تشكل الاحتفالات التي تواكب “ليلة القدر” التي أحياها المسلمون، مصدر رزق لتجار القدس الشرقية المحتلة وتنعش اقتصادياً واجتماعياً المدينة المقدسة التي يدخلها في هذه المدينة وحدها مئات الآلاف من المصلين والمتسوقين.
وقال أحد تجار المدينة أكرم القاسم إن “ليلة القدر تحيي القدس وتجلب لنا الرزق”.
وأضاف أن ليلة القدر التي يحييها المسلمون ليلة السادس والعشرين إلى السابع والعشرين من رمضان “لم تعد تحمل معنى دينياً فقط بل أصبح لها معنى اجتماعي. فهي تفك عزلة المدينة لأن الفلسطينيين يحضرون ليس للصلاة بالمسجد الأقصى والتعبد فحسب بل للتجول والتسوق فيها”.
وقدر مدير أوقاف القدس الشيخ عزام الخطيب عدد الذين دخلوا المدينة في ليلة القدر “بأكثر من 400 ألف شخص” بين متسوق ومصل، مؤكداً “نحن مسرورون لأن الأمور سارت كما ما يرام لم يحدث هذا من قبل”.
وكان اقتصاد المدينة يعتمد أساساً على القرى المحيطة بها. وتم عزلها بالجدار الفاصل الذي تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية إلى جانب عدم السماح للفلسطينيين بالدخول إلى القدس إلا بتصاريح خاصة.
لذلك، يجد التجار المقدسيون الذين يعانون طوال العام من الكساد الاقتصادي، في ليلة القدر فرصة لإنعاش المدينة اقتصادياً.
وقال جهاد عابدين، أحد الباعة في محل لبيع الملابس الرجالي “حضرت لمساعدة خالي في البيع لأن العشر الأواخر في رمضان وليلة القدر بالذات تحرك المدينة بأكملها”.
وأضاف أن “الحركة التجارية تصبح نشيطة جداً بدءا من البسطات وانتهاء بالمحلات التجارية التي لا تغلق أبوابها لا في الليل ولا في النهار”.
وتابع أنها مناسبة لإحياء الحياة الاجتماعية، موضحاً أن “القادمين من الضفة الغربية يزورون أصدقاءهم وأقرباءهم في القدس ويحضر المسلمون من عرب 48”.
وأشار إلى أن إسرائيل “لا تسمح للفلسطينيين بدخول القدس والبقاء فيها كل الليل بدون تصريح خاص إلا في ليلة القدر”.
ولم تسمح إسرائيل سوى للفلسطينيين الذين تجاوزوا 40 عاماً من العمر بإحياء ليلة القدر في المسجد الأقصى.
وقالت ناطقة باسم الشرطة الإسرائيلية إنه “سمح للأطفال حتى سن 12 عاماً أيضاً بالمشاركة بدون حاجة للحصول على أي تصريح خاص ولم تفرض أي إجراءات أو قيود خاصة على دخول المسلمين مواطني دولة إسرائيل للصلاة وإحياء ليلة القدر”. وازدحمت مداخل المدينة القديمة بالوافدين ما أدى إلى بعض الفوضى وسط بسطات الفاكهة والطعام والملابس على كل بوابات القدس.
وقالت بسمة حمد التي قدمت من مخيم قلنديا، “هذه أول مرة أدخل أنا وأولادي الصغار وقريباتي من المخيم” إلى القدس.
وأضافت هذه السيدة بنبرة حزينة أن “ولدي اللذين يبلغان من العمر عشرة أعوام وتسعة أعوام يشاهدون للمرة الأولى في حياتهم مدينة القدس والمسجد الأقصى، تناولنا الإفطار والسحور في المسجد الأقصى”.
وأشارت إلى أن “إسرائيل لا تسمح لنا بالدخول إلا بتصاريح خاصة لكن هذا اليوم سمحوا بدون أي مشكلة”.
والأمر لا يقتصر على الفلسطينيين المسلمين، بل قدم آخرون من الخارج لإحياء ليلة القدر في المدينة المقدسة.
ففي فندق الهاشمي في البلدة القديمة، قال موسى بادات إنه يعمل مرشداً لحوالي مائتي مسلم قدموا من جوهانسبورغ “للصلاة في المسجد الأقصى في العشر الأواخر من رمضان وخصوصاً ليلة القدر”.
وأضاف “أحيينا ليلة القدر في المسجد الأقصى. هذه ليلة جميلة ومقدسة وهذا اليوم من أفضل أيام السنة لقضائه في رحاب المسجد الأقصى وسنرجع إلى جوهانسبورغ في أول أيام العيد”.