تحول المنبر التقدمي بعد المؤتمر السادس إلى منبر لجمعية “الوفاق” مستعد لمناكفة أعضائه في سبيل نيل رضا العمائم السود. فمنذ تولي عبدالنبي سلمان خمل دور المنبر كواجهة تقدمية وتحول إلى مجرد مقر آخر لعقد الندوات وجلب جمهور “الوفاق” الإسلامي إلى مقر المنبر اليساري في منظر غريب لم يكن ليرتضيه مؤسسي هذا التيار.
ولا يخفى ذلك الصراع الداخلي الذي يقوده تيار عبدالنبي سلمان بهدف كسب الوقت. فهو سيطر على اللجنة المركزية والمكتب السياسي عن طريق إطلاق شعارات ثورية تدعو إلى “نهوض بالمنبر من كبوته” وتصحيح المسار على حسب تصريح عبدالنبي سلمان بعد فوزه بالانتخابات بتاريخ 27 أبريل الماضي.
لقد بنى عبدالنبي سلمان حملته على استعداء خط حسن مدن الأمين العام السابق للمنبر وتخوين علي البنعلي رئيس نقابة “ألبا” واتهامهم بالعمالة للنظام السياسي بالبحرين كصك براءة يقدمه إلى حلفائه في جمعية “الوفاق”، وكطريقة من أجل طلب ودهم. فـ«الوفاق” تريد الانتقام من حسن مدن الذي رشح ضدها في أكتوبر 2010 في الانتخابات النيابية في مدينة حمد، وأيضاً تريد الانتقام من علي البنعلي، الذي حرمها من أيِّ وجود في نقابة “ألبا” لسنوات طويلة، وهو نفسه أحد مؤسسي الاتحاد الحر المنافس العنيد للاتحاد العام الوفاقي. وقام عبدالنبي سلمان في الأول من مايو الماضي بمهاجمة علي البنعلي عبر موقعه على “تويتر” من أجل الإثبات للوفاق وكوادرها أن الفرع الشيعي بالمنبر، قد سيطر بالكامل على جميع الهيئات القيادية في هذا التنظيم اليساري، وأنه مستعد لتقديم صكوك الولاء لهم.
ولكن التيار المتشدد في المنبر التقدمي والموالي للوفاق، وبعد أنْ نجح في الانتخابات وسيطر على جميع مفاصل المنبر، فشل في تطبيق ما وعد به جمهور هذا الخط المتشدد، والذي انتخبه على أساس قيامه بذلك. فهذا الجمهور المتعطش لإسقاط النظام ورحيله والمشاركة الفاعلة والميدانية، في كل ما تقوم به الجمعيات المعارضة من تخريب للاقتصاد الوطني وتهديم البنية الاجتماعية للمجتمع البحريني، من خلال الالتزام بخط الثورة المتواصلة والعصيان المدني. فكيف وصل المنبر إلى مثل هذه الوضعية.
التهرّب من الترشح
تبدأ القصة عندما تهرّب عبدالنبي سلمان من الترشح باسم المنبر التقدمي الديمقراطي في انتخابات 2002 في منطقة عالي، خوفاً من ردة فعل التيار الإسلامي الشيعي، الذي كان مقاطعاً للانتخابات على أساس عدم رضاه عن الدستور. فضل في ذلك الوقت عبدالنبي أنْ يظهر بمظهر الداعم للمشروع الديمقراطي للسلطة في البحرين، ولكن في نفس الوقت رفض أن يكون اسمه تحت قائمة مرشحي المنبر التقدمي، وهذا لم يكن غريباً فهو نفسه بعد انتخابه ذهب بقانون الأحوال الشخصية ليستشير فيه عيسى قاسم، كطريقة اتباعها من أجل نيل رضا القيادات الدينية الشيعية، على أمل أنها سوف تدعمه في انتخابات 2006 وهذا بالتأكيد لم يحدث، حيث قامت “الوفاق” بحملة شعواء ضد عبدالنبي سلمان وترتيب أفكاره حتى لا يقف مرة أخرى ضدها. وفهم من سقوطه بانتخابات 2006 أنه لا يستطيع مواجهة هذا التيار الديني المستعد، أن يهدد وينفذ تهديداته ليس على أعضاء حملته الانتخابية فقط، ولكن حتى على أسرته شخصياً كما أسرَّ لمن حوله حول أسباب عدم ترشحه في انتخابات 2010.
