعضاء كتلته جاء عبر تصويت شعبي حر، مطالباً بإصلاح العملية الانتخابية في المرحلة المقبلة، عبر إتاحة الفرصة لجميع المرشحين دون توجيه ديني أو سياسي لانتخاب شخص دون آخر.وأكد أن قوة الوفاق تعود لاستغلالها المنابر الدينية من أجل توجيه الناخبين لمصالحها، كما إنها حرضت خلال الانتخابات التكميلية على مقاطعة الانتخابات ووجهوا الناخبين لتصفير صناديق الاقتراع لمنع المجلس النيابي من إكمال نصابه، معتبراً ذلك يتعارض أيضاً مع روح العملية الديمقراطية.البرلمان ومبدأ المحاصصةوأشار الساعاتي إلى عدم إمكانية وصول كتلته النيابية -بعد أن وصل جميع أعضائها عبر الانتخابات التكميلية- للمجلس في ظل توجيه المنابر الدينية في المناطق الشيعية لانتخاب ممثلي جمعية الوفاق، داعياً الجمعية لترك الحرية المطلقة للناخب باختيار المرشح الكفوء بناء على برنامجه السياسي والاقتصادي. وقال “إذا تمت المحاصصة بتلك الطريقة، نحصل على برلمان غير مكتمل ولا يمثل الشعب”. ورأى الساعاتي أن البرلمان كان منقوص الصلاحيات، مرجعاً ذلك لقصر الفترة والتجربة التي لم يمر عليها نحو 10 سنوات، إلا أنه عاد ليشير إلى أن النواب لم يستخدموا الصلاحيات المتاحة لهم في الفترة السابقة.وأضاف أن التعديلات الدستورية التي أقرها جلالة الملك مؤخراً، أعطت البرلمان اليد العليا ومنحته الأدوات القادرة على طرح الثقة في الحكومة، ومساءلة ومحاسبة مجلس الوزراء ومناقشة برنامج الحكومة. ورفض الادعاءات التي وصفت النواب بـ«الحكوميين”، مشيراً إلا أنه مستقل ووصل المجلس النيابي بعد أن حظي بثقة أعضاء دائرته.وأبدى الساعاتي عدم رضاه عن أداء الحكومة، إذ إن جلالة الملك وضع شعار رفاهية المواطن أولوية في البرنامج الحكومي، وإن سمو رئيس الوزراء يتابع عن كثب الأحداث في الشارع واحتياجات المواطنين ويوجه الوزراء للعمل بما يخدم مصلحة الوطن والمواطنين.ورأى أن الجهاز الحكومي غير قادر على أن يؤدي الخدمات التي يريدها المواطن، ما ينعكس سلباً على الوضع السياسي والاجتماعي، داعياً لإحلال وزراء شباب ودماء جديدة في الوزارات.تحريض المنابر الدينيةوأكد الساعاتي أن المنابر الدينية أحد أسباب التأزيم في المملكة، إن لم تكن السبب الأول، لافتاً إلى أن “المجلس طالب وزير العدل عدة مرات باستخدام صلاحياته وتطبيق القانون ووقف المسيئين من الأئمة والوعاظ، إلا أن حساسية الموقف وعدم رغبة الحكومة في تعقيد الوضع أدى لترك الأمر ولم يتخذ قرار حاسم، ما دفعنا كنواب لتقديم ميثاق شرف للدعاة والخطباء، وهي مستمدة من تعاليم ديننا الحنيف، وليس وراءها خطابٌ سياسي أو هدف حكومي”.وقال “البعض اتهمنا بأننا نريد أن نكمم الأفواه ونسيطر على المنابر الدينية، نعم نريد أن نسيطر عليها لتشيع المحبة وروح التسامح، إذ إنها كان لها دور سيئ خلال الأحداث وتسببت في تدهور العلاقات الاجتماعية وأحدثت شرخاً في النسيج الاجتماعي”.وشدد على رفضه إقحام الإسلام في الحياة السياسية، معتبراً العمل السياسي “يحتاج لإمكانات إدارية وفنية وكثير من الكر والفر وثقافة مختلفة، ونريد من يدخل ذلك المعترك أن يكون رجلاً سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً لا أن يكون معمماً، أما إذا كان معمماً ولديه رؤية اقتصادية أو سياسية فأهلاً به، إلى أن ينزع عمامته ولا يدخل الخطاب الديني في البرلمان، لأننا لا نستطيع أن نُخطئه أو ننتقده، لأن الخطاب الديني له حرمته وقدسيته بالنسبة للجميع”.تنفيذ توصيات «التقصي»وعبر الساعاتي عن رضاه لما وصلت إليه لجنة تقصي الحقائق، معتبراً أن “التقرير خلق الأرضية المناسبة لمراجعة الأحداث التي شهدتها المملكة، وهي خطوة شجاعة من جلالة الملك، كما إن ولي العهد أقر بقبول الدولة توصيات اللجنة والاعتراف منها بأخطائها، والآن الدور على المعارضة لمراجعة مواقفها والاعتراف بأخطائها إبّان الأزمة.