كتبت - عايدة البلوشي:
تشهد الأسواق في شهر رمضان إقبالاً كبيراً وتزاحماً لا يرى له مثيل.. فالجميع يشتري مواد قد تكفيه عدة أشهر، والنساء في الأسواق استعداداً للعيد، ومحلات الخياطة تعلن اكتفاءها بطلبات التفصيل، وكأننا في سباق، موجة الاستهلاك والشراء تقتحم أسوار الأسر البحرينية.. فهل أصبح رمضان شهراً للأكل والشرب وتنويع الموائد والتسابق في شراء الكماليات والأساسيات؟ وهل الاستهلاك في رمضان، هواية أم هوس؟ وما مظاهر هذا الهوس الاستهلاكي وتيار الشراء في رمضان وآثاره الاقتصادية والاجتماعية على الأسرة والمجتمع؟
استطلعت الوطن آراء المواطنين فيقول سلمان سعد: الحقيقة ما نراه من إحصائيات استهلاكية للمواد الغذائية وتزايد في كميات الشراء وتزاحم الأسواق في رمضان أمر مهول يفوق عدة أشهر فيما سواه، وهو ما يقلق كل إنسان عاقل يبحث عن مصلحة مجتمعه، فهل يعقل أن نصوم عن الطعام والشراب لنستهلك تلك الكميات ونكلف أنفسنا ما لا تطاق، أين نحن من قوله تعالى «وكُلُوا واشْرَبُوا ولا تُسْرِفُوا إنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِين»، لكن مع الأسف رمضان لم يصبح شهر الصوم، بل أصبح شهر الاستهلاك والشراء، فكم من الأصناف المختلفة تعد على مائدة الطعام وكم منها يؤكل؟ وكم يزيد عن الحاجة ويذهب بها إلى سلة المهملات؟ على الرغم من وجود إخوان لنا بحاجة لهذا الطعام والشراب.
ولكن السؤال الحالي هو هل الاستهلاك في رمضان هواية أم هوس؟؟!! يقول علي: أعتقد أن الاستهلاك أصبح هواية وهوس؛ وكأن رمضان أصبح للطعام والشراب دون النظر إلى المحتاجين، ومظاهر هذه العادة كثيرة منها شراء أنواع شتى من اللحوم والفواكه، ومع قرب العيد فالأمر لا يختلف كثيراً بل يزيد فالأم تذهب مع أبنائها لشراء ملابس العيد بشكل مبالغ وبطبيعة الحال هذا النوع من الاستهلاك يؤثر على الوضع الاقتصادي في البلد فإسراف الكثير من الأموال وحدوث الخلل في ميزانية الأسرة يؤدي إلى الخلافات الزوجية أو الديون.
ثقافة مجتمعية
أما نورة علي ترى: أن التسوق والإسراف الاستهلاكي في رمضان يرجع لثقافة مجتمعية خاطئة تعود للجهل برمضان وفضائله؛ وأنه شهر تربية على الإحساس بالفقراء من خلال الصيام والإحساس بالجوع، مشيرة أن للإعلانات التجارية الجذابة دور في تأجيج الأمر وعدم القدرة على ضبط الذات عند مشاهدة التخفيضات خاصة أن موسم التخفيضات يبدأ مع شهر رمضان بالإضافة لوجود بعض العادات عند بعض الناس كالتباهي بكثرة المأكولات والولائم وإلا فالصائم تكفيه بضع تمرات وكوب ماء أو لبن، خاصةً وأن الطعام الذي يزيد لا يؤكل وفي الصباح يرمى كونهم صياماً؛ لذا أعتقد أننا بحاجة إلى وعي استهلاكي لتوفير المبالغ التي غالباً ما نجد أنفسنا مجبورين على إضاعتها.
الديون المتراكمة
من جهتها قالت عائشة صالح: قبل بدء شهر رمضان نستعد له بميزانية خاصة، ونقوم بالنزول للأسواق لشراء كل ما يلزم من احتياجات في هذا الشهر الكريم، الذي اشتهر بكثرة الاستهلاك للمواد الغذائية وإعداد الحلويات، ولا يستطيع أحد منا أو من الأبناء الاستغناء عن هذه الطقوس التي باتت معروفة طوال الشهر الكريم.
وتضيف: لا يمر علينا رمضان كل عام إلا بمشاكل في الميزانية لزيادة النفقات بشكل مبالغ فيه، مما يجعل زوجي يلجأ إلى «سلفة» ويستدين من أهله حتى يستطيع الوفاء بمتطلبات المنزل وملابس العيد للأطفال، خاصة مع قرب العيد تزيد المطالب.
الخلافات الأسرية
ومن جانبه يقول سمير إسماعيل: الشراء والاستهلاك ظاهرة اجتماعية تتفاقم في شهر رمضان من قبل الأسرة في المجتمعات العربية والخليجية بشكل خاص، هذا ما نلمسه في واقعنا البحريني حيث تستعد الأسر البحرينية قبل رمضان بعدة أيام لشراء كافة احتياجاتها، وتتواصل موجة الشراء هذه طوال أيام الشهر، ويزيد الترف فيها مع «القرقاعون»، ويتواصل مع قرب موعد العيد لشراء ملابس الأطفال و»قدوع» العيد.
ويضيف: هذه السلوكيات الاجتماعية حتماً تؤدي إلى خلافات اجتماعية ومشاكل بين الزوجين بالإضافة أن المبالغة في الإسراف والشراء عادة خاطئة يحثنا ديننا الإسلامي عن الابتعاد عنها.