هكذا تحول عبدالنبي سلمان من ترشيح نفسه باسم المنبر في 2003 إلى أمين عام للمنبر في أبريل الماضي. ليمارس أجندة وفاقية تمَّ تلقينه وتدريبه عليها من قبل الشارع الوفاقي، الذي يعيش فيه هو نفسه. فأصبح يحلل الأحداث بتفكير مختلف وليس بناء على تحليل سياسي مادي يساري، يؤهله لطرح فكر المنبر التقدمي الوسطي الذي لعبه حسن مدن أثناء فترة ترؤسه للمنبر.
وأثناء الإعداد لهذه الانتخابات بدءاً من شهر أبريل الماضي، شنَّ حملة ضد علي البنعلي بوصفه وجه حكومي، ويجب عدم دخوله إلى المكتب السياسي أو اللجنة المركزية. وطلب عبدالنبي سلمان ترشح كل شخص سانده بالتصويت، في اللجنة المركزية ضد مشاركة حسن مدن في لجنة تطبيق توصيات بسيوني بقيادة علي الصالح. فعلى سبيل المثال المحامي حسن إسماعيل صوّت ضد المشاركة في لجنة تطبيق توصيات بسيوني، ومع أنه ليس من جماعة عبدالنبي سلمان، إلا أن عبدالنبي قد طلب منه الترشح للجنة المركزية. وعباس عواجي وفيصل خليفة هم قريبين من عبدالنبي سلمان، لكن بما أنهم صوّتوا ضده ومع مشاركة حسن مدن في لجنة تطبيق توصيات بسيوني فهو أبعدهم من قائمته فسقط عباس عواجي، واحتل فيصل خليفة موقع الاحتياط الأول.
نقلة جذرية للتقدمي
خاض عبدالنبي سلمان حملته الانتخابية تحت شعار في سبيل نقلة جذرية تقدمية للتقدمي وهي ورقة تم تقديمها من أحد حلفاء عبدالنبي سلمان، وهو العضو باللجنة المركزية عدنان جمعة إبراهيم، بعد فوز تيار عبدالنبي سلمان بالانتخابات والتي تنص على:
«بعد أن انفض المؤتمر السادس للتقدمي وأكدت جمعيته العمومية تمسكها بالخط الوطني الثوري المناضل، وبعد أنْ فشل المتآمرون اليمينيون والانتهازيون، الذين سعوا بجميع الأساليب اللا ديمقراطية والانتهازية الغريبة على حزبنا ونقائه الثوري، ومارسوا الفساد والتضليل قبل وأثناء المؤتمر في سبيل حرفه عن أهدافه التي رسمها عبر تاريخه النضالي المجيد.
وبعد أنْ فشلت الزمرة اليمينية والانتهازية في تحقيق مآربها بتأكيد الجمعية العمومية للمؤتمر السادس على التوجه الوطني الثوري للمنبر الديمقراطي، واختارت بكل حرية وديمقراطية ممثليها للجنة المركزية، الذين أكدوا تمسكهم بالنهج التقدمي الثوري للمنبر وانحيازه للجماهير المناضلة من أجل مستقبل أفضل.
وبعد أنْ أكدت الأغلبية الساحقة للجمعية العمومية للمؤتمر السادس للمنبر التقدمي ثباتها على النهج التقدمي الثوري، لم تتقبل القوى الانتهازية واليمينية الهزيمة التي منيت بها، فعادت هذه الزمرة التي التزم أغلب عناصرها الصمت أثناء المؤتمر باستثناء القلة القليلة من هذه العناصر، عادت دون خجل، لتمارس عهرها الانتهازي عن طريق السعي بكل صفاقة وبروح انتهازية لا تمت بصلة للتاريخ المجيد لهذا الحزب الثوري، للقفز على إرادة الجمعية العمومية تزويراً لتوجهها، الذي أكدته نتائج المؤتمر عن طريق إعاقة اللجنة المركزية عن ممارسة مهامها في اختيار المكتب السياسي، والسعي لتحقيق ما فشلت في تحقيقه من خلال المؤتمر.
إنَّ هذا التآمر المكشوف على قرارات الجمعية العمومية وإرادتها يُعَدُّ تجنياً على إرادتها، وانتهاكاً صارخاً لقرارات المؤتمر، وترسيخاً لممارسات خاطئة وتجاوزاً للديمقراطية وخرقاً للنظام الداخلي للمنبر.