وذكر أن اللجنة المعنية بتنفيذ التوصيات أنهت أكثر من نصف مهامها، لافتاً إلى أن بعض التوصيات تحتاج لوقت أطول لتنفيذها على أرض الواقع.ونفى رئيس كتلة البحرين ادعاءات المعارضة بتهميش الطائفة الشيعية، إذ قال إن “الطائفتين شركتان بالحكم، سواء في الجهاز التشريعي أو التنفيذي، فنجد أن مجلسي الشورى والنواب يمثلان الطائفتين بالتساوي إلى حد ما، والأمر نفسه بالنسبة للجهاز الحكومي، ولم نجد أي توجه رسمي حكومي لاستبعاد الطائفة الشيعية كونها تمثل النصف الآخر للمجتمع”. وشدد على أن “العلاقات الاجتماعية بين الطائفتين قوية وتاريخية، إلا أن البعض استغل الورقة الطائفية لتحقيق أهدافه السياسية، وهو ما نرفضه”، لافتاً إلى أن “الدولة ارتكبت خطأ كبيراً بإعطاء تلك الجمعيات السياسية القائمة على أسس طائفية التصريح لإطلاقها، ما أسهم في تكريس الشحن الطائفي”.ونبّه الساعاتي إلى أن “الوفاق لا تمثل الطائفة الشيعية، إذ إن الطائفة تجمع توجهات مختلفة، فهناك اليساريون والشيوعيون والقوميون والمستقلون، والوفاق تدعي في خطاباتها بأنها تمثل الشعب وهذا الادعاء غير صحيح”.لا حل بتشدد المواقفوذكر الساعاتي أن “الأزمة التي حدثت العام الماضي بدأت بمطالب لتحسين الأوضاع الاجتماعية والأجور وإصلاح البرنامج الاقتصادي، إذ إن مشروع جلالة الملك الإصلاحي تعثر في السنوات الأخيرة بسبب ترهل الجهاز الحكومي، وانشغال المعارضة في البرلمان بمماحكات سياسية أضاعوا بها وقتاً طويلاً”.ولفت إلى أن بعض الأطراف المتشددة التقطت الخيط واستخدمت الورقة الطائفية للتحشيد وتحويل المطالب الاقتصادية والمعيشية لطائفية، مضيفاً “نرفض الأطروحات والاستقطابات الطائفية، ونريد عملاً وطنياً يجمع الجميع، ربما نختلف على بعض تفاصيل تطبيق المشروع الإصلاحي ودور البرلمان، إلا أننا نتفق على أننا يجب أن نبني الوطن من الداخل”.ودعا لمنع التدخلات الخارجية، وقال “خلال الأحداث تهافتت عشرات الدول والقوى الخارجية للتدخل في الشأن الداخلي، لما تملكه البحرين من موقع استراتيجي فريد، وإشراف على مواقع النفط وحركة الملاحة الدولية، وتلك الأهمية لا تدركها بعض قوى المعارضة”. وطالب الساعاتي بعدم إغفال السعودية التي تشكل عمقاً استراتيجياً واقتصادياً للبحرين، وبين أن السفير البريطاني في المملكة ذكر أنه قادر على جلب مئات الشركات البريطانية للمملكة لقصر المسافة بين البحرين والسعودية. واستغرب الساعاتي من الاهتمام الإيراني بالشأن الداخلي، إذ خصصت القنوات الإيرانية برامج يومية بساعات طويلة صورت أن في البحرين ثورة وأن الشوارع مقطوعة وأن هناك قتلاً يومياً، وهو ما ينافي الواقع، وقال “الشعب البحريني يرفض أي تدخل خارجي، ولا يريد تطبيق النموذج الإيراني أو أي نموذج آخر، حتى الطائفة الشيعية ترفض النموذج الإيراني”.واستنكر الساعاتي أعمال العنف والتخريب وقطع الطرق، مشيراً إلى أن المتضررين بالدرجة الأُولى أهالي القرى، وقال “تلك الأعمال لا تعتبر عملاً سياسياً أو إصلاحياً، من لديه مطالب يمكن أن يختار الوسائل المتاحة والمكفولة دستورياً، كالمظاهرات والكتابات الصحافية والمجالس والجمعيات السياسية والبرلمان، إلا أن المتضرر المواطن الشيعي بالدرجة الأُولى كون تلك الأعمال تحدث في مناطقهم، فعندما تدخل تلك المناطق تشعر أنها خارجة من حرب من كثرة الحجارة المتنثرة في الشارع وأعقاب النخيل والتخريب على الجدران وأعمدة الإنارة”.ورأى أن “الحل يكمن بمبادرة إطلاق حوار ثانٍ تشارك فيه الأطراف المعنية، وهي المعارضة والحكومة والتيار السُني، يجب أن تجلس تلك الجهات على طاولة واحدة وتصل لميثاق عمل مشترك”.