كتب- طارق مصباح:سنتجول في طول سوق المحرق وعرضه ونلتقي مع أصحاب المحال فيه لنعرف ما مشكلاتهم، وسنلتقي أيضاً مع زبائن السوق لنسجل مقترحاتهم وملاحظاتهم، ثم سنعرضها على أهل الاختصاص في هذا الشأن.وسوق المحرق من أعرق الأسواق في البحرين وتشهد إقبالاً كبيراً قبل رمضان استعداداً لاستقبال هذا الشهر الكريم، ثم أثناء رمضان وقبل أن يودعنا إذ يتهيأ الناس لاستقبال عيد الفطر المبارك.وهذه السوق، لو دخلتها، ستداهمك فيها قصص كثيرة، فلأصحاب المحال قصص ولرواد السوق قصص، وللذين يمرون بالسوق قصص أخرى، فما هذه القصص؟.. وهل نقلها عبر “الوطن”، إلى الجهات المختصة سيسهم في حل المشكلات التي تحتويها تلك القصص؟هذا ما نرجوه ولأجله أجهدنا أنفسنا بالتجوال ولقاء الناس وتدوين أحاديثهم، والكرة الآن في مرمى المسؤولين. المحل للبيع! لماذا؟في متجر وضعت عليه لافتة “المحل للبيع” دخلت لألتقي صاحب المحل عبد الجليل عبدالله جناحي، الذي قرأ الاستغراب على وجهي من تلك اللافتة، فأخبرني أنه يمارس تجارة القرطاسية في هذا المحل منذ 30 سنة، ولكنه الآن مضطر إلى تركه.سألته: ما الذي يدعوك لترك المحل بعد هذه المدة الطويلة؟أجاب: “لا تغرك كثرة المترددين على السوق.. نحن نعاني من كساد وخسارة كبيرين”.وتناول دفتراً كبيراً يسجل فيه مبيعاته اليومية، ومقدار ربحه، وفتحه أمامي ليريني أن كمية المواد المعروضة تتناقص في محله شهرياً وأن المدخول أقل مما ينفقه على الإيجار والرسوم وغيرها من مصاريفه الشخصية والعائلية! موضحاً أن السبب في هذا الكساد هو قلة مواقف السيارات وسوء تنظيم السوق والإهمال الذي لحق بها مؤخراً.جناحي ذكر أنه مع مجموعة من تجار السوق طالبوا البلدية باستملاك مساحات من الأراضي لتحويلها إلى مواقف للسيارات من بينها تلك التي تقع خلف البنك العربي سابقاً وأخرى خلف مخبز دلمون ولكن البلدية لم تستجب لهم..!القريب من العين!دخلت محلاً لبيع الإكسسوارات والتقيت صاحب المحل محمود محمد حسن الذي بدأ تجارته في سوق المحرق منذ 12 سنة، والملاحظ أن المحال التي تبيع هذا النوع من البضاعة زاد في سوق المحرق مما أدى إلى نشوء منافسة بين تجار الإكسسوارات، ولكن محمود قال عن هذه المنافسة أنها أدت إلى تقليل الربح وبخاصة في أوج الأزمة التي مرت بالبلاد.وانتقد وضع بعض المحال جزء من بضاعتها خارج المحل مما أدى إلى ضيق الممرات ودخول الزبائن تلك المحال دون سواها لأن الزبون يرى الشيء القريب منه!ومن الإكسسوارات إلى عالم الأقمشة، إذ دخلت محل يوسف علي حسن الذي حاول جاهداً الرد على أسئلتي وسط زحمة الزبائن الذين تهافتوا على شراء القماش استعداداً للعيد.ذكر لي يوسف أنه بدأ تجارته مع أبيه في سوق القيصرية ثم انتقل إلى موقع السوق، منتقداً رسوم البلدية وقلة عمال النظافة في السوق، وذكر نقطة أخرى وهي عدم مساعدة “تمكين” له بخاصة في وقت الأزمة التي مرت البلاد، مشيراً إلى أن “تمكين” قدمت خدماتها للشركات والمؤسسات المتعثرة ولكن الكثير من التجار لم يستفيدوا من تلك الخدمات!المصلحة العامة.. أولاًوإذا أخذنا آراء أصحاب محال سوق المحرق في عجالة بأوضاعه الحالية، فإن لرواد السوق وأهل المنطقة رأي آخر قد يتشابه، إذ التقيت مجموعة من أولئك المواطنين، كان منهم سعيد الحماد الذي حمَّل مجلس بلدي المحرق مسؤولية توفير مواقف كافية للسيارات، واتفق معه أخوه محمد الحماد الذي طالب بفتح مواقف بريد المحرق على مدار الساعة مقترحاً تحويل المساحة الزراعية قرب مستشفى الهلال إلى مواقف لسيارات رواد السوق، مؤكداً أن المصلحة العامة مقدمة على كل شيء.