لذلك لن ننصاع مطلقاً لنهج يهدف للذي أذرعنا وأجبرنا على الموافقة على تلك الخروقات والممارسات التحريفية، ولن نقبل أن نكون شهود زور على ذلك، لذلك نرى أنه من الواجب علينا احترام إرادة الجمعية العمومية وعدم القفز على قراراتها والسعي بروح ثورية لمعالجة الأمراض، التي ابتلينا بها بفعل تلك العناصر الانتهازية التي تسللت وعشعشت وتستغل أي ثغرة لنخر حزبنا من الداخل.
إنَّ السعي بروح ثورية لتأصيل نضالنا على الأسس الديمقراطية التقدمية، التي نتغنى بها قولاً وننتهكها فعلاً، تتطلب منا عاجلاً ودون تلكؤ التصدي لمحاولات دفعنا لقبول المحاصصة البغيضة كمخرج وعدم الخضوع للابتزاز والقبول بتشكيل مكتب سياسي مهلهل كسيح عاجز عن القيام بمهام المرحلة الصعبة، التي يمر بها شعبنا وإنقاذ حزبنا من التقوقع والجمود والتراجع عن الدور الذي يتطلع إليه رفاقنا وأنصارنا وأبناء شعبنا، الذين يتطلعون لعودتنا لطليعة القوى التقدمية والديمقراطية.
لذلك يجب علينا وبإرادة حرة ترقى لمستوى الإرادة الجماعية لرفاقنا الذين منحونا ثقتهم من خلال المؤتمر، أنْ نكون عند حسن ظن أغلبية رفاقنا بنا، وأن نحترم الثقة التي منحونا إياها، علينا أنْ نختار الكفاءة ونبتعد عن الحلول الترقيعية الفاشلة بكل تجرد وثورية لننقذ حزبنا من انهيار تسعى لدفعه إليه زمرة يمينية انتهازية غارقة في غيها وذاتيتها المريضة، التي لا تمت بصلة للقيم الثورية التي ربانا عليها حزبنا”.
إذن هذا هو الأمر، تيار يميني حكومي متآمر تسلل إلى هياكل المنبر يجب محاربته.
الاستحواذ والأقصاء
وانتهت المعركة الانتخابية وانتهت معها النشوة بإخراج علي البنعلي ليس فقط من المكتب السياسي، ولكن أيضاً بإخراجه من اللجنة المركزية. وعندما انعقدت اللجنة المركزية اجتماعها استقال 5 من أعضائها احتجاجاً على السياسة الاستحواذية التي اتبعها عبدالنبي سلمان أثناء وبعد عملية الانتخاب. وهكذا لم يستطع عبدالنبي سلمان القيام بانتخاب المكتب الساسي في غياب مجمل أعضاء اللجنة المركزية. مما اضطره إلى استدعاء الاحتياط، والذي كان من بينهم هذه المرة علي البنعلي أيضاً.
وجرت نتائج الانتخابات ليرشح علي البنعلي نفسه لكل المناصب القيادية بالمنبر بدءاً من الأمين العام وليفوز عبدالنبي سلمــــــــان بـ 17 صوتــــــاً لصالـــــح صوت واحد للبنعلي وثلاث أوراق بيضاء. ونائب الأمين العام ليفوز عبدالجليـــــل النعيمـــــــي بـ 12 صوتاً مقابل صوتين لعلي البنعلي والمفاجأة كانت عدد الأوراق البيضاء، والتي وصلت إلى سبعة أوراق بيضاء مما يظهر مدى عدم الرضا داخل كتلة عبدالنبي سلمان عن شخصية عبدالجليل النعيمي، والذي لم يخفِ انزعاجه. وبعدها جرى انتخاب المكتب السياسي التسعة ليسقط علي البنعلي لحصوله علــــــى 4 أصـــــــوات فقط . ولكن البنعلي رشح نفسه لقطاع الشباب والطلبة أمام حسين العريبي ورشح أيضاً نفسه للقطاع العمالي، والمفاجأة أنه رشّح نفسه للجنة المرأة أمام إيمان شويطر، وهو ما أثار عبدالنبي سلمان غضباً وكانت دليل واضحة على رغبة عبدالنبي سلمان في السيطرة على أبسط اللجان.
وهكذا كانت فكرة عبدالنبي سلمان هي الاستحواذ وليس الوصول إلى حلّ توافقي على قائمة واحدة وعليها فاز بالانتخابات ورفض كل محاولات المشاركة بعدها، إنْ كان في اللجنة المركزية أو المكتب السياسي، ولكن الأزمة السياسية في البحرين وضعته في موقف حرج مع رفاقهم الذي وعدهم “بالنهوض بالمنبر” على أسس ثورية وهو إلى الآن لم يفعل ذلك. فلا مسيرات يستطيع أن يشارك بها لأنها غير مرخصة، وليس هناك مواقف جديدة مختلفة يستطيع أن يبتكرها ولذلك هو مجبر أن يعيد قصص قديمة كقضية الأطباء، أو استعارة مجد تفتقده القيادة الحالية للمنبر، مثل فعالية أحمد الذوادي العابر للطوائف، وهكذا كنوع من تقضية الوقت في انتظار ما قد يغير واقعه. وهم لا يستطيعوا الذهاب إلى الوفاق بشكل مكشوف. فنصف أعضاء الاتحاد الحر من المنبر والوفاق تراه ملزماً بأنْ يكون للمنبر موقف من هذا الاتحاد الحر. وهو يحاول أن يبتعد عن ذلك خوفاً أن يجره المتطرفين في لجنته المركزية، إلى فصل علي البنعلي أو تجميده من اللجنة المركزية، وهذا سوف يعمِّق الشرخ الطائفي الموجود.
لجنة اتصال للخروج من الأزمة
وللخروج من أزمته ولحالة الانشقاق التي أوجدها، قام عبدالنبي بعد انتخابه بالدعوة إلى لجنة اتصال مع المستقيلين والمنسحبين وهي تهدف إلى إقناعهم إلى الرجوع إلى هياكل المنبر.
ولجنة الاتصال هي لجنة مكوَّنة من مهدي الشويخ الحليف الجديد لعبدالنبي سلمان وحسن مدن الأمين العام السابق، وعلي حسين وهو حليف لحسن مدن وعضو لجنة مركزية وصاحب أعلى عدد أصوات في الانتخابات الأخيرة. ويسعى عبدالنبي سلمان وجليل النعيمي، من خلال لجنة الاتصال إلى وضع المستقيلين في المنبر، وحشرهم في الزاوية وفي موقع المنسحب بلا سبب.
الفكرة الأساسية لمهندس الفكرة أي عبدالجليل النعيمي هي التالي:
1. انسحاب جزء من اللجنة المركزية ومن المحسوبين على عبدالنبي سلمان، ويبلـــــغ عددهــــــم اليـــــــوم 18 عضــــواً لجنة مركزية مقابل 5 تابعين إلى حسن مدن.
2. وأن يعطي المنبر تطمينات حول عدم انجراره وراء الوفاق أو الخماسي، من خلال تغطيات صحفية متلاحقه.
3. وأنْ يتم التوافق على دخول بعض من المستقيلين، أو المحسوبين على المستقيلين بدلاً عنهم، وليتم تغير تشكيلة المكتب السياسي بعدها في المؤتمر الاستثنائي. هذا المؤتمر يجب أن يعقد في شهر أكتوبر 2012، وهو أحد قرارات المؤتمر السادس للمنبر، حيث تمَّ إقرار أنه سوف يكون هناك تعديل للنظام الأساسي للمنبر. وقد تم تكليف علي حسين برئاسة لجنة التعديلات على النظام الأساسي. وتمَّ تكليف علي الغنام برئاسة لجنة التحضير لهذا المؤتمر. والفكرة أن يكون هناك مؤتمر اعتيادي واستثنائي، وذلك لتعديل النظام الأساسي وانتخاب المكملين للجنة المركزية.
الانسحاب من اللجنة المركزية
من هم الأعضاء الذين ينوي أن يسحبهم عبدالنبي سلمان من أجل إحلالهم بدل العناصر المستقيلة؟
للإجابة على هذا السؤال يجب أن ندرج التوازن الحالي في اللجنة المركزية، وهي حسب الجدول التالي. وفيه يظهر أنَّ التوازن السابق 10 إلى 15 لصالح عبدالنبي قد تغيّر إلى 5 إلى 18 لصالح عبدالنبي. وعليه إذا أراد عبدالنبي أن يغير في تشكيل اللجنة المركزية، عليه أن يطلب من 5 أعضاء تابعين له الاستقالة. ويجب هنا أن نذكر أنَّ خليل يوسف قد تحول إلى مناصر لعبدالنبي سلمان، بعد إدخاله المكتب السياسي.