ضرورة التخطيط الاستراتيجيهل يحتاج السوق إلى أمور أخرى غير المواقف؟ عبد الرحمن الشوملي ذكر أن سوق المحرق تحتاج إلى توسيع يتواكب مع سمعتها والتطور الذي تشهده المحرق وزيادة المترددين عليها، مقترحاً تخصيص مرافق سياحية في المخطط المستقبلي يشتمل على مقاه واستراحات وخدمات كبقية الأسواق في دول الخليج العربي.أما المواطن راشد مال الله فقال إن مشكلة مواقف السيارات تتطلب نظرة استراتيجية مستقبلية ومشاركة القطاع الخاص والشركات الاستثمارية لإقامة مواقف مقابل مبالغ رمزية، مضيفاً أن “على المسؤولين إعادة تخطيط محافظة المحرق ككل لأن سوق المحرق منطقة صغيرة متصلة بالمحافظة التي تعاني من مشكلات عمرانية عملت على إخراج أهل المحرق الأصليين إلى مناطق بعيدة”. ارتفاع بأسعار البضائعوأثناء تجوالي بين المحال التجارية لسوق المحرق التقيت بعض الزبائن، ومنهم يوسف البوعركي الذي كان يشتري لأبنائه ملابس للعيد والمدارس “مرة واحدة”، والذي شكا من ارتفاع أسعار بعض البضائع وطالب بتوفير مواقف أكثر لرواد السوق.وفي أحد محال تفصيل الثياب التقيت عبدو محمد صالح الذي كان مع أبنائه وشكا أيضاً من ارتفاع أسعار أقمشة الثياب، وبالنسبة لمشكلة المواقف ذكر أنه أوقف سيارته بعيداً وجاء “إلى السوق في هذا الجو الحار مشياً على الأقدام”!وفي أحد محال بيع الحلوى التقيت سعد إبراهيم الذي جاء من السعودية لشراء الحلوى البحرينية وشكا أيضاً من ارتفاع أسعار البهارات!!وفي المحل نفسه التقيت عبد الله صالح – من السعودية أيضاً – الذي قال إنه حصل على موقف لسيارته بعد نصف ساعة من البحث!التطوير قادم.. ولكن!وضعت الملاحظات التي رصدتها في جولتي السريعة في سوق المحرق عند رئيس قسم الرقابة بإدارة الخدمات الفنية ببلدية محافظة المحرق وليد الذوادي فبشرني أن لدى البلدية مقترحاً تدرسه بجدية ضمن خططها الاستراتيجية بالتعاون مع ممولين ومستثمرين لتطوير منطقة السوق ضمن مخطط مستقبلي.بقية تفاصيل المشروع حدثني عنها رئيس مجلس بلدي المحرق عبد الناصر المحميد إذ أفاد أن هناك دراسة للأرض التي تقع خلف بريد المحرق وتم الاتفاق عليها لإنشاء بناء متعدد الطوابق كمواقف للسيارات، مشيراً إلى أن هناك رؤية لمنع دخول السيارات في بعض الأوقات إلى سوق المحرق، ورصفه بالطابوق على غرار سوق المنامة فيصبح بالتالي شكله أجمل وتسهل عملية صيانة شوارعه.وبالنسبة لاستملاك الأراضي قال المحميد: “تم استملاك الأرض خلف البنك العربي – سابقاً -، وبالنسبة لأرض بريد المحرق فإنها تستوعب عدد كبير من السيارات ونفكر أن نبني عليها موقف متعدد الطوابق، مشيراً إلى أن هناك توجيهات من سمو رئيس الوزراء لتعجيل الإجراءات بهذا الشأن”.ونوه المحميد إلى أن عملية استملاك الأراضي تأخذ وقتاً طويلاً وهذا ما تسبب في تفاقم أزمة المواقف والزحمة التي يعاني منها السوق.وذكر رئيس مجلس بلدي المحرق عبد الناصر المحميد أنه تم تقديم عدد من المقترحات بشأن توفير مرافق صحية مقابل جامع الملك حمد وتم رفعها إلى وزير البلديات بانتظار الموافقة عليها، مؤكداً أن مشاركة القطاع الخاص باتت ضرورية لإنجاز تلك المشاريع.
970x90
970x90