ومن المتوقع أنَّ خطة عبدالنبي سلمان هذه لن تقنع المستقيلين، الذين يرفضون الرجوع ويقطعون الطريق على أي مبادرة.
تطمينات للمنبر
لقد استخدم عبدالنبي سلمان خطاب ثوري قبل دخوله في انتخابات المنبر في المؤتمر السادس، حيث إنه استفاد من دخول حسن مدن أمينه العام السابق إلى لجنة تطبيق توصيات بسيوني بقيادة علي الصالح. وقتها لم يتم التوافق بالمكتب السياسي على دخول حسن مدن إلى هذه اللجنة وكان عبدالنبي من قيادات المعارضين هو وحسين العريبي، وتمَّ تحويل الأمر إلى اللجنة المركزية التي اتخذت قراراً بدخول حسن مدن إلى هذه اللجنة. فعمد عبدالنبي سلمان إلى تسريب من صوَّت مع من، إلى أوساطه المنبرية، وشن حملة منظمة على حسن مدن وكان هدفه الانتخابات القادمة. وأثناء ذلك استعمل خطاب ثوري سانده فيه حسين العريبي، وهو أنَّ المنبر انضوى على نفسه ويجب النهوض به من كبوته، كما صرَّح عبدالنبي سلمان بعد الانتخابات في الصحافة.
وهكذا هو ينتظر لقاءه بعلي سلمان بعد رجوعه من السفر، لربما يستطيع أن يعطي له فرصة من خلال مشاركة أحد أعضاء اللجنة العمالية في الأمانة العامة للاتحاد العام في الانتخابات القادمة. هذا وسوف يسمح لعبدالنبي أن يرشِّح تحالفه مع الوفاق على أنه تحالف عريض وأحد مكتسباته كانت الحصول على مقعد في الأمانة العامة. ولاشك أن هذه الفكرة تعرضت لبعض الضغوط بعد فصل علي الحداد رئيس نقابة التأمين من عمله.
وفي انتظار مثل هذا الاتفاق مع الوفاق يمضي عبدالنبي سلمان في إشغال الآخرين بلجنة الاتصال، وبالتأكيد يتحمل بهذه الأثناء الإحراج الذي وضعه علي البنعلي فيه من خلال تأسيسه الاتحاد الحر.
لكن لابد هنا من ذكر أنَّ الاتفاق مع الوفاق ليس مضموناً، حيث إنَّ الوفاق لا يعني لها عبدالنبي سلمان في شيء وهو يختلف عن حسن مدن، الذي كان عصياً على التبعية للوفاق كما فعلت وعد. وكانت الوفاق تهتم لأمر حسن مدن، حيث كان من الممكن أنْ يجر معه التيار الديمقراطي بعيداً عن الوفاق.
وهو يجد نفسه أي عبدالنبي سلمان غير قادر على مقاومة تيار حسن العالي، ونوعاً ما وعد الذي قد وصل إلى قناعة أن الوفاق تعمل بمفردها ولصالحها، وهم جميعا ما هم إلا وكالات كانت تعمل لصالح مصالح الوفاق السياسية.
التوافق بين الأعضاء
وهذا اقتراح متأخر جداً، فلقد أدى تمسك عبدالنبي بفكرة أن مجموعته هي الأكبر في اللجنة المركزية، وأن مجموعته هي صاحبة الفكر الثوري، إلى تحوّل المشكلة بين قطاع كبير من المنبر وعبدالنبي سلمان إلى مشكلة تكاد تكون شخصية. فهو لن يستطيع تسويق نفسه وقيادته حتى ولو كان جاداً، كشخصية جامعة لمختلف هذه التيارات. ومازال حسن مدن يبدو متمسكاً ومحتفظاً بشخصيته المتواصلة مع الجميع، وهو لا يخفي انتقاده في نفس الوقت للأسلوب الذي أدار به عبدالنبي سلمان انتخابات المؤتمر السادس.